كتب واصدارات

أمي .. لقد قرأت لك

moamar habarمقدم الإبن المطيع: طاعة الأم ذات أوجه متعددة مختلفة، ولعلّ قراءة كتاب عن الأم، يزيد في الطاعة والقربى يعتبر وجه من هذه الأوجه، خاصة وأن طاعة الوالدين تمتد لما بعد الموت، وتلحق الأبناء والأحفاد. وقد كتبت البارحة على صفحتي، أقول ..

أشرع الآن في قراءة كتاب أهداني إياه الأستاذ Farid Bouguerra، بعنوان "يظل الرجل طفلا حتّى تموت أمه"، للأستاذ السعودي صالح بن الحسين العايد، دار كنوز إشبيليا، الطبعة 12، سنة 1432 هـ، المملكة السعودية، من 180 صفحة.

قرأت الكتاب وأنهيته، فوجدت الكاتب يتحدث عن أمي قبل أن يتحدث عن أمه. فقد لمست حنان أمي وعظمتها عبر صفحاته، وهو يصف أمه الكريمة. وعبر 180 صفحة من صفحات الكتاب، كانت هناك قواسم مشتركة، جمعتني بالكاتب جول ماأصابنا من مصيبة موت الأم، وهي..

موت الأم، و50 سنة من العمر مرت في أحضان الأم، ودعاء مستمر، وذرية طيبة، وصبر جميل، ومقالات كتبها الإبن عن الأم، ومطالبة القراء بتحويلها إلى كتاب، نزيف حاد أصاب الأم، أخ بار بالأم يخبر عن وفاة الأم، حفيد مفضل لدى الأم.، وبعض العيوب التي لمسها في المستشفى وإن كنا رأينا أفضع منها وخصصنا لها مقالات عديدة، وإعتماده على غيره من الذين أصيبوا بمصيبة موت أمهم، فينقل عنهم مايخفّف الجراح ويضمد آهات الصدور. هذه هي النقاط التي تجمعني بالكاتب، وكانت حافزا لمواصلة القراءة والانتهاء منها في نفس الجلسة. وقد عبّر الإبن القارئ، وهو يطوف عبر صفحة 50 من الكتاب، بقوله..

مازلت أشترك مع الأستاذ السعودي صالح بن الحسين العايد، فيما قسمه الله لنا في الغيب. أنا الآن أبكي، كلما صادفت صفحة تشبه صفحتي وحالة كحالتي في فقد الأم. ياأستاذ، بكيت وأبكيت، أعذروني إذا إقتحمت صباحكم بالدموع، فإن فقد الأم ينسي صاحبه الليل والنهر، والصباح والمساء.

يعبّر الكاتب مابداخله في صفحة 61 من كتابه فيقول.."لاأعرف اليوم أما كأمي رحمها الله، فما أمي كمثل الأمهات ". ولا يملك الإبن القارئ إلا أن يقول له صدقت أيها الإبن البار. ويقول عن نفسه "لاأعرف اليوم أما كأمي رحمها الله، فما أمي كمثل الأمهات ". وكذلك قال ذلك القراء من قبل ومن بعد.

يتساءل الكاتب في صفحة 75، قائلا.. "فهل كلّ له أمّ كأمّي؟"..

وأنا كذلك سألت نفسي من قبل ومن بعد .. فهل كلّ له أمّ كأمّي؟..

وأكيد سبقتم القارئ والكاتب بسؤالكم .. فهل كلّ له أمّ كأمّي؟.

قال الكاتب السعودي في صفحة 78 ، نقلا عن إبنه.. "لقد مات الشفيع الذي لايرد"..

ويقول الإبن القارئ مدعما ومتأثرا.. يارب، أنت أعلم بحالي أن الأم التي كانت تشفع لي، هي الآن في حضرتك المقدسة، فلا تتركني بلا شفيع، فأنا لاأملك غيرك، وأنت خير شفيع. فكن شفيعا لأمي، برحمتك ياأرحم الراحمين.

نقل الكاتب السعودي في صفحة 103، بيت شعر يقول صاحبه.. "فإنّ اليتيم الكهل أعرف باليتم". الحمد لله قلنا ذلك قبل قراءتنا للكتاب، حين كتب الإبن القارئ عقب موت أمه ، قائلا..

"اليتيم .. من غابت عنه أمه، ولو كان أب لأربعة.". ونقر، أن هذا اليتم هو الذي دفع الإبن لقراءة الكتاب، وقبوله هدية من زميله فريد.

تحت عنوان "دمعت على قبر أمي"، ظل الكاتب السعودي يدعو لأمه عبر صفحات 104-112، ووقفت وراء الأسطرأبكي بكاء اليتيم وأقول آمين، وأزيد عليها..

اللهم إمنح أمي مثلها، ووفق اللهم عبدك الذليل، والكهل اليتيم، أن يدعو لأمه، بما دعا به السعودي صالح العابد لأمه بصالح الدعاء.

خاتمة الإبن والكتاب.. أنتهي اللحظة من قراءة كتاب "يظل الرجل طفلا حتّى تموت أمه".. للأستاذ السعودي صالح بن الحسين العايد..

إستطاع الكاتب أن يحي في النفس آلاما، حاول الإبن أن يخفيها فطفت كلّما مر على سطر من كتابه. بكى وأبكى القارئ معه. وأبدع بلغة سهلة لايرقى إليها إلا الكبار. وصف مافي الصدور فأدمى الصدور. أهدينا ثواب ماأبكانا مرار إلى..

أمي رحمة الله عليها، عسى أن يصلها الثواب والهدية على طبق من ذهب. وإلى الأم التي أنجبت صالح بن الحسين العايد، وأحي ذكراها بذكرها. وإلى زميلنا الكاتب Farid Bouguerra الذي آزرني بهديته. وإلى أمهات المسلمين جميعا. وإلى القراء الذين إكتووا بجمر فراق الأم، أهدي لهم كتاب "يظل الرجل طفلا حتّى تموت عسى أن يجدوا فيه ماوجدت مما يشفي الجراح، ويضمد الآهات، ويعين على فقد الأم.

هذه المرة، لن أنتقد الكاتب والكتاب، كما فعل القارئ المتتبع مع كتب عديدة مختلفة، لأن الكاتب السعودي صالح بن الحسين العايد، تطرق في كتابه لحديث القلوب، والأم أعزّ الأشخاص، ووافق قلبا يدق على نفس الخطى، ووجد بداخله نفس جرح فراق الأم، فهتف إليه يواسيه..

لست وحدك في مصيبة في فقد الأم، فتقبل مني عزاء الحبر والأسطر، وأبلغ أمك الغالية أم عبد الله ، أن إبنها معمر حبار إبن فاطمة الزهراء حارم وأحمد حبار، يبلّغها السّلام، ويدعو لها بما يدعو لأمه دوما.

 

معمر حبار

في المثقف اليوم