كتب واصدارات

العراقيون في كتاب: الادب الروسي والعالم العربي (5)

هذه هي الحلقة الخامسة في سلسلة مقالاتي حول العراقيين في كتاب – الادب الروسي والعالم العربي، الذي اصدرته أكاديمية العلوم الروسية عام 2014 بقلم الاستاذة الدكتورة الميرا علي زاده . نتوقف في هذه الحلقة عند بعض الاسماء التي تناولتها الباحثة في هذا المجال والتي أشرنا اليهم في الحلقة الاولى من هذه المقالات.

نتناول اولا اسم عباس خلف، الذي جاء مرة واحدة فقط في ص. 181 باعتباره مترجما لمقالة بعنوان (دستويفسكي والمسرح) المنشورة في مجلة الاقلام عام 1987 (في العدد الخاص بالمسرح)، وتشير الباحثة الى الهامش الذي كتبه المترجم حول المقالة تلك وانها مستلة من كتاب صادر في لينينغراد (بطرسبورغ حاليا) عام 1983 بعنوان - دستويفسكي والمسرح . لا توجد غير هذه الملاحظة عن عباس خلف في هذا الكتاب . لقد اصدر عباس خلف عدة كتب مترجمة عن الروسية في بغداد (منها مجموعة من القصائد الروسية ورواية لجنكيز آيتماتوف) ونشر الكثير من المقالات المترجمة في مجلة الاقلام بالذات حول الادب الروسي اثناء دراسته العليا في جامعة فارونش الروسية قبل تفرٌغه للعمل السياسي في تسعينيات القرن العشرين في رئاسة جمهورية العراق (اصبح آخر سفير للعراق في موسكو قبل عام 2003)، ومن نافل القول ان نشير هنا الى ان تلك الكلمات القليلة جدا و التي جاءت في هذا الكتاب حوله لا تعبر بشكل متكامل ودقيق عن دوره في هذا المجال .

الاسم التالي الذي نتوقف عنده في عرضنا هذا هو غازي العبادي، والذي جاء اسمه ايضا مرٌة واحدة لا غير في ص.179 باعتباره مترجما لمقالة عنوانها – (دستويفسكي وكانط – من الذي قتل العجوز كارامازوف ؟) والتي نشرها في مجلة الاقلام عام1979 العدد 12 . غازي العبادي اسم كبير في دنيا الثقافة العراقية، فهو واحد من اوائل الخريجين العراقيين في كلية الآداب بجامعة موسكو، وساهم في حركة ترجمة الادب الروسي الكلاسيكي والمعاصر في العراق عن اللغة الروسية مباشرة، خصوصا اثناء عمله في الصحافة العراقية (انظر مقالتنا عنه بعنوان – عن بعض العراقيين الذين مروا بموسكو – 12)، ولا يمكن طبعا اختزال مكانته في هذا المجال بتلك الاشارة فقط في هذا الكتاب .

الاسم الثالث الذي نتوقف عنده في هذه الحلقة هو حسن البياتي، وجاء اسمه ايضا مرة واحدة فقط في ص.182، لكن الباحثة أشارت في سبعة سطور عنه الى تفصيلات حول مكانة حسن البياتي في دنيا الثقافة في العراق والى انه احد خريجي جامعة موسكو وانه شاعر ومتخصص في الادب، والى ان دار المأمون قد أصدرت بترجمته رواية ايفان اوخانوف - (زبد الحديد)، وانه قد ترجم عن اللغة الروسية العديد من الدراسات ونشرها في مجلات بغدادية (هكذا تسميها المؤلفة) مثل آفاق عربية و الثقافة الاجنبية والتراث الشعبي، ولكنها لم تذكر اي مثل محدد لذلك، وعلى الرغم من انها لم تشر الى ترجماته العديدة الاخرى (وخصوصا لترجماته من الشعر الروسي المعاصر)، الا انه يمكن القول بلا شك ان الصورة التي رسمتها المؤلفة لحسن البياتي في مجال ترجمة الادب الروسي في العراق كانت صحيحة و موضوعية وشبه شاملة تقريبا لمكانته في الحياة الثقافية .

الاسم التالي الذي نتناوله هنا هو علي الشوك، الذي جاء اسمه مرتين في هذا الكتاب ، الاولى في ص.177 باعتباره مترجما لاحدى قصص دستويفسكي المنشورة في مجلة الاقلام عام 1970 العدد التاسع، والثانية في ص.380 باعتباره مترجما لمقالة بعنوان – (تولستوي وتورغينيف)، المنشورة في مجلة – (الثقافة الجديدة) لعام 1995 العدد 6-7، وهي مقالة مستلة من كتاب هنري ترويا في كتابه بعنوان – (تولستوي) الصادر عام 1965 في فرنسا. لا يوجد تعريف في ذلك الكتاب لعلي الشوك، هذا الاسم المتميٌز والمتفرٌد والكبير بكل معنى الكلمة في دنيا الثقافة العراقية، وبالذات حول دوره في نشر الادب الروسي في العراق، فقد كتب علي الشوك مقالات ودراسات عميقة جدا حول ليرمنتوف وأخماتوفا وغيرهم من الادباء الروس وساهم مع امجد حسين وغانم حمدون بترجمة رواية شولوخوف المعروفة - (الدون الهادئ)، ولا توجد – مع الاسف الشديد – اي اشارة الى كل تلك الوقائع   المهمة في مسيرة الثقافة العراقية .

نتوقف الان عند شاكر نوري، والذي جاء اسمه ايضا مرة واحدة فقط في ص.176 باعتباره قد نشر مقالة بعنوان – (بوشكين – الممثل الاول للواقعية) في مجلة الاقلام عام 1973 العدد الخامس . لا تكفي هذه الاشارة للتعريف بشاكر نوري طبعا، الروائي والمترجم والصحفي ، والذي غالبا ما نجد في كتاباته الاشارة الى الادباء الروس واهميتهم العالمية، وهو مترجم كتاب حول الشاعر برودسكي عن الفرنسية بعنوان – (محاكمة برودسكي).

نتناول الكاتب نجيب المانع في هذا العرض، والذي جاء اسمه مرة واحدة فقط في ص.205 من ذلك الكتاب . لقد أشارت المؤلفة الى ان سلسلة (الالف كتاب) قد اصدرت بترجمة نجيب المانع كتابا بعنوان – (تولستوي)، وهو مجموعة من المقالات النقدية من اعداد وبمقدمة من المتخصص الامريكي ميتلو . وهذا كل ما جاء في هذا الكتاب حول نجيب المانع ليس الا، دون الاشارة الى أهمية هذه السلسلة وقيمتها في دنيا الفكر العربي، وان اصدار هذا العدد في مسيرتها لكاتب عراقي يعني الكثير من الاهتمام باسم هذا الكاتب واهميته . ان نجيب المانع هو اسم كبير جدا في عالم الثقافة العراقية، وقد أصدرهذا الكتاب الذي تشير اليه الباحثة دون اي تعليق منها، وهو كتاب مهم جدا جدا في مجال الادب الروسي في العالم العربي و يمكن القول انه لا زال - و لحد الان - يمتلك اهميته ، علما ان نجيب المانع قد ترجم كتابا آخرا و مهما جدا في الادب الروسي بعنوان – (دستويفسكي) بقلم ويليك رينيه وتم نشره عام 1967، والذي لا زال ايضا يمتلك اهميته لحد الان ، ولم تشر اليه – مع الاسف - مؤلفة الكتاب بتاتا . ان نجيب المانع هو أحد الاسماء المتميزة والكبيرة في مسيرة الثقافة العراقية المعاصرة، وقد استطاع ان يؤدي دورا كبيرا في تلك الثقافة ومن جملتها - موضوعة الادب الروسي في العراق وفي كل العالم العربي بشكل عام، ولا يمكن ابدا اختزال دوره واهميته وقيمته في تلك السطور القليلة جدا، التي جاءت حوله في هذا الكتاب . انه جدير ان تتوقف عنده الباحثة وان تتحدٌث عن اهميته الكبيرة وقيمته في مسيرة الثقافة العراقية المعاصرة.

  

أ.د. ضياء نافع

 

في المثقف اليوم