كتب واصدارات

واقبل الخريف مبكرا هذا العام

adnan almshamshصدر عن دار شمس في القاهرة رواية "وأقبل الخريف مبكرا هذا العام" للكاتب العراقي المهجري قصي الشيخ عسكر. الرواية تتحدث عن شاب مغترب يحاول أن يندمج بالمجتمع الدنماركي فيحصل على عمل في شقة شخص مريض

عندما يدخل الشقة ويطل من الشباك يقع بصره على مقبرة "الاستر بورت" التي يمر بها كل يوم على دراجته في طريقه إلى المدرسة لكنه لايلتفت إليها أما الآن فيرى العلم الأمريكي واضحا عن يمين المقبرة والعلم السوفيتي ثم يعرف بعدئذ حين يستطلع المكان أن سفارتي كل من بريطانيا وإسبانيا تحيطان بها من الجانب الجنوبي .. المقبرة السلحفاة... المدرعة.. المكان ليس من عالم الخيال بل هو حقيقي في كوبنهاغن والبطل نفسه يستغرب كونه لم يكتشفه من قبل حين كان يمر به كل يوم.... بلاشك أنه رأى العلم الأمريكي أو الروسي غير أنه رآهما مثل بقية الأشياء التي لاتلفت النظر.. بطل الرواية وبطلة شابة دنماركية الحفيدة والعجوزالذي سوف يدفن في المقبرة. إن هناك من يحاول أن يعاند الزمن ويتحدى العمر ويستلهم الخيال والأثر العربي في مدينة كوبنهاغن.أيضا مدينة الألعاب الشهيرة التي بناها القنصل الدنماركي في القرن التاسع عشر بعد أن عاد إلى كوبنهاغن ليظل يعايش أجواء الشرق. هذه المشاهد والمشاعر يمكن أن تختفي بضغطة واحدة على الزر من قبل بريجينيف أو رينالد ريغن و في هذا الإطار تدور تتحدد علاقات البطل وأمانيه وآماله سواء علاقته مع مخدومه المريض او مع حفيدته.. لاسيما أن الجانب الواقعي في الرواية لم يتحدد بالبطل والمقبرة المدرعة بل في شخصية العجوز المريض الذي يجد نفسه زمن الاحتلال النازي للدنمارك ينخرط في المقاومة من دون وعي..كان يسكن في في مزرعة في إحدى ضواحي كوبنهاغن فيسمع صوت اصطدام وإذا به أمام طائرة أمريكية هبطت هبوطا اضطراريا في المزرعة وعلى متنها بعض الملاحين الذين كانوا يظنون أنهم هبطوا في السويد البلد المحايد.

837-QUSAIكيف يتم تهريبهم من الدنمارك إلى السويد؟

الكاتب صرح لدار شمس إنه حصل من عائلة العجوزالدنماركي المتوفى على صورة للطيارين وكتاب شكر من الرئيس الأمريكي لكنه لم يجد ضرورة لتوثيق الرواية بمثل هذه الوثائق لأن روايته ليست توثيقية بقدر ماهي استلهام للواقع بشكل نص أدبي روائي ذي تدفُقٍ متناغم وتقنية ذات إمكانات فنية عالية.

لعلنا لانبالغ إذا قلنا إن الرواية عزفت سمفونية الحرب الباردة بين مقبرة " الاستر بورت" ومدينة الالعاب عبر شقة رجل عجوز من مخلفات الحرب العالمية الثانية ينتظر الموت!

عن الرواية تقول الناقدة السورية الكبيرة الدكتورة هدى صحناوي:

 

يـُعـَدُ قصي الشيخ عسكر معلما بارزا من معالم الأدب العربي المعاصر من حيث العموم والأدب العربي المهجري بصفة خاصة.لقد كشف الباحث المصري المعروف والأكاديمي الناقد الدكتور يوسف نوفل للقاريء العربي عن حركة شعرية مهجرية معاصرة فألف في ذلك معجما مهما عن شعراء المهجر، ووجدته يشير في أكثر من مناسبة ومقابلة إلى المرحلة المهجرية الحالية فيضع قصي الشيخ عسكر في مقدمة شعرائها الأمر الذي دعاني إلى تأليف كتاب عن هذا الشاعر درست فيه مجموعته الشعرية " رحلة الشمس والقمر" وأشرت إلى أنه يعد بحق رائدا للشعر المهجري المعاصر.

لكن قصي الشيخ عسكر وإن عُرِف شاعرا إلا أنه في الوقت نفسه قاص متمكن وروائي فذ استطاع أن يؤسس عن دربة واقتدار فنا روائيا مهجريا اغترابيا سواء في في حقل الخيال العلمي أو المهجري الاغترابي والحجة فيما نقول روايته التي بين أيدينا التي نشعر في أثناء قراءتها أننا نسمع كلماتها عبر البصر فكأنما هي قطعة موسيقية عذبة أو سمفونية معبرة توفرت فيها كل مقومات الإبداع الفني فليس قليلا على هذا الشاعر والأديب أن يحمل لقب " رائد الأدب المهجري المعاصر" وإنه به لجدير.

ويقول الكاتب قصي الشيخ عسكر ضمن ملحق أو إشارة جاءت في نهاية الرواية:

من الأمور المهمة التي وددت الإشارة إليها قضية اللقب الموجود تحت اسمي" رائد الأدب المهجري المعاصر" ذلك اللقب الذي منحني إياه الإخوه النقاد والمهتمون بشؤون الأدب في كل من مصر وسورية وأول من لفت الأنظار إلى هذه المسألة هو الناقد المصري والأكاديمي الشهير الدكتور يوسف نوفل الذي تحدث في ندوة عن الشعر المهجري المعاصر وعدني على رأس الموجة الثالثة المعاصرة في بلاد المهجر تلك الموجة التي لم تحظ بالشهرة الكافية التي حظيت بها الموجة الأولى التي بدأت بجهود جبران خليل جبران وكرر الدكتور نوفل ذلك في مقابلة أجراها معه خالد البيومي لجريدة الراية القطرية حيث قال إن موسوعته الشعرية عن أدب المهجر أزاحت الستار عن حركة جديدة للشعر المهجري لايعرفها أحد وذكر اسمي في طليعة شعراء أدباء المهجر ثم نشر مقالا في جريدة الاهرام بعنوان" أدباؤنا العرب سفراؤنا في الخارج" عدني فيه واحدا من سفراء الثقافة العربية المنتشرين في بقاع الأرض، وكررت قوله جريدة " مؤسسة جذور الثقافية أيضا" وصحف أخرى غيرها،وورد الأمر على لسان آخرين.

إن تكرار الدكتور نوفل لاسمي في أكثر من مقابلة دفع بجريدة الثورة السورية أن تضع عنوانا لمقابلة أجراها معي السيد هاني الخير هو " قصي الشيخ عسكر وريادة أدب المهجر" ثم تحدثت معي أستاذة الأدب العربي في جامعة دمشق الدكتورة الفاضلة هدى صحناوي عن أنها ألفت كتابا أكاديميا عني تذكر فيه ريادتي لأدب المهجر الحالي وإن الكتاب قيد الطبع لكني حين أذكر الجانب الإيجابي سواء في سورية أم العراق فلا بد لي من أن أذكر أيضا الجوانب السلبية والمؤسسات التي حاولت أن تخفي كل ماهو جميل وجدير بالنشر مثل مؤسسة اتحاد الكتاب العرب التي لم تكن لترغب في النشر لي وقد وضعت أشبه بقرار منع أو فيتو عن نشر أعمالي لا لسبب إلا لكون المسؤولين عنها لايدعمون إلا من يتودد إليهم وهي عادة اشتهر بها وتربى عليها بعض ضعاف النفوس فأصبحت نهجا لكثير من المؤسسات في بلادنا العربية ومنها إضافة إلى اتحاد الكتاب العرب في سورية المؤسسات الثقافية العراقية التي نشهد أنها تعيش حالا من التقوقع بين الحزبيات الضيقة والنعرات الطائفية والعشائرية ذلك المرض الذي فاحت رائحته علنا واستعصى على أي علاج. .

أما عن هذه الرواية فأود القول إني كتبتها منذ عام 1986 غير أني لم أنشرها في حينها لأسباب خارجة عن إرادتي. إن هناك حوادث واقعية غير اني لم ألتزم بالواقع كما كان أو كما هو لأن التزام الكاتب بالواقع مثلما حدث يخرج النص من كونه نصا أدبيا ويدرجه ضمن التاريخ والكاتب ليس بمؤرخ لكنه يستلهم التاريخ في صياغة نصه الأدبي.

 

الناشر / عدنان المشيمش

في المثقف اليوم