كتب واصدارات

كتاب ا. د. سعيد جاسم الزبيدي من معجم الجواهري

qusay askarلعل من يقرا شعر الجواهري يجد صعوبة ما في فهمه ومعرفة صوره وتشبيهاته ما لم يرجع في كثير من المواضع الى القواميس اللغوية والمعاجم التي تختص بالمفردات واشتقاقاتها لكون الجواهري شاعرا يستند الى التراث في تركيب صوره الشعرية ومعانيه وتقديمها باطار عصري جديد.

وفق هذا المنظور انصب  جهد الاستاذ الباحث الدكتور سعيد الزبيدي أستاذ النحو العربي بجامعة نزوى ليقدم للمكتبة العربية كتابا جديدا عنوانه (من معجم الجواهري) جمع فيه ووثق ودرس الفاظ الجواهري التي قدمها لمحبي شعره ودارسيه بقالب جديد يتتبع جذر الكلمة اللغوي والصرفي وكيفية تصرف  الجواهري في اللغة من  خلال مقدرته على استيعابها واضافته معنى جديدا او أزاحها نحو معنى جديد اخر.

859-jawahriيبدأ الكتاب بتقديم  للاستاذ الدكتور طارق الجنابي الذي طالب من المعجميين اللغويين ان يؤلفوا المعاجم في لغة الشعراء المعاصرين لان القدامى أهدروا كثيرا من كلمات الشعراء وانتخبوا منها مايناسبهم تأتي  بعد ذلك كلمة المؤلف اذ تحدث فيها عن علاقته بالجواهري والكبيرين اللذين رافقاه في زيارته الى جامعة الموصل وهما الراحلان الدكتور مهدي المخزومي والدكتور علي جواد الطاهر وعن تكليفه من قبل رئيس جامعة الموصل هو والدكتور عبد الرضا علي لجمع مادار في الأمسية التي نظمتها الجامعة للجواهري وطبعه  ثم وضح المؤلف ان فكرة المعجم كانت تراوده زمن اعداده رسالة الماجستير.

بعد التقديم والمقدمة المهمتين يباشر الدكتور الزبيدي معجمه وفق الترتيب الهجائي  فنعرف ان الكلمات تندرج ضمن الإحصاء ادناه:

حرف الألف   ١٠        حرف الباء  ١٨                الضاد      ٧                    اللام     ٧      

التاء        ٤             الثاء       ٣                  الطاء         ٨                  الميم         ٩

الجيم    ١٠               الحاء   ٢٢                    الظاء       ٣                     النون  ٢٣

الخاء    ١٢               الدال      ٩                 العين         ٢٤                   الهاء   ٦

الذال     ٨              الراء       ٣١                الغين       ١٧                     الواو١٤

                                                             الفاء          ١٧

الزاي    ٦              السين     ١٨               القاف        ٩                     الياء ١ كلمة واحدة

الشين       ١٨          الصاد      ١٧             الكاف      ٨

 اي ان  مجموع المفردات  بلغ ٣٣٩ كلمة  بل بيتا من الشعر فالمؤلف بهذا العمل المعجمي أعطى للقاريء فكرة عن طبيعة شعر الجواهري اللغوية، ويدل الامر على الجهد الزمني الذي بذله في جمع مادته التي لابد ان تكون اضطرته ان يراجع شعر الجواهري كله ويتمعن فيه وينعم النظر  مرات ومرات حتى اخرج هذه المفردات ليوضح اشتقاقاتها وتصريفها واراء اللغويين فيها القدامى منهم والمحدثين. من خلال ذلك نفهم طرق الجواهري اللغوية من التامل في المفردة في خلق صوره الشعرية وابتكار المعنى من هذه الطرق التي كشفها لنا المعجم الوسائل التالية:

اولا: التوسع في اللغة:

مثل صفة الابيق يستشهد الباحث بالبيت :

وفروا خفافا فرار الابيق.       يحن الى ربقة الأسر

ثانيا :توليد الكلمات بالاستفادة من المساحة الصرفية في علم الصرف الذي أغلقه القدامى وفق موازين وضعوها أصبحت معروفة شانها شان قواعد اللغة . يقول الجواهري:

مألومة غير مشكور لها سهر   على الحقوق ولا مرعية ذمم

ويقول الدكتور سعيد الزبيدي في اثناء تعليقه على البيت استنادا الى كتاب العين " اشتق الجواهري من الثلاثي اسم مفعول (مألومة) بدلا من متألمة، وهو تصرف جريء".

ثالثا: التزام قواعد بعض لغات القبائل مثل لغة قبيلة بني أسد والخروج عن اللغة السائدة المألوفة "لغة قريش":

وبت ترى مصر اسيانة     تناغي بها مجدها المندثر

فقد استعمل الجواهري اسيانة على لغة بني أسد وليس اسيى على وزن فعلان فعلى.

او كقوله " متعوب" الذي اتبع فيه لغة بني تميم لان الكلمة من تعب ونقول تعب بفتح التاء وكسر العين ومتعب بضم الميم وسكون وفتح  يقول الجواهري:

هواجسا عن فؤاد منك متعوب

رابعا : عالمية الكلمة

لاطلاع الجواهري الواسع  على اللغة العربية من اصولها التراثية فانه  احيانا يختار مفردات عربية تشترك  اللغة العربية فيها مع  لغة اخرى فقد أشار الباحث الزبيدي الى كلمة تحريش يقول الجواهري :

وأوسعها الرذاذ السمح لثما    ففيها من تحرشه اضطراب

فالحرش والتحريش هو أغراؤك إنسانا والتحريش الاغراء بين القوم والكلاب  وفق معاجم اللغة التي يورد ذكرها الدكتور الزبيدي ، اما في  في وسائل الاعلام البريطانية ومنها التلفاز فتتردد كلمة التحرش harsh وفي الدنماركية harsk وهناك قانون في بريطانيا ضد التحرش ويعنون به التعرض للفتيات بكلام او غيره لان التحرش وان كان لفظيا فان فيه نوعا من القسوة  وقد جمع الجواهري المعنيين في بيته الذي أورده وهو من قصيدته " يافا الجميلة":

وأوسعها الرذاذ السمح لثما  ففيها من تحرشه اضطراب

أللثم نوع من الإغواء لطيف والتحرش والاضطراب فيهما عنف.

اي ان ما يثيره الجواهري فينا من حس لتتبع المفردة في اصولها القديمة يدفعنا ايضا الى ملاحظة موقعها عالميا اما مسالة أصل هذه الكلمة أهو عربي ام لاتيني ام جرماني فهذا مبحث اخر يندرج تحت عنوان الكلمات المشتركة بين العربية واللغات الاخرى.

 

خامسا: الاشتقاق الحديث

سوف نتحدث عن الاشتقاق والغلط الشائع  في الترقيم السادس اما الاشتقاق الحديث لما يرد من اسماء اجنبية وأسماء أماكن وشعوب كما اشتق الجواهري المفردات التالية من اصولها غير العربية:

تتركوا تارمنوا    تنكلزوا تهودوا

نقول اشتقاق كالمفردات السابقة تقبله لغتنا العربية لكون الكلمات المذكورة أعلاه لها خصوصية معينة واية لغة تظل حية لابد ان تستوعب المعاصرة والتحول وما يجري ضمن سياق التطور وما يلبي رغبة ابنائها وحاجتهم للتواصل مع الامم الاخرى ونظرتهم لتلك الامم وثقافتها لكن الموضوع يختلف  تماما حين نتطرق الى قضية الخروج عن القياس فيما يخص الموازين اللغوية والصرفية للغة العربية نفسها وهو الترقيم الآتي في مقالتنا هذه.

 

سادسا: الإزاحة والخطأ الشائع

  عنوان الإزاحة replacement دخل اللغة العربية متاخرا ، والخطأ الشائع هو المصطلح المألوف عند المختصين في اللغة مثل الدكتور مصطفى جواد والأستاذ محمد جواد جلال ان الحديث عن الخطا. الشائع يعود الى  أربعينيات القرن الماضي حين كان المرحوم مصطفى جواد  يصحح الالسن عبر برنامجه الاذاعي الشهير " قل ولا تقل "  .اتذكر في ستينيات القرن الماضي حين كنت ادرس شعر أمريء القيس وبقية شعراء عصر مقابل الاسلام والصرف والنحو والمنطق وشعر الجواهري على يد استاذي الكبير المرحوم محمد جواد جلال وقتها لم يكن موضوع الإزاحة قد استقر بصفته مصطلحا بعد ففي ذلك الوقت حمل  اللغويون مايخرج عن القواعد الصرفية وما يخرج بالكلمة من معناها الأصلي الى معنى اخر لاعلاقة له بالمعنى الاول هو من الغلط الشائع  والسبب هو انه بعد مرحلة نضج اللغة التي استقر كمالها  بعد العصر الأموي والعصر العباسي الاول جاءت مرحلة  عصر التدوين القومي للأمة ووضع قواعد اللغة والصرف والاتفاق على معاني الكلمات من قبل العلماء المختصين فلا يمكننا ان نتلاعب بتلك القواعد والاصول التي وضعها من كانوا الأقرب الى المنبع من ضمن تلك الكلمات التي بقيت عالقة في ذهني كلمة صامد التي يرى فيها الاستاذ محمد جواد جلال انها تدل على القصد والله الصمد هو المقصود  حتى وصل  الي كتاب الدكتور سعيد الزبيدي فوجدته يستشهد ب١٧ موضعا للجواهري وردت فيها كلمة صمد منها البيت:

وقارع كاس الموت بالصبر صامد    وأفزعه من اسارها ماترسبا

وقد أشار الاستاذ الزبيدي الى رأي اللغويين الذين لم يقروا كون صمد ثبت وأورد الرأي الثاني ايضا وهو رأي صاحب معجم مقاييس اللغة الذي يرى ان الصمد يعني القصد والصلابة ايضا.

وَمِمَّا اختلف فيه ايضا كلمة برر بمعنى سوغ

  التفت الى كلمة  مبرر في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حين أمرني المرحوم الدكتور فهد عكام المشرف على رسالتي للماجستير ان احذف كلمة مبرر  وأثبت مكانها مسوغ لان كلمة مبرر غلط شائع  وقد  اعتدت على ادراج مسوغ دائما فيما اكتبه من مقال وظننت ان وجود تلك الكلمة في شعر الجواهري من باب الخطا الشائع او الإزاحة بالمفهوم الحالي  حتى وصل الي كتاب الدكتور سعيد واطلعت فيه على مواضع كلمة مبرر وبرر وهي سبعة منها هذا البيت:

يستاق كل طريدة ويبيحها   ويجيء كل جريرة ويبرر

ثم استناد الدكتور الزبيدي الى كتاب العين الشهير في معنى بر الكلام وان الجواهري استند في استعماله معنى الكلمة المعاصر الى معنى قديم ذي صلة بالاستعمال الحديث فاشتق من بر برر ومبرر.

  اما القياس الصرفي الخاطيء فيمكن ان  نضرب مثلا فيه بقول الجواهري:

مسّه الظلم فعادى أهله  وامترى    البؤس فحب البؤساء

  بائس  الفقير الشديد الحاجة المعدم       جمعها بائسون

بئيس  الشجاع   جمعها بؤساء

 يقول الدكتور سعيد الزبيدي " القياس يتيحه حملا على شاعر وشعراء، وعالم وعلماء" وهذا رأي أقره عليه سوف اعلق عليه حين أدلي برأيي الخاص حول موضوع الإزاحة، لكن اطلاع الزبيدي الواسع على اللغة وتعمقه فيها وتخصصه يمنعه من ان يسوغ الغلط للجواهري في مواضع الغلط التي لا يمكن تصريفها من حيث الأمانة اللغوية والعلمية فيقول عن استعمال الجواهري لكلمتي " حراء" و " حرانة" " وفي كلتيهما مخالفة لغوية ؛فكيف نوجه هذا الاستعمال ؟"

 

سابعا: الخطا المتعلق بالقافية والوزن

حول البيت ادناه:

ولا اشتكى جانب فرط الجفاف به       الا ارتمى  جانب مخضوضر آنق

يعلق الدكتور الفاضل سعيد الزبيدي على قول الباحث مقداد محمد شكر قاسم الذي يرى ان " الجواهري تلافيا لانكسار الوزن ينقص من الألفاظ ويضرب لهذا مثلا بلفظ آنق" فيقول" وليس هذا صحيحا فالجواهري لم يرتكب ذلك تلافيا لانكسار الوزن بل استعملها على ما وردت في المعجمات ". ان سعة اطلاع الجواهري على اللغة العربية نحوها وصرفها جعلته يختار من سعتها التي لم يحط بها مثله احد ما يوحي إلينا انه وقع في الخطا وهذا ما سأطرحه ايضا في وجهة نظري الخاصة.

وجهة نظر

منذ ستينيات القرن الماضي تأثرت تأثرا كبيرا بشعر أمريء القيس والمتنبي والجواهري حتى كدت احفظ شعر هؤلاء كله وكان من شغفي بالجواهري انني كنت اشتري أية صحيفة او جريدة تنشر قصيدة له فاكاد احفظ تلك القصيدة مسافة الطريق من سوق الهنود حيث باعة الصحف في العشار الى بيتنا في التنومة حتى اني حفظت قصيدة " طيف تحدَّر" وقصيدة" وفى لها نذرا" و " لقد اسرى بي الأمل"قبل ان أصل الى منزلنا . قصيدة واحدة نشرت له في احدى الجرائد تخص العمل الفدائي لم اعجب بها على الرغم من شغفي بالعمل الفدائي الذي تطوعت فيه فيما بعد فقد استثقلت القصيدة التي مطلعها " جل الفداء وجل الخلد صاحبه" لا ادري ربما لأنني لا أحب هاء السكت  التي تلصق نفسها بالقوافي.

المهم انني في تلك المرحلة لم أكن لاعي تماما الخروج عن النحو والصرف والإزاحة والغلط الشائع لكني اكتشفت بعض الكلمات عند الكبير الجواهري فوددت لو ان الباحث القدير الدكتور سعيد الزبيدي أضافها الى معجمه وامل ان يبادر الى إضافتها في الطبعة الثانية لان هذه الكلمات من وجهة نظري تدل على خصوصية الجواهري التي عني بها  في معجمه القيم.

قبل ذكر الكلمات اود ان ابين وجهة نظري في الإزاحة فأقول ان موضوع الإزاحة يعني ان تحل كلمة محل اخرى  وهي الكلمة البديل فأجد ان الإزاحة اما تكون ذات علاقة مباشرة  ولها في لغتنا العربية موضوع مستقل يسمى نائب عن المصدر مثل ضربت ضربا  فنحذف ضربا ونأتي بالبديل كقول أمريء القيس:

اذا التفت نحوي تضوع ريحها  نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

اي تضوع ريحها تضوع الصبا لحذف تضوع وأثبت مكانها نسيم

وتتجلى صورة الإزاحة في قوله تعالى " فمهل الكافرين امهلهم رويدا" فالاصل فمهل الكافرين امهلهم  امهالا ثم حذف امهالا ووضع اروادا وحذف اروادا ووضع رويدا وهي مصغر ارواد وهذا نوع من الإزاحة الراقية والصياغة الفنية العالية .

وهناك ازاحة غير مباشرة  تعتمد على التشبيه بين الكلمة المزاحة والبديل  كقول الجواهري:

حييت سفحك عن بعد فحييني  يا دجلة الخير يا ام البساتين

بمراجعة القواميس نجد ان السفح للجبل وكان على الجواهري ان يقول جرفك فالجرف للنهر لكن الوقع الموسيقي لكلمة سفح أقوى غير ان هناك علاقة تشبيه بين سفح الجبل وجرف النهر فالمسافة من الضفة الى بداية ماء النهر منحدرة تشبه انحدار سفح الجبل فثبتها الشاعر للنهر وهي تخص  الجبل.

الكلمة الاخرى التي وددت لو وردت في " من معجم الفاظ الجواهري"

وددت ذاك الشراع الرخص لو كفني      يحاك منه غداة البين يطويني

كل المعاجم اللغوية تشير الى ان  الرخص الشيء الناعم الرقيق اما الشراع فيجب ان يكون من قماش قاس ثخين قوي يقاوم الرياح  فكان على الشاعر ان يأتي بكلمة مثل صلب او مايعادلها في وصف الشراع لكن الجواهري نظرا لمشهد دجلة الجميل والزوارق في الماء ثم قسوة الموت مقابل الكفن الأبيض الناعم  أزاح اية كلمة تخص الخشونة  وجاء بالبديل وهو كلمة رخص.

الكلمة الاخرى التي أحياها الجواهري وكانت ميتة  هي كلمة علج التي لها اكثر من معنى يقول  ضمن قصيدة "وفى لها نذرا" :

لاعتاض عن حلب العصير مشى به علج وطافا

ويقول صاحب لسان العرب في كلمة علج " العِلْج: الرجل الشديد الغليظ؛ وقيل: هو كلُّ ذي لِحْية، والجمع أَعْلاج وعُلُوج؛ ومَعْلُوجَى، مقصور، ومَعْلُوجاء، ممدود: اسم للجمع يُجري مَجْرَى الصفة عند سيبويه.

واسْتَعْلَج الرجل: خرجت لحيته وغَلُظ واشتدَّ وعَبُل بدنه.

وإِذا خرج وجهُ الغلام، قيل: قد اسْتَعْلَج.

واسْتَعْلَج جلد فلان أَي غلُظ.

والعِلْج الرجل من كفَّار العجم، والجمع كالجمع، والأُنثى عِلْجة، وزاد الجوهري في جمعه عِلَجة.

والعِلْج الكافر؛ ويقال للرجل القويّ الضخم من الكفار: عِلْج.

وفي الحديث (* قوله «وفي الحديث فأتني إلخ» الذي في النهاية فأتى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بأربعة أعلاج إلخ.): فَأْتِني بأَربعة أَعْلاج من العدوّ؛ يريد بالعلْج الرجل من كفار العجم وغيرهم.

وفي حديث قَتْل عمر قال لابن عباس: قد كنت أَنت وأَبوك تُحِبَّان أَن تَكْثُرَ العُلُوج بالمدينة.

والعِلْج حمار الوحش لاستعلاج خلقه وغلظه؛ ويقال للعَيْرِ الوحشي إِذا سَمِن وقَوِيَ: عِلْج.

وكلُّ صُلْب شديد: عِلْج.

والعِلْج الرَّغيف؛ عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي

فايا من المعاني المذكورة اعلاه يقصد الجواهري ، لا أظنه يقصد  معنى من المعاني السابقة غير ساقي الحانة المعني بخدمة الزبائن serviceهذا الاستخدام الحضاري  في بعث كلمة  قديمة  يختلف عما الفناه عن الاعلام العراقي  من إطلاق كلمة علوج على جنود التحالف  في اثناء الاحتلال  للعراق حيث سمعنا كلمة علوج تتردد من وسائل الاعلام باحدالمعاني القديمة وهو الأجنبي الكافر.

الكلمة الاخيرة   تخص التصريف اللغوي  الذي  حدده اللغويون القدامى بصيغ منتهى الجموع وعددها١٧  يمكن جمعها في الأبيات الثلاثة:

في السفن الشهب البغاة صور  مرضى  القلوب. والبحار عبر

غلمانهم للاشقياء عمله  قطاع قضبان لأجل الفيلة

والعقلاء شرد ومنتهى  جموعهم في السبع والعشر انتهى

ثم وضعوا حدودا لكل تصريف  فبائس بائسون  تجمع جمع مذكر سالم فليست من صيغ منتهى الجموع . وبؤساء على وزن  فعلاء  جمع بئيس وهو ذو القوة والبأس  اما الجواهري فكان يكسر احيانا  الحدود تلك كما وجدته في كلمة سلع   

 

المذكورة في قصيدة " فتى الفتيان":

وبالسلع النوافذ في عروق

حيث جمع كلمة سلع بفتح السين وسكون اللام وهو أخدود او حفرة في اليد بسبب الكبر والعمر على سلع بضم السين وفتح اللام على وزن فعل في حين يقول صاحب لسان العرب ان السلع تجمع على سلوع على وزن فعول مثل قصور وهذا تصرف من الجواهري في كسر الحدود بين الموازين الصرفية ولعل اخر الكلمات التي في ذهني التي او ان أضيفها الى هذا المعجم المهم هي كلمة رشا القديمة التي أصبحت تعبيرا مستهلكا واستعارة او تشبيها تقليديا والعجيب ان الجواهري اوردها في شعره في نهاية عقد السبعينيات فقال يصف بائعة السمك في براغ:

تلتفت كالرشا النافر

وهذا يدل من حيث الظاهر على ان الشاعر ظل متعلقا بالتراث ومفرداته الى وقت متاخر ولعلي أكون مصيبا او لا حين اذهب الى ان الرشا والفتاة هما رمز الجمال والوداعة بل الغزلان دائما ضحية مثل السمك ان احد أطراف المثلث الجمالي الرشا... السمكة... الفتاة  جعلها الشاعر عنيفة كون مهنتها تتطلب العنف والقسوة  ربما يدل ذلك على ان الشاعر بتمسكه بالكلمة القديمة الرشا وربطه إياها بالعنف ينعي فحولته لنتذكر انه ولد عام ١٩٩٨ والقصيدة كتبها عام ١٩٦٨ او عام ١٩٧٠ اي كان قد تجاوز السبعين عاما لذلك كله وددت ان يضم هذا المعجم الراقي  تلك الكلمات وهذا مجرد اقتراح لا يقلل من قيمة هذا السفر المهم الرائع ، فكل التقدير للباحث القدير الدكتور سعيد الزبيدي على منجزه هذا الذي يشكل منبعا مهما من منابع فهم شعر الجواهري ومعرفة اللغة العربية من حيث الاعراب والتصريف ومعاني الكلمات.

قبل الختام أحب ان أشير  الى  اني  وجدت من حاول  التأليف في  الفاظ الجواهري لا وفق الترتيب  المعجمي  الذي  نحن بأمس الحاجة  اليه  لكن وفق  العنوانات  كما فعلت  الجزائرية  مليكة  خذيري في أطروحتها  التي عنوانها " التوليد الدلالي  في ديوان  الشاعر محمد مهدي الجواهري" غير ان كتب الدراسات لاستغنينا عن المعاجم قط.

 

التعريف بالأسماء المذكورة وبعض الإشارات في هذا المقال:

الازاحة

تعنى الازاحة بالنصوص الشعرية والاستعارة لكن يمكن ان نحمل بعض المعاني الحديثة محمل الازاحة في اللغة وتكون اما بالتصريف مثل استحم فإذا جاء أديب مثل جبران واستعمل تحمم بمعنى استحم فهذا يدخل من باب الإضافة فكأنه أزاح عبر الصرف كلمة عن معناها ليضيفها الى معنى كلمة اخرى او ان يزيح الشاعر كلمة من معناها سفح مثلا للجبل  الى معنى اخر هو النهر، وهو رايي الشخصي لا الزم به احدا ووفق هذا الرأي يمكن ان نقبل الكثير من الغلط الشائع.

 

الدكتور سعيد الزبيدي أستاذ وباحث في اللغة وشاعر درس في عدد من الجامعات وهو الان أستاذ اللغة في جامعة نزوى، استقبل الجواهري خلال زيارته الى جامعة الموصل عام ١٩٨٠ مع مجموعة من الأكاديميين منهم الدكتور مهدي المخزومي' والدكتور علي جواد الطاهر ' والدكتور عبد الرضا علي، وفي يوم ٢/٢/١٩٨٠ ألقى قصيدة في حفل تكريم الجواهري من أربعة وثلاثين بيتا مطلعها:

اطلق جناح القوافي أيها الغرد       فما يشنف اذان الورى احد

 وقد طرب الجواهري للقصيدة . من مؤلفات الدكتور سعيد الزبيدي

من معجم الفاظ الجواهري

أفق يمتد

سؤال في التفسير

المشكل في القران الكريم

في مواجهة النص

وغيرها من الكتب القيمة والجدير ذكره ان الدكتور سعيد الزبيدي احد ابطال روايتي " الثامنة والنصف مساء" حيث يشارك بطل الرواية الدكتور عبد الرضا علي البطولة في عمل نبيل غامرا حين قاما بتنفيذه زمن الطغمة الحاكمة في بغداد قبل الاحتلال.

 

الدكتور طارق الجنابي  ولد عام ١٩٣٦ في سدة الهندية ،أستاذ فاضل وعالم لغة قدير درس النحو في العراق واليمن ودعي محاضرا في جامعات ألمانيا والأردن، من مؤلفاته:ابن الحاجب النحوي، ابو بكر الانباري، وله عشرات البحوث المنشورة .

فهد عكام: المرحوم الدكتور فهد عكام خريج فرنسا أكاديمي متنور درس في جامعة دمشق وجامعة صنعاء  اشرف على رسالتي للماجستير .حين سالت طلاب الدراسات العليا في جامعة دمشق اي أستاذ يمكنني ان اساله ليوافق ان يشرف علي فأشاروا الى الدكتور فهد لانه عالم وانه ديمقراطي لا يرغم الطالب على ان يتبنى آراءه وهو من الأكاديميين الذين استفدت من توجيهاتهم وارشاداتهم.

 

لغة بني أسد

لها بعض الخصوصية مثل الكسكسه وهي قلب. السين كافا فيقولون لبيس بدلا من لبيك او الكشكشة وهي قلب الكاف شينا ولها بعض التوسع في الصرف كما أورده الدكتور الزبيدي.

 

لغة بني تميم

من خصوصيتها انها تقلب الجيم ياء ومازلنا في البصرة والخليج نقول دياية اي دجاجة وريلي بدلا من رجلي وقد بدا بعض الشباب يتحرجون من تلك اللهجة .

 

الاستاذ محمد جواد جلال

مدرس ثانوية، واسع المعرفة والاطلاع على اللغة العربية وهو لا يقل في هذا المجال عن منزلة الدكتور مصطفى جواد. بعد ان أسس كل من السيدة نازك الملائكة والدكتور حسن البياتي زمن عبد السلام عارف قسم اللغة العربية في جامعة  البصرة استدعيا الاستاذ محمد جواد جلال للتدريس في القسم وكان وقتها متقاعدا وعلى الرغم من تمكن نازك من اللغة العربية  الا انها تعترف بالاخطاء الشائعة التي تفوتها فيكشفها لها كان بيته رحمه الله مفتوحا لتعليم اي راغب في العلم من دون اجر فتتلمذت على يديه ودرست الفلسفة والمنطق والنحو والصرف وشعر أمريء القيس والمتنبي والجواهري وله آراء فريدة في شعر المعاصرين من مؤلفاته كتيب عنوانه " في علوم القران" وهو بحث لغوي أهداني نسخة منه عليها اهداء بخط يده واظن ان الكتاب مازال في مكتبة منزلنا في البصرة.

 

مليكة خذيري

باحثة جزائرية حصلت عام ٢٥١١/٢٠١٢ من جامعة باتنة على درجة الدكتوراه عن أطروحتها عن التوليد الدلالي في شعر الجواهري ، الاطروحة في٥٠٠ صفحة  أحصت فيها كلمات الشاعر حسب المواضيع ومن الكلمات التي ذكرتها ولفتت نظري  كلمة " مبصبصون " من بص او بصبص:

ومبصبصون كانهم عن غيرهم    مسخ ومن اثار

 

في المثقف اليوم