كتب واصدارات

مجلة دراسات البصرة في عددها الجديد

qusay askar (قبل البدء اود ان أوضح اني لا أحبذ ان اكتب عن موضوع ما او كتاب ما يتحدث عني وعن ادبي لكن وانا اطالع مجلة دراسات البصرة التي وصلتني قبل ايام قرأت بحوثا ممتازة حسب رأيي فوددت ان ابين وجهة نظري وملاحظاتي عن تلك المجلة)

 في البصرة هذه المدينة العراقية  العريقة صدر العدد العشرون  السنة العاشرة ٢٠١٥،من مجلة (دراسات البصرة) وهي مجلة علمية محكمة نصف سنوية تصدر عن مركز دراسات البصرة والخليج العربي  التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي / جامعة البصرة.

والمجلة أساسا مختصة بالشان البصري ماضيا او حاضرا او مستقبلا ، وقد اشتمل العدد الذي نحن بصدد الحديث عنه على المواضيع التالية:

دراسة تأثير الأنواء الجوية على مياه شط العرب.

دراسة بعض العوامل المؤثرة في حدوث مرض داء السكري في محافظة البصرة- دراسة احصائية تطبيقية.

860-qaysواقع خدمات الإرشاد التربوي لدى طلبة جامعة البصرة.

فقهاء البصرة الشيخ عبد الهادي الفضلي انموذجا دراسة في اثاره.

الشعر المهجري المعاصر قُصي عسكر نموذجا

صور الطبيعة في شعر السياب قصيدة (أنشودة المطر) انموذجا.

جمال الطبيعة في شعر ابي نؤاس.

دواعي الشعر وحوافزه  في الادب العربي القديم.

وهناك ايضا بحث باللغة الانكليزية عنوانه :

Salinity Intrusion In SHATAL-ARAB RIVER

تسرب الملوحة الى مياه شط العرب

  والذي يلقي نظرة على المواضيع أعلاه يجد انها تراوحت بين  الفيزياء والطب وعلم النفس والدين والأدب ، ولعل المواضيع الطبية والعلمية مهمة لكون من الف فيها مختصين بل هم  اساتذة قديرون لكن الذي يعنينا نحن المنتمين الى عالم الادب ان نستعرض البحوث الادبية  المنشورة في تلك المجلة.

البحث الاول عن شعر المهجر للباحثة الدكتورة السورية هدى صحناوي استاذة الادب العربي في كلية الآداب بجامعة دمشق وقد اختارت شعر الشاعر المهجري قُصي الشيخ عسكر انموذجا حيث وردت في بحثها المعاني التالية:

مقدمة البحث ذكرت الباحثة فيها هجرة العرب في ستينيات القرن الماضي  واستمرار تلك الهجرة الى اليوم ثم سعة تلك الهجرة وما خلفه المهاجرون من نتاج ثقافي في بلدان المهجر الجديدة.

  وذكرت الباحثة في مقدمتها سبب اختيارها الأديب قُصي عسكر فذكرت ان اول ثلاث مجموعات صدرت للشاعر طبعها في دمشق ، ودراسته في جامعتها،اما السبب الثاني فهو نتاج الشاعر اذ يرى بعض النقاد والأكاديميين مثل الناقد العراقي الدكتور عبد الرضا علي ، والباحث الأردني الدكتور عبد الرحيم مراشدة ، والباحث الدكتور هادي نهر ان الشاعر عسكر مجدد الادب المهجري المعاصر. والسبب الثالث هو تاثر الشاعر بما شهدته الحياة الثقافية من نشاط خلال وجوده في دمشق ثم هجرته  الى أوروبا فيما بعد.

  ثم يأتي التمهيد الذي يعرف معنى أدب المهجر وذكر المصطلح الذي يعني الوطن البديل والاغتراب، ثم تأتي الشاعرة الى ذكر مواضيع الاغتراب التي ذكرها الشاعر وهي الوطن،الوطن هو الشاعر نفسه،الوطن مجموعة من المتناقضات الايجابية، الوطن هو التاريخ المقدس، الكائن الحي، الوطن هو قلب الشاعر، الوطن البديل، اما المفهوم الثاني فهو الحنين والحنين المركب الذي يختفي بمفردات مماثلة، الحنين لازمة ضرورية، اتجاه الحنين ، المفهوم الثالث المكان، ومن ذلك نجد احتواء المكان للزمان،وحركة مكان باتجاه مكان اخر، سبق الزمان على المكان، والمكان الجزئي او الصغير، وتعالج الباحثة ايضا الزمن وتقسيماته عند الشاعر فتعرفه وتبين أنماط الزمن ومرادفاتها والزمن النفسي، وقد تضمن البحث جداول مقارنة ورسومات بيانية وايضاحية .

اما البحث الثاني فكان بعنوان صور الطبيعة في شعر السياب / قصيدة أنشودة المطر انموذجا للباحث للدكتور سلام حديد رسن ، فقد بدا الباحث بحثه بملخص مفاده ان صور الطبيعة تشغل حيزا كبيرا في شعر السياب  سواء الحية منها ام الصامتة لتوصيل الامه وعواطفه الانسانية ، وفي التمهيد يعالج الشاعر الصورة اولا  لان الشعر فن استخدام الصور الموحية والمعبرة ثم كان المفهوم الثاني وهو عنوان الشاعر والطبيعة حيث ظهرت علاقة السياب مع الطبيعة بشكلين الاول علاقة خاصة بالبيئة التي عاش فيها وهي قريته او مدينته وكل مافيها من ريف ومظاهر طبيعية حية او جامدة ، ويكون الشكل الثاني علاقة عامة بمظاهر الطبيعة وعوالمها اي العالم والكون الفسيح.

والنقلة الثالثة التي نجدها في البحث القصيدة محور البحث وهي أنشودة المطر ثم تأتي النقطة الرابعة وهي بعنوان القصيدة ورؤيا الشاعر فيشير الباحث الى امر مهم هو ان الشاعر كتب هذه القصيدة خارج العراق، وهو هارب من السلطة عام ١٩٥٢ اذ عد النقاد قصيدة أنشودة المطر تحولا نوعيا في المنجز الشعري للسياب، وفي الشعر العربي المعاصر برمته، يمكن ان نسميها القصيدة النقلة وقد اطلق الشاعر اسمها على اهم دواوينه ، واهم ما ميز قصيدة أنشودة المطر ما عدا البنية الموسيقية الجديدة هو انها جمعت بين الرومانس والطبيعة والسياسة.

  كذلك لم يغفل الشاعر البناء الفني في القصيدة  لقد أورد الباحث ان نجاح المطلع او المقدمة يكمن في الموازاة بين عيني المرأة والطبيعة وهذا امر لا شك فيه ويرى ان تعبير" شرفتان راح ينأى عنهما القمر" امتداد للصورة الاولى وهذا ايضا صحيح لكنه نسي وهو ابن البصرة ان جيكور تقع على جرف شط العرب وسط غابة نخل ومقابلها عبر الجرف الثاني غابة نخيل لمنطقة " الشلهة" فهناك غابتان فعلا يمر بهما شط العرب فتصبح الأنثى هي النهر وعيناها هما الغابتان ومازال المنظر كما هو ولا أظن ان الحرب خربته وفق تصوري، فمن دون مفهوم وجود غابتين لواقع رَآه الشاعر وعايشه لا يمكن فهم الصورة.

 ويتحدث الباحث في موضوع الأسطورة  فيرى ان الأسطورة والعودة اليها من قبل الشاعر ليست حلية جمالية بل ان السياب وظف الأسطورة مستغلا مافيها من دلالات فكرية عميقة فنجد انه كرر بعض الأساطير في شعره مثل أسطورة الحياة والموت  مستدلا - الباحث- برأي الناقد الدكتور عبد الرضا علي الذي يرى ان في شعر السياب ثيمات أسطورية متكررة افاد منها الشاعر في تركيب صوره.

الموضوع الاخر الذي أشار اليه الباحث هو قضية التكرارمثل كلمة مطر الذي تتكرر في القصيدة  وغيرها من كلمات ذات دلالات موحية ككلمة محار وغيرها.

والموضوع الأخير في البحث هو التلميح ويعرفه الباحث انه الإشارة الى حدث او قصة مشهورة من دون ان يتم التعريف بهذا الحدث او تلك القصة  مثل الإشارة الى كلمة ثمود التي وردت في قصيدته الشهيرة أنشودة المطر.

البحث الثالث كان عنوانه "جمال الطبيعة في شعر ابي نواس" للباحثة وجدان صادق صدام الذي تناولت فيه رؤية ابي نواس الشاعر البصري الشهير للطبيعة وتعامله معها وتفاعله وانفعاله بها فرات في التمهيد ان الطبيعة احد مصدري الجمال في الكون ، فيما حددت المصدر الثاني بالفن، فأشارت الى تفاعل الشعراء القدامى مع الطبيعة حتى دخلت عالم ابي نواس وشعره فجعلت احد مواضيع بحثها الليل والأفلاك عنوانا نحى ابو نواس في شعره اليه بحكم  انهماكه في مجالس الشرب فجاءت بعض صوره لتنهج  منهج  القدامى مضيفا اليها الشاعر نفسه التجديدي فهو خلال سهرته مع الخمرة يتحدث عن الليل والأفلاك وطلوع الفجر فيقارن بين الليل ومظاهر الطبيعة  والأفلاك فهو  ينبه  جماعته الهاجعين الى غياب الجوزاء وارتفاع كوكب النسر ، ونجده يتحدث عن مظاهر الطبيعة من حيوان ونبات وانهار وأشجار ولا يقف عند هذا بل يذكر الاطلال. وهو الموضوع الثاني الذي ذكرته الباحثة  فتشير ان الشاعر ذكر الاطلا ل في مقدمات قصائد المدح التي اتجه بها الى ممدوحه مع كونه يصرح احيانا انه مضطر الى ذلك حتى انه يذكر الخمرة مع ذكره الاطلال.

ولكون المملكة العربية توسعت في زمن الشاعر وانقطع كثير من العرب عن اجواء البادية واسبابها  فظهرت في شعر الشاعر نتيجة لذلك مفردات جديدة نادرا ما استخدمها الشعراء القدامى مثل مفردة  السفن جمع سفينة التي جعلتها الباحثة عنوانا لآخر البحث.

الموضوع الرابع

دواعي الشعر وحوافزه في الادب العربي القديم للدكتور خالد صكبان حسن  الذي تحدث فيه الباحث عن دوافع الشعر وحوافزه فتطرق الى الدواعي النفسية  التي تلقي بظلالها على الشاعر كما حدث لجرير في احدى الحالات التي باشر بها الهجاء ، ومن ذلك الإشارة الى الحروب وهي رأي ابن سلام الذي لا يسلم الباحث بصحته فيرى انه ليس بالحروب وحدها يُستدعى الشعر.

  ومع أهمية البحوث التي استعرضناها فان لنا بعض الملاحظات التي لا تقلل من مركز المجلة العلمية ولا من البحوث تلك لانه ليس هناك من شيء متكامل مائة بالمائة  فنسجل ادناه بعض الملاحظات التي تختلف وجهة نظرنا من خلالها  مع الباحثين المحترمين، وهي:

ذكرت الباحثة الدكتورة صحناوي انها اتبعت ثلاثة مناهج في دراسة شعر الشاعر قُصي الشيخ عسكر وَيَا حبذا لو اضافت المنهج النفسي الذي يضفي على الدراسات الادبية الجامعية غنى ويبرز صور الشاعر واستعارته من خلال إسقاط نفسيته عليها.

في البحث الذي عنوانه " صور الطبيعة في شعر السياب" عرف الباحث الدكتور سلام حديد رسن  الصورة كونها" ما تولده اللغة في الذهن من صور ، بحيث تحيل الكلمات او العبارات اما الى تجربة ما او الى انطباع حسي" فقال ماتولده اللغة  من صور ولو قال من تراكيب لصح  اذ ان تعريف الشيء بنفسه لا يجوز من الناحية المنطقية كما  نقول علم الكيمياء هو العلم الذي يعالج الموضوعات الكيمياوية فنعرف العلم بنفسه والكيمياء بنفسها  وكان على الباحث ان يعتمد احد تعاريف الصورة ومنها هذا التعريف(هي المادة التي تتركب من اللغة بدلالتها اللغوية والموسيقية، ومن الخيال الذي يجمع بين عناصر التشبيه والاستعارة والطباق وحسن التعليل ) زِد على ذلك ان الناقد السوري المعروف الدكتور المرحوم نعيم اليافي قد عرف الصورة ودرسها  دراسة موضوعية كان على الباحث ان يرجع الى مؤلفاته.

في البحث الذي بعنوان "جمال الطبيعة في شعر ابي نواس" اشارت الباحثة الى ذكره السفن  في شعره بعد اتساع رقعة الدولة وبروز مظاهر حضارية  جديدة  لكنها لم تشر الى انه كان يلغي الاطلال وذكرها في قصيدة المدح لمصلحة الخمرة اي ان العملية عنده اما ان تكون ابداًلا لتصبح الخمرة عوضا عن الاطلال او تعويضا نفسيامثل قصيدته التي مدح بها الخليفة ولم يبدأ بوصف الطلل بل الخمرة:

غرد الديك الصدوح    فاسقني طاب الصبوح

واسقني حتى تراني  حسنا عندي القبيح

قهوة تذكر نوحا   حين شاد الفلك نوح

نحن نخفيها فيابى   طيب ريح فتفوح

بُح صوت المال مما  منك يشكو ويصيح

اما البحث الموسوم بعنوان " دواعي الشعر وحوافزه في الادب العربي" للدكتور خالد صكبان حسن. فيمثل برأينا خروجا عن خطة المجلة التي ثبتت في ورقتها الاولى انها تعنى بكل ما يخص البصرة من أدب وأدباء وشعراء وقصاصين وكتاب ونقاد وفنانين وعلماء ومجالات اخرى ، وقد ذكر الباحث في بحثه آراء كتاب غير بصريين هم. ابو الفرج الأصفهاني، المرزوقي صاحب الحماسة، ابن قتيبة الدينوري، ابن رشيق القيرواني، ابن طباطبا العلوي، ابن منظور، وذكر رأي اثنين من نقاد البصرة وكتابها هما الجاحظ  وابن سلام الجمحي .

   يبقى البحث بصورة عامة جيدا لكن ما اثار استغرابنا انه لا يخص البصرة بل هو في عموم الادب  العربي والنقد.

  على أية حال هذه ملاحظات عامة  لا تقلل من أهمية تلك البحوث ولعلنا نلتقي مع بحوث اخرى في إعداد اخرى تخص الادب البصري وتبين فعاليات أبناء تلك المدينة وجهودهم في نشر الثلقافة والمعرفة  لا في تلك المدينة فحسب بل في البلاد العربية كلها وابرز دليل على قولنا ان الجامعات العربية تدرس الان في كلياتها النحو البصري وتدرس ايضا شعر السياب  بصفته رائدا للحضارة الشعرية المعاصرة.

 

 

في المثقف اليوم