كتب واصدارات

النثر العراقي المعاصر باللغة الروسية

هذا حدث ثقافي كبير ومتميٌز وبارز في روسيا الاتحادية بالنسبة للعراق بلا أدنى شك. لقد صدر كتاب بالروسية عنوانه – (لؤلؤة الشرق)، وبعنوان ثانوي تحته هو – النثر العراقي المعاصر.

 يقع الكتاب في 432 صفحة من القطع المتوسط، وقد اصدره  فرع (اتحاد ادباء روسيا) في مدينة بطرسبورغ  نهاية عام 2015 وباشراف اندريه  أندريوشكين  واولغا فلاسوفا.

 يتضمن الكتاب المذكور مجموعة مختارة من رواية وقصص طويلة وقصيرة  عراقية، والتي تم ترجمتها من العربية مباشرة الى الروسية لادباء عراقيين معروفين . كانت تصدر مثل هذه الكتب في الفترة السوفيتية بين حين وآخر، لكن هذه الظاهرة توقفت منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ولم يصدر اي كتاب يتضمن نتاجات الادباء العراقيين منذ ذلك الحين حسب علمنا . والآن يصدر مثل هذا الكتاب بعد ربع قرن من الزمان وبهذه الصيغة الواسعة والمتنوعة، اذ تضمن  الكتاب نتاجات  مجموعة كبيرة من الادباء العراقيين المعاصرين، وهنا بالذات تكمن اهمية هذا الكتاب طبعا وقيمته بالنسبة للعراق وثقافته ومسيرة الحركة الادبية فيه .

 يحتوي الكتاب على ثلاثة فصول .  توجد في بداية الفصل الاول مقدمة تقع في 13 صفحة بعنوان (روحية الادب العربي) بقلم اندريوشكين، الذي ذكرنا اسمه اعلاه كواحد من المشرفين على هذا الكتاب. تتناول هذه المقدمة سمات الادب العربي عموما وخصائصه والعراقي بالذات طبعا وتؤكد على (المستوى الرفيع) لهذا الادب، وتشير المقدمة الى بعض اسماء الادباء العراقيين الكبار وتعتبرهم (معروفين عالميا)، وتشيد بالاسماء الادبية الجديدة، والتي تنشر نتاجاتهم في هذا الكتاب بالروسية لاول مرة . بعد هذه المقدمة تأتي رواية سامي النصراوي بعنوان (لؤلؤة الشرق)(والتي اطلق عنوانها على هذه المجموعة القصصية باكملها) وتقع الرواية في 126 صفحة (عنوان الرواية الاصلي بالعربية  هو – ما وراء الاسوار، ولكن مترجمتها المستشرقة الروسية المعروفة اولغا فلاسوفا (وهي احدى المشرفين على الكتاب كما أشرنا اعلاه) ارتأت تحوير عنوان تلك الرواية بهذا الشكل على ما يبدو، ولا ادري لماذا، ولا ادري ايضا هل تمتلك الحق بذلك، وربما اعتبرت المترجمة هذا العنوان الجديد جذٌابا  للقارئ الروسي اكثر من العنوان الاصلي، ويشير كاتب المقدمة الى العنوان الاصلي للرواية، ولكنه لا يعطينا تبريرا او سببا  لتبديله بهذا الشكل) . ثم ينتهي الفصل الاول هذا  برواية سعدي المالح (بانتظار فرج الله القهار) (يسميها الكتاب - رواية قصيرة) وتقع في 72 صفحة.

الفصل الثاني  لهذا الكتاب جاء بعنوان (القصة القصيرة العراقية المعاصرة) ويتضمن قصصا ل (13) قاصا عراقيا، وهم حسب تسلسلهم في تلك المجموعة القصصية كما يأتي --

محمود السيد //  محمد ابراهيم محروس   // حسن بلاسم // جبار ياسين // سلمان رشيد سلمان //  صباح الربيعي  // حسن العاني //  لطفية الدليمي  // سلوى زكو // خضير الحميري   //  هناء حسن غايب  //  محمد خضير  // يوسف الشيخ  //، وقد تم  اختيار القصص  من مصادر عديدة  ومتنوعة (انترنيت، كتب ...) منها  مجموعة القصص العراقية التي صدرت بالعربية والانكليزية في كتاب بعنوان – (جروح في شجرالنخيل) الصادر في بيروت عام 2007، والذي ارسلته مشكورة في حينها زميلتي الدكتوره سلوى زكو، الصحفية والاديبة العراقية المبدعة .

 الفصل الثالث في الكتاب جاء بعنوان (قصص كلاسيكيٌ القرن العشرين)، ويبتدأ  بادمون صبري  ، ثم عبد الملك نوري،  ثم شاكر خصباك واخيرا  سعدي يوسف.

يختتم واضعا المجموعة القصصية هذه كتابهما  بتعريف وجيز عن كل الادباء العراقيين الذين جاءت نتاجاتهم في هذه المجموعة القصصية، ومن الواضح تماما ان تلك المعلومات الوجيزة كانت غير متناسقة وليست على وفق نظام موحد ودقيق،  لأنها تعتمد وتستند على المصادر العراقية ، وهي كما هو معروف نادرة ومرتبكة جدا او غير موجودة اصلا بالمعنى العلمي والسليم، اذ لا يوجد لدينا مع الاسف دليل لادباء العراق او لتاريخ الادب المعاصر عندنا (عدا محاولات شخصية قام بها بعض الباحثين، وهي محاولات علمية جادة طبعا ولكننا لم نحاول ايصالها الى المكتبات العالمية، بل لم نفكر حتى بذلك، ولم نفكر ايضا بترجمتها الى اللغات الاخرى). والحديث عن هذا الموضوع يؤدي بنا الى نقطة اخرى مهمة جدا، وهي اننا لم نحاول ايضا تقديم ادبنا (وليس فقط ادبنا) الى العالم، ولا يوجد بالروسية مثلا كتاب او حتى كتيب عن جواد سليم او الجواهري او او او... الخ، ولهذا كله، فاننا يجب ان نكون شاكرين وممتنين لاندريوشكين وفلاسوفا وفرع اتحاد ادباء روسيا في بطرسبورغ والى كل الذين ترجموا من العربية الى الروسية هذه المجموعة القصصية العراقية، والى كل من ساهم بانجازها (وأخص منهم بالذكر اوليغ بافيكين – مسؤول العلاقات الخارجية في اتحاد ادباء روسيا، والعراقية المقيمة في روسيا الدكتورة يافعة يوسف جميل – استاذة اللغة العربية في جامعة بطرسبورغ، اذ انهما أدٌيا دورا هاما في انجاز هذا العمل الابداعي الجميل). لقد قام هؤلاء جميعا بعمل هائل لتقديم ادبنا الى القراء  في روسيا، واننا يجب ان نصفق لهم .

من نافل القول ان أشير، الى ضرورة دراسة هذا الكتاب في قسم اللغة الروسية في جامعة بغداد دراسة تحليلية عميقة وشاملة، اذ يمكن لهذه الدراسة ان تمنحنا عدة مواضيع لكتابة اطاريح ماجستير في علم الترجمة المقارن بين اللغتين العربية والروسية . وأخيرا، ربما يتبنى اتحاد الادباء والكتٌاب العراقيين لمناسبة صدور هذا الكتاب توصية بشأن وضع اسس للتعاون اللاحق مع اتحاد ادباء روسيا (خصوصا وانه  يوجد اتفاق تعاون مشترك بينهما)، بحيث نرى في المستقبل اصدارات بالروسية لنتاجات ابداعية عراقية في روسيا، واصدارات بالعربية لنتاجات ابداعية روسية في العراق، وذلك بشكل دوري ومنتظم ومحدد، وعلى وفق اسس  خطة علمية رصينة تبتعد عن الاجتهادات الذاتية.

 

أ.د. ضياء نافع

 

في المثقف اليوم