كتب واصدارات

كتابان كربلائيان يجمعهما "الاخلاص"!

nadom alseoudشعرت بزهو خاص يوم ان وصلني كتابان معا من اخوين اعتز بهما وآنس لمجيئهما او مواكبتهما لما يشغلني ويشاغلني، وقد تميز هذان الكتابات بان مؤلفيهما كربلائيان عاشقان لفعل الكتابة ذاته قبل ان يقدما نفسيهما ك "مؤلفين" وهذا مما سيزيد من مسؤوليتهما تجاه المتلقين والقراء عموما،كما انني قد شعرت بمتعة قرائية حال ان اكملت الكتابين مع ان مسارهما كان مختلفا (وان هدفا معا الى الاخلاص للتاريخ والمعاصرة) فالكاتب الاول (اعني الدكتور علاء محمد حسن الكتبي في كتابه: سمية شهيدة الاسلام الاولى) قد توغل طويلا في طيات التاريخ الاسلامي حتى وجد ضالته في شخصية قد تكون منسية ولم يركز عليها الدارسون ولا المؤلفون بشكل كاف يظهر ملامح الدور الذي تصدت اليه خلال فجر الدعوة، من هنا وجدت المؤلف قد توجه صوب التراث مقلبا صفحاته بدقة، وتكمن اهمية الكتاب بان الدكتور المؤلف قد وقف مليا امام شخصية " سمية " وحقق هدفه بان اخرجها من دائرة النسيان الى وهج الذاكرة فكانت (دراسة تاريخية) بحق، اما الكاتب الثاني (وهو الكاتب الصحفي عبد عون النصراوي في كتابه: وجوه عرفتها) فقد شغل نفسه ووظف امكانياته حتى يظهر ويستنطق بعض الوجوه التي التقاها وزاملها واستقطر منها ما هو مفيد وباق، بمعنى ان النصراوي حقق حضورا لافتا بمعاصرته للوجوه التي جالسها وحاورها،ثم ان كتابه ضم نمطا كتابيا وصحفيا فريدا واعني به " الحوار الصحفي " وطالما قرانا له حوارات منشورة في الصحف والمجلات التي يعمل بها او يراسلها داخل وخارج العراق ولكن النصراوي اقدم على خطوة هامة وهي انه جمع " 52 " حوارا واصدرها في كتاب كبير يعد من الندرة هذه الايام!!.

 

*(سمية شهيدة الاسلام الاولى)

لئن كان عنوان الكتاب الرئيس كما اوضحنا فان اللافت ان المؤلف الدكتور علاء الكتبي اضاف عنوانين فرعيين ليكمل بهما المعنى الذي قصده : ام عمار بن ياسر / اعظم شهيد في سبيل الولاية.. ولو اننا قد جمعنا العناوين الثلاثة في ترتيب اخر لتوصلنا الى جملة واحدة مكتملة المعنى لا الى عنوان ثلاثي !،واذا علمنا من صفحات البحث اننا امام رسالة علمية (نال بها الكتبي اجازة اكادمية) لادركنا مدى شغف الباحث بمستهل التاريخ الايماني حتى ايقظ شخصية من السبات التي تغلفت به ونفظ الغبار عنها واعادها الى مركزها ودورها في حركة التاريخ، وحسنا فعل الباحث حين اختار المحقق السيد محمد رضا الجلالي ليكون مشرفا وفاحصا لهذا البحث التاريخي المعمق بسبب سمعته العلمية وسعة صدره لما قاله تلميذه من احداث ومقولات وشخصيات ما كان لها ان تظهر بهذا الشكل الناضج لولا المواكبة بالنصيحة والمحاجة بالصواب وان شرد .

ولكي ينسجم هذا المؤلف مع وصفه بانه " بحث رائد" كما قال كاتبه في مقدمته فانه قد ولج بحثه من ابواب عدة : مقدمة وخمسة فصول، الفصل الاول قسمه الى اربعة مباحث، والفصل الثاني في خمسة مباحث، اما الفصل الثالث فقسم الى اربعة مباحث، والفصل الرابع فجاء في ثلاثة مباحث اما الفصل الخامس وهو الاخير فقد احتوى على مدخلين عمليين وتاتي بعد هذه الفصول الخاتمة .

وتوجب علينا الضرورة – قبل مغادرة هذا الكتاب – ان نعي

حجم المسؤولية التي سعى اليها المؤلف د . علاء الكتبي حين ذكر في مقدمته : عندما فكرت بالكتابة حول شخصية الشهيدة سمية وجدت امامي عقبة لا يمكن تذليلها الا اذا مكثت ردحا من الوقت افكر وابحث في هذا الموضوع وليس ذلك سلس المطلب سهل المرام لكل من طلب ذلك بل لا بد لي ان اتحمل مشقة كبيرة وسبب اختياري لهذه الشخصية هو قلة انتشار سيرة النساء الصحابيات العربيات المسلمات في البحوث والدراسات التاريخية، ولكونها اول شهيدة نالت الشهادة في عصر الرسول الكريم (ص) .. ونرى في هذه الكلمات اجابة منطقية لوصف هذه الرسالة العلمية بانها " بحث رائد "!.

 

• (وجوه عرفتها / حوارات)

هذا كتاب جديد في موضوعه محدد في اختياراته ومتواصل في اصداره، فهو يغذ السير نحو اعلام العراق ويتوقف ازاءهم محاورا اينما كانوا ويجمع حصيلتهم ويؤشر صوب حركتهم وتميزهم راصدا في كتاب متسلسل ما يجمع هوياتهم كونهم اعلام اصلاء، وكان سروري بالغا حين جاءني الصديق والزميل عبد عون النصراوي بنسخة من كتابه المميز (536) صفحة من القطع الكبير فقد تعرفت من خلاله على جهود" 52 "باحثا واديبا ومحققا ومقاليا وان كنت على تماس مع الكثير منهم، والمفرح في الامر ان النصراوي قد وضع على غلاف كتابه هذا عبارة (الجزء الاول) وهذا معناه ان هناك جزءا ثانيا وربما ثالثا في طريق النشر طالما ان مؤلفنا مستمر باظهار الحوارات عبر الصحف والمجلات مما يعطيه تميزا صحفيا هو اجدر به ويدعونا جميعا لانتظار (قاموس حوارات) لا شبيه له !.

لقد ميّز الزميل النصراوي مؤلفه الكبير هذا ببصمتين اثنتين:

اولاهما انه خص ّ الاحياء فقط بلقاءاته وحواراته وكان هذا في زمن اجرى فيه حواراته اما بعد نشرها في صحف ومجلات فتكون هذه الحوارات ثبتا لانشطتهم ومرجعا ل " الراحلين " منهم، وثانيتهما انه لم ينشر في كتابه مقالة او دراسة او شعرا .. الخ بل اكتفى بنشر نمط حواري صحفي ووسمها بكونها " حوارات " ليس الا، وعلى القارئ الايجابي استخلاص جملة من المعارف والفوائد من البصمتين التي اشرنا اليهما انفا .

لقد علمنا – من خلال التمهيد الذي كتبه المؤلف عبد عون النصراوي – انه فكّر بهذا الكتاب منذ حوالي عشر سنوات ليترجم من خلاله حياة اعلام العراق، وهو مسعى يختلف عن باقي التراجم التي صدرت عن حياتهم .. ومن المقدمة – التي دبجها الدكتور علاء الكتبي –عرفنا جليا ان هذه" التجربة " اللافتة ما كان لها ان تظهر بهذا الشكل لولا المساعدة التي قدمها الكتبي لصاحب الكتاب (حيث كنت رابط الوصل بين الطرفين من حيث المكان والزمان وتحت عنوان لقاءات وشهادات ادبية جرت تلك اللقاءات مع رموز البلد ...)،والذي يطالع هذه المجموعة من الحوار يتوصل بيسر الى ان كاتبها النصراوي لم ينهج فيها النهج الابجدي او الانتقائي لاعلام العراق

(وانما نهجت فيها نهج البحث عن الشخصيات البارزة في التاريخ المعاصر .. وهذا التفرد جعلني اتحرى عن الشخصيات التي لها بصمات في تاريخ العراق وفي النهوض بالحركة الثقافية والادبية

والعلمية فيه ..)،واقولها – كخلاصة عامة – ان كتابا جامعا كهذا تتجدد اهميته مع كل قراءة ولا تتوقف الفوائد المستدرة منه كما يمكن النظر اليه على انه " قاموس " سيتكامل في وقت قريب !.

 

ناظم السعود

 

في المثقف اليوم