كتب واصدارات

أسعد الاماره: عرض كتاب علم النفس الاجتماعي للدكتور فجر جودة النعيمي

asaad alemaraتعد الدراسات التي تتناول موضوعات علم النفس الاجتماعي من الأهمية التي يتناولها ليس الباحثون في مجال التخصص في علم النفس وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا فحسب، بل في المجالات العلمية المعرفية الآخرى مثل التأريخ والجغرافية وعلم الأديان المقارن، والعلوم الطبية والهندسة المعمارية والفروع الآخرى منها، حيث تتناول موضوعات علم النفس الاجتماعي السلوك الفردي والجمعي للإنسان في المجتمعات البشرية بشكل عام، وتتناول الفرد وشخصيته في الريف والمدن، والحواضر والمجتمعات الصناعية والقبلية، فضلا عن انها تدرس الفرد وشخصيته الوطنية والقومية، والدراسات عابرة الثقافات، لذا يجب علينا أن نشير بإيجاز إلى أنه صار من المألوف بين المشتغلين بالعلوم النفسية والاجتماعية، وبالآخص دراسة موضوعات هذا التخصص بطابعه العام  فيما يتعلق بدراسة القيم والتغير الاجتماعي، فضلا عن دراسة مصادر كثيرة للمعلومات يخضعونها للتحليل والتفسير، وعلى رأس هذه المصادر الأعمال الأدبية والفنية والفلكلورية وغير ذلك من المواد الإعلامية، ولعل الدكتور فجر جودة النعيمي تناول في هذا المضمار بمؤلفه " علم النفس الاجتماعي" عن موضوعات بعضها أساسية وآخرى متجددة، فطرحه لمعنى النظرية واثباتها، ومن ثم عرضه لبعض النظريات الأساسية في علم النفس الاجتماعي منها النظرية السلوكية، ونظرية الإدراك المعرفية، ونظرية القواعد والادوار، وهناك نظريات آخرى متخصصة جدًا منها نظرية جونز وديفز في الاستنتاج التوافقي وموديل "كيلي".

تناول في كتابه علم النفس الاجتماعي أيضًا موضوعات مهمة في تفسيراتها النفس- اجتماعية مثل نظرية المؤامرة Conspiracy Theory   والإسناد و"العزو"  المجتمعي Societal Attributions .

إن دراسات وموضوعات علم النفس الاجتماعي أثارت لدى الباحثين في مجالات العلوم المعرفية والعامة أكثر من المختصين، فطريقة تفكير أفراد مجتمع ما، هو تعبير عن اتجاهاتهم، ومكوناتهم الفكرية واساليب التعامل التي يستخدمونها، تناولها هذا الكتاب بطريقة علمية أكاديمية مستعرضًا لبعض المؤثرات منها طرق الاقناع، وأساليب الاذعان، والتباين بين الاتجاه – السلوك والتناشز المعرفي.

تناول المؤلف في هذا الكتاب خصائص القادة، وسمات الشخصية، والتفاعل والقيادة، وأفرد في الفصل السابع موضوعًا مهمًا هو السلوك العدواني، مستعرضًا التعريف وقياس السلوك والتفسير البيولوجي والاجتماعي، والبايواجتماعي، وموضوعات آخرى ذات صلة بالدوافع الخاصة بتكوين السلوك العدواني عند الرجال والاناث، فضلا عن العنف الأسري، وأطلق عليه تسمية العنف خلف الابواب المغلقة، وهو إيذاء الاحبة، وتعرض لموضوعات مهمة في هذا المجال منها العنف المؤسسي، والعدوان الواسع" الحرب". واستعرض الكاتب في هذا المؤلف مجالات السلوك الاجتماعي الايجابي ومن موضوعاته: لماذا يساعد الناس بعضهم بعضًا، واستعرض ايضًا النظريات المفسرة له ومنها تفسير نظرية التعلم الاجتماعي، وعمليات العزو Attribution Process ، والتأثيرات المعيارية والتعاطف والاستثارة، والنموذج الموقفي للمساعدة، ونموذج "لاتن ودارلي"، وتجربة "بيليفين وآخرين". تناول موضوعات اجتماعية مهمة في مجال علم النفس الاجتماعي وهي سرقة المحلات، والغش في الامتحانات، وموضوعات أخرى. يستعرض أيضا في هذا الكتاب موضوع اللغة كوسيلة اتصال، وكيفية استخدام اللغة الصامتة والدلالات الاجتماعية للكلام، والنظرات والاتصال بالعيون، وتعابير الوجه، بمعنى أدق موضوع لغة الجسد مع استخدام الإيماءات وأوضاعها المختلفة.

بحث هذا الكتاب في الفرد وتكوينه، وخصائصه، وواقعه، وانفعالاته في جوانبه النفسية،  وقولنا إذا كان علم الاجتماع يبحث في الجماعات ذاتها، فإن علم النفس الاجتماعي زواج بين مجالي هذين العلمين علم النفس وعلم الاجتماع، فلم يهتم بالفرد في حد ذاته، ولم يهتم بالجماعة لذاتها، وإنما أهتم بدراسة الفرد داخل الجماعة، كيف يؤثر فيها ويتأثر بها، ونود أن نلفت الأنظار إلى أن الموضوعات الوارده في هذا الكتاب موضوعات تهم الجميع الباحثين والمتخصصين، والقراء من المهتمين بالثقافة والمجتمع.

 

د. اسعد الاماره - استاذ جامعي وباحث نفسي

 

في المثقف اليوم