كتب واصدارات

قوافل من كلام والوطنُ البعيد.. قراءة في ديوان قوافل من كلام

968-ohusanعن دار شجن الحروف الأدبية المغربية الإلكترونية، صدر للشاعر المغربي "إبراهيم أوحسين" ديوانه الثاني المعنون ب "قوافل من كلام". وقد ضم الديوان مجموعة قصائد كتبت قبل ست سنوات تقريبا. وفي ما يلي توطئة للديوان بقلم الأستاذ عمر لوريكي:

إنني وَأَنَا أَقْرَأُ دِيوَانَ: "قَوافل من كلام"، للشّاعر ابراهيم أُوحسين، أَحْسَسْتُ كَأَنّ نَاياً حَزِيناً وَ غَرِيباً يَشْدُو دَوَاخِلِي، يَعْزِفُ الْوَطَنَ بِتَرْنِيمَاتِ التّأْنِيبِ وَالتّبَرّمِ وَالتّصَدّع النّفْسِيّ جَرّاءَ التّفَاعُل الإيجابي والسّلبي مع أحداثه ومجرياته.

968-ohusanإنّ ديوان "قوافل من كلام" يحملُ بين طيّاتهِ العديد من الرّسائل الخفية والمواضيع الشّائكة الواقعية السيكواجتماعية و السوسيونفسية، الّتي أرغمت الشّاعر ابراهيم أُوحسين على الخروج عن المألوف، وتكسير حواجز صمته بتخليد بوحه بين دفّتي ديوانٍ مَوْزُون ومقفّى يمتحُ من شاعرية المُتنبي والفرزدق ويتأثّر أيّما تأثّر بغربة وتلكّئ امرؤ القيس في الحب، وأيّ حبّ هو حينما يكونُ مُفعهما بالوطنية والهوية والأصالة والغيرة عليهم.

إنّهُ حبّ الرّؤيا البعيدة الّتي على مزمارها رسم الوطن المنشود، و برّر الغاية النبيلة في شعوره وأحاسيسه الدّفينة وأذكى في أنفسنا الثّورة على الخُنوع والرّضوخ لليأس ومُضاجعة اللاّشيء في تفكيرنا.

إنّ هذا الدّيوان الّذي يتألّفُ من قصائدَ عمودية أصيلة على بحور خليلية قويمة، وبقوافٍ متينة ومُعجم متماسكٍ رزين، وصور بليغة ومُفحمة، لإنجازٌ مُبهر، وطُعمة نادرة من قلب لقلوبٍ شتّى، مُفعمة بالإبداع وشَغُوفَةٌ به.

إنّني رأيتُ أنّ شاعرنا ابراهيم أوحسين وهو يرنو للتّواري عن النّاس، مُتابع لهمومه من بؤرة أخرى، ومُنصتٌ لكنْ بجوفه، وليس بخارج الأذنين كما يفعل البعض، فالإنصاتُ أنواعٌ مُنوّعة، وهناك من لا يحسنُ الإنصاتَ أبداً، فيكونُ اعتباطيا لا غير، ويقرأ الحروف دون فكّ طلاسمها و البكاء بأدمعها وما حملته من غيرة و رُؤية عميقة لما نعيشهُ ونتعايشُ معه، وهُنا اختلف الشّعراء قديما وحديثا..

يظهرُ لي وكأنّ الشّاعر غريبٌ عن نفسه..يتباكى عليها باستمرار..يحبُّ العُزلة ويركن للفراغ، ليفرّ من الضّجيج إليه..لايسمو بنفسه لنفسها، ولا لمرتبتها بين شُعراء عصره، يوبّخ فيه الآخر ويدفنُ بِقلبه حقّه في الحياة على وتر الوُجود.

إنّهُ ناي متدفق بالحزن و معزوفة وطنٍ بعيدٍ، منذ الاستهلال حتى الخاتمة.

 

 

 

ومما أثر في نفسيتي ما أورده في قصيدة: "أنا الناي...معزوفة الوطن":

يا أيُّها الوَطَنُ الغَـــافِي على هُدُبِي == اِعْزِفْ على وَتَر الأشـواقِ عَوْدَتَنَا

وقُلْ: أنا النَّايُ في ألحـَـانهِ اجتمعتْ == كلُّ المواويـلِ فانْقَــادتْ لَهُ زَمَنَا

حتى يقول:

سَلِ الصِّحافَ،سَلِ التَّـاريخَ عنْ دُوَلٍ == أعْيَتْ معالمُهـَـا العَيْنَيْنِ والأُذُنَا

مَا نَـــالَ منها غبارُ الدَّهرِ أوْ قِدَمٌ == ومَــارِدُ الخُلْدِ في أطْلالِهَا دُفِنَـا

وفي قصيدة :"لمن يهمه الأمر"

شِعْرِي لَقَدْ دَمَعَتْ مِنْ وَحْيِهِ مُقَلِي

شَوْقاً لعَهْدِ أبِـي بَكْرٍ وعَهْدِ عَلِي

..

أهْفُو إلـى قَلَمٍ أشْكُو الـوزيرَ بِهِ

حَالِي وحــالَ عبادِ اللهِ في الجَبَلِ

 

 

في المثقف اليوم