ثقافة صحية

اسباب ارتفاع بوتاسيوم الدم

ayat habaيمكن أَن يحدث فرط بوتاسيوم الدم لعدة اسباب منها تناول الكثير من ملح البوتاسيوم، إفراغ أيونات البوتاسيوم في البول وتسرب البوتاسيوم مِن الخلايا والأنسجة إلى مجرى الدم، ويعد السبب الأكثر شيوعاً لفَرط بوتاسيوم الدم هو مرض الكلية، وتقاس وظيفة الكلية من خلال نسبةَ التَرْشيح الكبيبي، وتبلغ النسبةَ الطبيعية حوالي 100 ميللتر/ دقيقة. أما إذا تضررت الكلية فإن نسبة التَرْشيح الكُبَيبِي تكون فقط 5 ميللتر/ دقيقة أَو أقل مما قد يؤدي لفَرط بوتاسيوم الدم، وخصوصاً إذا تم تناول أطعمة ذات مُحتوى بوتاسيوم عالي .

الحقيقة ان الكبار في العمر بشكل خاص يكونوا في موقف حرج لذا يفترض مراقبتهم وخاصة الذين يتناولون أدوية خاصة مثل ادوية ضغط الدم العالي (السبيرونولاكتون (ألداكتون) - التريامتيرين (الدايازايد)، لانهم اكثر عرضة للإصابة بفرط بوتاسيوم الدم، لأنّ هذه الأدوية تعزز من احتِباس البوتاسيوم عبر الكِلية . ممكن كذلك أن يتسبب مرض في الغدة الكظرية ( داء أَدِيسون) من فرط بوتاسيوم الدّم وذلك من خلال انتاج الغدة الكظرية هورمون الأَلْدوستيرون الذي يحسّن إفراغ البوتاسيوم في البول عن طريق الكلية . ويُمْكِن أن ينتُج فرط بوتاسيوم الدم مِن إصابة لعضل أَو أنسجة ما بالجسم، كون أغلب البوتاسيوم في الجسم موجود في العضل، وقد ينتج أيضاً مِن بلازما الدمِّ الحمضي، وهو سبب عرضي لفرط بوتاسيوم الدم ويُعرّف كزيادة في تركيز أيونات الهيدروجين في مجرى الدمّ زيادة حموضة بالدم تؤدي إلى تبادل الهيدروجين مع البوتاسيوم على جدار الخلية، حيث يدخل الهيدروجين الخلية وتخرج كاتيونات البوتاسيوم من الخلية إلى الدم لتزيد نسبة البوتاسيوم في الدم .

لنأخذ من الأمثلة حموضة الدم الناتجة عن الزيادة المفرطة لسكر في الدم (مرض السكري)، ولكن هنا إدرار البول الناجم عن زيادة نسبة السكر في الدم يساهم في التقليل من البوتاسيوم في الدم إلا في حالات القصور الكلوي. اما عن حالة تلف الخلايا إذا ما تلفت الخلايا بكميات كبيرة، فإن المكونات الخلوية بما فيها السائل الخلوي ستنساب إلى السائل البيني ومن ثم إلى الدم وبالتالي فإن تركيز البوتاسيوم في الدم ستزيد ومن الأمثلة على الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى تلف للخلايا الحروق الكبيرة مثل حروق الجلد والعضلات، انحلال الدم (فقر دم انحلالي وفقر الدم) فإن كميات من البوتاسيوم تنساب إلى بلازما الدم وبالتالي يرتفع تركيز البوتاسيوم في الدم. كذلك انحلال الخلايا السرطانية إما التلقائي بطبيعة المرض أو كنتيجة للعلاج الكيميائي، في هذه الحالة قد يؤدي الانهيار السريع للخلايا السرطانية إلى تعطيل عمل الكلى مما يزيد من حدة فرط البوتاسيوم بشكل كبير.

وتعتبر الآثار الجانبية للأدوية أحد أهم أسباب إفراط البوتاسيوم في الدم، وليست نادرة الحدوث مثل مخفضات ضغط الدم (مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE inhibitor،مدرات البول الموفرة للبوتاسيوم مثل (Spirinolacton) ولهذا ينصح الأطباء بقياس نسبة البوتاسيوم في الدم عند البدء بتناول مثل هذه العلاجات وبالذات المدرات الموفرة للبوتاسيوم تفادياً لحدوث ارتفاع بوتاسيوم.

الفشل الكلوي بكلا نوعية الحاد والمزمن يؤدي إلى تعطيل دور الكلية عن طرح البوتاسيوم، وبالتالي يزيد تركيزه بالدم لمستويات عالية قد تصل نسبة البوتاسيوم 7 ميلليمول/ليتر دون أن تكون هناك أعراض في حالة القصور المزمن، بينما لا يتحمل المريض بالقصور الحاد نسب أقل بكثير من ذلك. علاج القصور الكلوي المصاحب   بارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم بغسيل الكلى.

اما عن أكبر خطر لفرط البوتاسيوم هو التأثير على انتظام دقات القلب محدثا اضطرابات خطيرة قد تؤدي إلى السكتة القلبية، أو إلى هبوط حاد في ضغط الدم. لذا فإن الحالات الحادة من فرط البوتاسيوم لابد أن يتم علاجها بالمستشفيات المجهزة بغرف عناية مركزة.

هناك عدة أساليب ممكن من خلالها التغلب على فرط البوتاسيوم بالدم، ويعتمد العلاج على سبب ارتفاع البوتاسيوم وعلى نسبة ارتفاع تركيزه في الدم، ففي الحالات الطفيفة يمكن محاولة العلاج ببعض الأدوية، ولكن في الحالات الحادة فلا مفر من الغسيل الكلوي. فمثلا اذا كان السبب في أدوية تؤدي إلى زيادة نسبة البوتاسيوم في الدم، التوقف عن تناول هذه الأدوية هو الحل الأمثل، ويُستعاض عنها بأدوية أخرى أو قد يُضاف دواء جديد يعمل على تقليل نسبة البوتاسيوم في الدم، ومثال ذلك إضافة مدر للبول غير موفر للبوتاسيوم يساهم في زيادة طرح البوتاسيوم وبالتالي التقليل من تركيزه في الدم.

اما عن العلاج الدوائي يمكن علاج كثير من الحالات بالأدوية منها 1- مدرات البول الطارحة للبوتاسيوم هذه المدرات تعمل على إدرار البول من خلال التخلص من الأملاح مثل البوتاسيوم في قنوات الكلية، وبالتالي يتبعها الماء، الأمر الذي يزيد من كمية البول، إحدى الآثار الجانبية لهذه الأدوية نقص بوتاسيوم الدم، هذه الخاصية تستخدم أيضاً في علاج فرط البوتاسيوم الناجم مثلاً عن الأدوية المدرة للبول الموفرة للبوتاسيوم، بحيث تعمل على معادلة أثرها.

2-الإنسولين والكلوكوز معاً: إن من صفات الكلوكوز أنه يدخل الخلية عن طريق تعاوني مع البوتاسيوم بأنزيم على جدار الخلية يعمل على نقل مركب الكلوكوز كاتيون والبوتاسيوم معاً إلى داخل الخلية بمعاونة هرمون الإنسولين، هذه الخاصية تستخدم في تقليل تركيز البوتاسيوم في الدم وذلك بنقل البوتاسيوم مع الكلوكوز من خارج الخلايا إلى داخلها، وتتم بإعطاء المريض كمية من الكلوكوز مضاف إليها كمية مكافئة من الإنسولين بحيث لا تتغير نسبة السكر في الدم لا زيادة ولا نقصان لأن الغرض هو التأثير على نسبة البوتاسيوم لا على نسبة السكر في الدم.

تُستَعمل حقَن الأنسيولين لمُعَالَجَة فَرْط بوتاسيوم الدم في حالات معينة. والأنسيولين هورمون معروف بقدرتِه على تنبيه دخول السُكّر (الكلوكوز) إلى الخلايا. وهو كذلك يحرّض على قَبْط آيونات البوتاسيوم من خلال الخلايا، وخفض تركيزَ أيون البوتاسيوم في الدمِ . يتم أيضاً حقن الكلوكوز تَبْدأُ مستويات بوتاسيوم المصل بالهُبُوط ضمن 30 إلى 60 دقيقة وتَبْقى منخفضةً لعِدّة ساعات.

3-أدوية رابطة للبوتاسيوم ومسهلة تقوم هذه الأدوية بربط البوتاسيوم في الأمعاء، والتسبب في نوع من الإسهال، وتستغل المساحة الكبيرة لجدران الأمعاء في تبادل وربط كمية كبيرة من البوتاسيوم وطرحها عبر البراز.

4-غسيل الكلية في حالة فشل الأدوية أو في حالة الفرط الحرج في تركيز البوتاسيوم في الدم، أو حالات الفشل الكلوي المزمنة، فإن غسيل الكلية يعتبر الطريقة المضمونة للتخلص من البوتاسيوم .

5- لمن يعاني من ارتفاع البوتاسيوم يجب أن يهتم بالتغذية اولا والابتعاد عن بعض الأطعمة مثل الذرة، اللحوم الحمراء   وعن بعض الفواكه مثل الموز أو المانجو إلى أخره .

6- يمكن استخدام صودا الخبز للتخلص من ارتفاع نسب البوتاسيوم، يعتبر صودا الخبز أحد المواد القاعدية ولذلك يتم استخدامه لمعادلة أحماض الجسم، ويستخدم الصودا في بعض الحالات الصحية مثل تشكل الحصى في الكلى، الفشل الكلوي أو زيادة إفراز الأحماض، في الواقع إن الصودا يعمل بشكل سريع على خفض الحموضة، وإن تناوله بكميات كبيرة قد تؤدي إلى ظهور أعراض التسمم، ومن هذه الأعراض القيء الإسهال أو الإمساك ضعف العضلات أو التشنج، وفي حال تعرض المرء لهذه الأعراض بعد تناول الصودا يتوجب عليه مراجعة الطبيب لمعالجة التسمم .

7- يمكن معالجة فَرْط بوتاسيوم بنظام غذائيّ منخفض البوتاسيوم. وإذا لم يَنْجح ذلك، يُمْكِن إعطاء المريض راتين خاصّ لرَبْط آيونات البوتاسيوم. ومثل هذا الراتين، سَلفونات بوليستيرين الصوديوم (Kayexalate)، يبقى في الأمعاء حيث يَمتص البوتاسيوم ويُشكّل مركّب من الراتين والبوتاسيومِ. في النهاية يتم إخراج هذا المركّب من خلال الغائط. والجرعة المثالية مِنْ الراتين هي 15 غرام، تُأخذ مرة إلى أربع مرات في اليوم. حيث أنّ تصحيح فرط بوتاسيوم الدّم بعلاج الراتين يأخذ على الأقل 24 ساعة.

واخيرا اتمنى للجميع الصحة والعافية .

 

د. ايات حبه

 

في المثقف اليوم