أقلام ثقافية

من الموروثات الشعبية التركمانية في طوز خرماتو .. وداع (شر الشهور)

zaheed albayatiهناك علاقة وثيقة بين وداع شهر صفر وابناء طوزخرماتو ..هذه المدينة الموغلة بالقدم ..بلدة الموروثات الشعبية ومهد الصناعات الطينية الشعبية في العراق، والمميزة بصناعة الفخار (الشربة) تلك الصناعة التي تعد الجسر الانساني الذي يربطهم بالماضي الحضاري العريق .

فقد توارث التركمان عادة كسر الأواني الفخارية في نهاية شهر صفر من كل عام ويسميها البعض (شرا شور) ويبدو انها تعويذة شعبية تعني وداع الاحزان والنحس (شهر الشرور) او (شر الشرور) ..

التركمان حالهم حال اخوتهم العراقيين توارثو وقاية انفسهم بأنفسهم من الأمراض النفسية فوجدوا بأن خير وسيلة للبحث عن مضادات (الكآبة) اللجوء الى كسر الاواني الفخارية كالشربة (التنكة) والاواني المنزلية المختلفة، والغريب في الأمر بأن جداتنا كن يفضلن كسر الفخاريات الجديدة غير المستعملة، في تحد واضح للواقع المر والاصرار على صناعة (المناعة) ضد كل امراض العصور السوداء التي مرت على العراق المجبول على الحروب و الطغاة والنزوات والكوارث والزلازل والأوبئة والغزوات !

879-zahid

وهناك مفارقة غريبة في ارتباط صناعة (المناعة) بصناعة الفخار على ما يبدو، فيما يخص وداع شهر صفر لاسيما حين يتحول شهر النحس الى موسم ازدهار في بيع الفخاريات ! ليس لاستخدامها في المنازل بالتأكيد وانما لكسرها نهاية الشهر في محاولة لكسر ارادة الشيطان وابعاد الشر والشرور ومفارقة الاحزان والمصائب والسواد باشعال النار ونثر البخور في مواقد الفحم (المنقلة) .

اليوم الأول من شهر ربيع الأول يشهد ظهور الناس بروحية جديدة وحالة نفسية مرتفعة وروح معنوية متفائلة مع ارتداء الناس للملابس والثياب المائلة الى الأبيض والألوان الزاهية، يرافقها نثر العطور على الملابس فيما يسعى البعض لتوزيع الزبيب مع بعض انواع الحلوى (الجكليت).

ومع دخول شهر ربيع الأول ينتفض الناس من انتحاسهم ! وتجاوز انكماشهم للانطلاق نحو اجراء مراسيم الزواج والختان والافراح وغيرها من النشاطات والفعاليات المفرحة ..

اللهم انا كسرنا الشربة الفخارية الجديدة في مهد صناعتها .. فابعد عن العراق وحدوده واهله، شر الأشرار وشرور داعش ومن يدعمه .. وابعد عن مدننا شبح القتل والمفخخات والدمار .. ونحو عام جديد مليء بالافراح والسلام والامل ..

 

زاهد البياتي

كاتب وباحث

في المثقف اليوم