أقلام ثقافية

برامج الاطفال بين الامس واليوم

تعتمد الامم والشعوب على مستقبل اطفالها من اجل النهوض والتقدم، لذا فإن بناء شخصية الطفل يترتب عليها نشوء اجيالا قادره على القيام بمهامها على اتم وجه، فاذا اردنا ان نحقق السلام الحقيقي في العالم علينا ان نبدا من اللبنات الاولى الا وهي الطفولة.. وهذا البناء تحدده عدة عوامل، ومن هذه العوامل البرامج التلفازيه وبرامج الحاسوب..

من منّا لم يشاهد برامج الاطفال في السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات، افلام كارتون هادفه يخرج منها الطفل بموعظه وعبره، تبث فيه روح المثابره، المساعده، الحب، الخير، نبذ الشر، وغيرها من الامور التي تزرع قيم الفضيله في نفس الطفل بطريقه شيّقه فتثمر انسانا على اعلى مستوى من الانسانيه، بطريقة تعامله مع اهله اولا ومع المجتمع ثانيا، فترى الانسان كان بارا بوالديه، مثقف، محب للخير يتمتع بقيم انسانيه عاليه تجعله اهلا لان يكون انسانا..ماذا كان يشاهد الطفل في التلفاز؟

افلام كارتون تتكلم عن التاريخ، تتكلم عن حب الاهل وروح التعاون، تتكلم عن مساعدة الاخرين وقيم الصداقه الحقيقيه، افلام عن قصص الشعوب، والقائمه طويله جدا من الافلام الهادفه ..يعتمد الطفل على مايتعلمه ويكتسبه من ثقافات من اهله اولا ثم من المحيط ثانيا..

افتح ياسمسم هذا البرنامج التلفزيوني العملاق الذي كان ياخذ على عاتقه تعليم وتثقيف وارشاد الطفل ابتداءا من تعليمه الحروف الهجائيه ومقاطع الكلمات والارقام الى زرع المبادئ والقيم الساميه التي تعزز فيه روح الانسان كقيمه عليا، لقد كان برنامجا تعليميا بجدارة وباسلوب شيّق يجعلنا ننتظر موعده بشغفٍ كبير ..

وبرنامج سلامتك هذا البرنامج القيّم الذي يزرع المبادئ الصحيه لحياة سليمه خاليه من الامراض، يقوم بارشاد افراد العائله ككل عن طريق التذكير بضرورة التلقيح، الابتعاد عن شراء الطعام المكشوف، مراجعة المراكز الصحيه، وغيرها وكل ذلك يتم عن طريق مقاطع تمثيليه محببه وباسلوب طريف لايصال المعلومه عن طريق الايحاء..

برنامج سينما الاطفال الذي كانت تقدمه المذيعه الرقيقه بطريقه رائعه ومشوقه عن طريق عرض فيلم هادف ثم سؤال الاطفال عن الامور الجيده والسيئه في الفيلم الذي يخرج منه الطفل بحكمه وموعظه..وحتى الكارتون الروسي المترجم القديم كان له الاثر البالغ في اثراء نفسية الطفل بكم هائل من المبادئ والعبر..

تلك الفتره التي شيدت وبحق صرح هائل من العلماء والمفكرين والادباء الذين اثروا المجتمع بابداعاتهم الجليله، فكانت وبحق جوهرة التاج لسنين العراق..

اين برامجنا الهادفه المميزه المنتقاة التي اسهمت جنبا الى جنب مع المدرسه والبيت من اجل بناء شخصية انسانية قويمة ذات مبادئ ونهج اخلاقي على اعلى مستوى لها خلفيه ثقافيه هائله تعتمد عليها في الحياة..

اما الان فقد حلّت ثقافة الوجه الاخر للنت والالعاب العنيفه وافلام الكارتون الرخيصه التي تشجع الطفل على العنف والكذب والغش وابتزاز الاخر والفوضى العارمه بكل شئ بما فيها التمرد على الاهل والمدرسه والتقاليد..اشكال غريبه وقصص اغرب بدون هدف بدون مغزى الغايه منها الهدم وليس البناء تصوغها باسلوب خبيث تحببها لدى الطفل فما ان ينتهي من المشاهده حتى يبدا التطبيق على ارض الواقع بالتقليد واداء نفس الحركات بايذاء اخوته الصغار بترديد نفس الكلمات الهدّامة..هذه البرامج الرخيصه التي غزت عقول الاطفال واليافعين فتجده لايملك الاثقافه بسيطه جدا او تكاد لاتتناسب مع تعب الاهل وذهابه الى المدرسه يوميا، تجده يتكلم عن التفاهات والترهات واخر التقليعات بطريقه مبهره..

في السابق كنا نشاهد في فيلم الكارتون قوتان قوة خير وقوة شر يتصارعان فيما بينهما لينتصر الخير في النهايه..اما الان فتجد عدة قوى شريره تتصارع فيما بينها من اجل التخريب والايذاء !! كيف ينام الطفل وقد علقت بذهنه هذه الكميه من الوحوش المرعبه الغريبة الاشكال والاحجام والالوان !!كيف ينام وهو يرى الجثث المتقطعه والدماء في العاب الاتاري!!

هذه الالعاب تجعل الطفل يستسيغ كل هذه الامور من قتل ودماء وعنف..

كيف يدير الطفل برنامجه اليومي وكل هذه الامور تحيط به بلارحمه..

لنلتفت الى اطفالنا ونراقب ماذا يشاهدون وكيف نتعامل مع هذه الثقافه الهدّامه، وكيف نحصن شخصية الطفل من الوقوع في هذا المستنقع الخطر الذي بدانا نرى ثماره من خلال مانلمس من انتشار الجريمه والعزوف عن الدراسه والانحلال الخلقي لدى شريحه ليست بالقليله واذا لم تتخذ الاجراءات الوقائيه فسوف تنتشر هذه الثقافه الرخيصه كانتشار النار في الهشيم..

المطلوب وقفه جاده من قبل الاهل والمجتمع وعمل برامج تثقيفيه مكثفه لتوعية الطفل وتحصينه وايجاد برامج بديله اكثر نفعا وتاثيرا في شخصية الطفل..

واخيرا اقول..الطفل مرآة عاكسه يعكس كل مايراه سلبا اوايجاباً..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم