أقلام ثقافية

فيصل عبد الوهاب: مسؤولية الكتابة

فيصل عبدالوهابأقيمت أمسية ثقافية في اتحاد أدباء صلاح الدين في يوم 8\1\2022 لتكريم الناقد الكبير د. محمد صابر عبيد حيث ألقى محاضرة بعنوان " فلسفة الكتابة بين الأداة والموضوع " وأدار الأمسية الشاعر د. سعد جرجيس. وتحدث الناقد عبيد في البدء عن مسؤولية الكتابة أو بمعنى آخر استسهال الكتابة والتفاهة المتفشية في زمن الاتصالات ومنصات التواصل الاجتماعي حيث تكتب ثلاث روايات في أسبوعين فقط  بينما استغرق الكاتب أورهان باموق أربع عشرة سنة في كتابة روايته " متحف البراءة" بما فيها عشر سنوات للتحضير لكتابتها. وأشّر الناقد ظاهرة كثرة الكتّاب وندرة القراء وأورد إحصائية تقول أن العربي يقرأ ربع صفحة كل سنة بينما يقرأ الأميركي ثلاثة عشر كتابا في السنة والانكليزي تسعة كتب وهكذا. وقال الناقد أن على الكاتب أن يكون من الرهافة والحرص بحيث يدقق في كل كلمة  أو جملة يكتبها وقياس مدى تأثيرها في القارئ وقال أن ذلك لا ينطبق على الكتّاب والشعراء فحسب وإنما على النقاد أيضا. وقال أن هناك فارقا شاسعا بين معلم النقد والناقد وأورد مثلا على ذلك حين وصف أحد النقاد المعروفين بأنه معلم نقد وليس بناقد في ندوة أقيمت في بغداد حيث أحدث هذا التصريح ضجة كبيرة. ثم اعترض الناقد على التسميات المعروفة  في الوسط الثقافي بتصنيفهم وفق المناهج أو الأدوات المستخدمة في نقدهم. فالمناهج أو النظريات النقدية هي أدوات يستخدمها النقاد ومنهم من يبرع في ذلك بينما يخفق البعض الآخر. وتحدث الناقد أيضا عن تجربته في الكتابة الروائية وهو المعروف شاعرا وناقدا ووصفها بأنها تجربة أليمة مقتبسا كلامه من أحد الكتّاب الروس وقال إنها تجربة لن تتكرر مشيرا إلى صعوبة الكتابة في هذا الفن الذي يستلزم خبرة معرفية هائلة.

وانتهز الحضور ومنهم كاتب هذه السطور الفرصة كي يسأل الناقد عما يطرحه من آراء في كتاباته التي تنشرها الصحف والمجلات تباعا حيث بادره بثلاثة أسئلة: الأول عن مقالة كتبها الناقد عن الكتابة حيث قال ان الكتابة لديه (لعب) وهو ما يتناقض مع ما يطرحه الآن في هذه الأمسية عن مسؤولية الكتابة وخطورتها. وقد فسّر الناقد الكلمة تفسيرا فلسفيا يختلف عن المعنى العام لها. أما السؤال الثاني فكان عن النقد الثقافي واهمال الأوساط الجامعية لهذا النوع من النقد حيث اكتفى بالقول ان النقد الثقافي أكذوبة. أما السؤال الثالث فكان عن إحدى مقالاته أيضا حيث هاجم فيها قصيدة النثر والشاعر سرجون بولص ، فأجاب بالقول ان ما كان يقصده هو العكس تماما حيث اكد على قدرة الشاعر سرجون بولص على اظهار أهمية الإيقاع في قصيدة النثر كونه بديلا عن الوزن في الشعر العمودي حيث كتب قصيدة موزونة وفق بحر الكامل ولكن لا يتوفر فيها عنصر الإيقاع  وكتب قصيدة نثر يتوفر فيها هذا العنصر.

ثم انبرى الشاعر د. ابراهيم مصطفى الحمد للدفاع عن النقد الثقافي وقال أن ما جاء به هذا النقد هو فكرة الأنساق الثقافية واظهر سلطة المؤلف والنص والقارئ بعدما أخفيت سلطة المؤلف وفق النظرية البنيوية. وقال الشاعر ايضا أن فكرة النقد الثقافي مطبقة أساسا لدى العديد من النقاد العرب ومنهم الناقد القديم عبد القاهر الجرجاني ومقولته في مسألة اللفظ والمعنى ، ومعنى المعنى. فيما اعترض د. حمدي حميد يوسف على مسألة التخلي عن الكتابة في زمن تكثر فيه التفاهة وقال أنه يجدر بنا أن نقف بوجه هذا الاتجاه ومحاربته وتبرز مسؤولية المثقف في الاصلاح وليس الاستسلام. ثم قرئت شهادتان عن الناقد عبيد من طلبته: الأولى من الشاعر ابراهيم الحمد حيث حدد السمات الفكرية والأدوات المنهجية للناقد عبيد حسب رأيه حيث كان معجبا برولان بارث ومنهج البنيوية واطلق عليه صفة الناقد البنيوي. أما الشهادة الثانية فكانت من الناقد الدكتور غنام محمد خضر حيث أشاد بالناقد عبيد وطريقته بتشجيع طلبته والأخذ بأيديهم للوصول إلى المنصات الجامعية والثقافية.

 

د. فيصل عبد الوهاب

 

في المثقف اليوم