أقلام ثقافية

عامر هشام الصفار: حديث عن الحب.. بل عن هرموناته

عامر هشام الصفارلن يكون سهلا الحديث عن الحب.. فهو حديث قلوب ومشاعر وأحاسيس.. مما يجعل النبض عندك متسارعا وشهيتك للطعام متقلبة.. كما نومك الذي قد يفارقك، لأنك عرفت طعم الحب.. فأدمنت الأرق..!.

وكل ذلك ما تقوم به الهرمونات في جسمك .. فكيف ذلك؟.. وهل هناك أدوية تساعد الأنسان على الحب؟.. وأن كان الأمر كذلك فهل هناك أدوية للكراهية؟.. "فالحب كده.. وصال ودلال ورضا وخصام.. أهو من ده لده.. الحب كده"..

الحب .. والهرمونات

أما الهرمونات فهي مواد كيميائية تفرزها غدد في جسم الأنسان .. ومن هذه الغدد التي تفرز الهرمونات ما كانت لها قناة توصل أفرازاتها لأعضاء مقصودة بعينها في الجسم... ومنها غدد صماء لا قناة لها ولكنها تفرز هرموناتها – نواقلها الكيميائية- فتسير في مجرى الدم فتؤثر في عصب وفي خلايا جسمية مختلفة..فتختلف الوظيفة وتتباين الأستجابات.

ومن المعروف طبيا أن الأحساس بالحب تولده هرمونات أربعة: الأوكسيتوسين، والدوبامين، والبيتا أندورفين، والسيروتونين... أما هرمون الأوكسيتوسين فهو الأساس في قدرة الأنسان على أقامة العلاقات، حيث يقلل من الموانع والكوابح تجاه بناء علاقات جديدة..

أما هرمون الدوبامين فهو الذي يزيد في الأندفاع، ويكافيء النفس على ما أنجزت حبا وعلاقة.. وأذا أدمنت الحب على المدى القصير فما لك الا أن تلوم هرمون السيروتونين ..اما اذا أدمنت الحب بشكل مزمن فالملامة تقع على هرمون البيتا أندورفين.

وقد أدرك الأنسان منذ آلاف السنين أن لابد من وصفة من الطبيعة المحيطة لجعل الحب يغمر القلوب.. بعيدا عن السحر والسحرة.. وقد أصبح ذلك الحلم حقيقة في عالمنا المعاصر، فهناك أدوية معروفة اليوم صنعت الهرمون الطبيعي الأوكسيتوسين ليزيد تقلصات عضلة رحم المرأة فيساعدها في عملية ولادة الجنين.. ولكنه كما أثبتت البحوث الطبية ذلك يزيد في المشاعر العاطفية حرارة ايضا ويزيد في درجة الأندفاع الأجتماعي في العلاقات...

أما عقار أم دي أم أي أو ألأيكستسي، فهو الذي يؤثر في الأنسان، فيزيد فيه حالة الفرح والنشوة.  أما مضادات الكآبة، فلها تأثيراتها المشابهة لهرمونات الفرح والحب، فكلاهما كما يبدو يؤثران في النواقل العصبية الكيميائية في جسم الأنسان...

والرأي عندي أن لا دواء يمكن أن يكون فعالا دون الأستعداد الشخصي لتقبل النتائج.. بل وأحيانا تأتي هذه النتائج والتأثيرات عكس ما كان متوقعا!. وهنا يتوجب الحذر...

ويثير المهتمون بموضوعة هرمونات الحب أسئلة تخص العلاقة مع الآخر .. فكيف سيكون الحال أن رفض الطرف الثاني في العلاقة تداخلا دوائيا لخلق النشوة والفرح والحب..؟.. وهل ستتمكن المختبرات الطبية من أيجاد دواء يزيل ذكريات المرارة في حالة الفشل في علاقات الحب بين البشر؟..

ونشير هنا الى أدوية مضادة للكآبة أخرى من نوع أس أس آر آي والتي يعرف عنها أنها تخفض وتقلل في تفاعلات الجسم العاطفية.. فهل يمكن أن يفيد منها تجار الكراهية مثلا..؟..

وبعد فالحب أحساس جميل، قد لا تصفه لغة العلم والفلسفة، قدر ما تصفه لغة الشعر والأدب، وتعبر عنه فرشاة الفنانين المبدعين... فها هو جميل بثينة يبكي حبيبته التي قتله حبها ليقول فيها:

خليلي فيما عشتما هل رأيتما

قتيلا بكى من حب قاتله مثلي

أرحميني فقد بليت فحسبي

بعض ذا الداء يا بثينة حسبي

لامني فيك يا بثينة صحبي

لا تلوموا قد أقرح الحب قلبي

زعم الناس أن دائي طبي

أنتِ والله يا بثينة طبي

***

الدكتور عامر هشام الصفار

 

في المثقف اليوم