أقلام ثقافية

ناجي ظاهر: شاعر.. في متاهة

ناجي ظاهرلا شك أن لكلمة شعر وشاعر، في أدبنا العربي، قديمه وحديثه، إيقاعًا خاصًا، تنحني له الرؤوس احترامًا وتنفتح النفوس رغبة، ومن المعروف أن اجدادنا العرب القدماء، في الفترة الجاهلية تحديدًا، كانوا عندما يظهر شاعر بين ظهرانيهم، يقيمون الولائم ويعزمون العزائم احتفالًا بهذه المناسبة السعيدة.. فقد كان الشاعر يعتبر لسان حال قبيلته.. بإمكانه أن ينشر فضائلها وحسناتها في المحافل الأدبية وبين القبائل؟.. ناهيك عمّا قيل عن الشعر من أنه ديوان العرب..

لقد أغرت كلمة شاعر الكثيرين فجروا وراءها سنواتٍ وسنوات، دون أن يدركوها، وأذكر بالمناسبة أن كلمة شاعر كانت من أكثر الكلمات استعصاء، فهي لا تُطلق على أي شخص ما زال يقرزم في عالم القول الشعري، وليس بإمكان أي شخص أن يحظى بها، الا بعد أن يصلب عوده الشعري ويعطي من القول فيه ما يستحق الإشادة والتشريف. وقد بقي الامر يمضي على هذا النحو إلى أن ظهرت وسائل الاتصال الاجتماعي، فبات بإمكان كلّ شخص أن ينشر دون أية واسطة، كما كان عليه الامر في السابق، كما بات بإمكانه أن يُطلق على نفسه أية صفة يريدها ويهواها.. ناسيًا، او متناسيًا، أن الآخرين هم من يصفوننا بهذه الصفة أو تلك.

صحيح أننا نعيش فترة جديدة في حياتنا، نحن البشر على هذه الأرض، فترة لها مميزاتُها ومواصفاتُها الخاصة بها والنابعة من أعماقها الخاصة بها، وصحيح أننا نعيش متغيرات متسارعة، من الصعب فهمُها وادراك ابعادها ومراميها تمام الادراك، غير أن هذا لا يعني أننا فقدنا كوابح المرحلة السابقة ومميزاتها الرائعة، لننتقل بالتالي إلى مرحلة من الفوضى لا يفهم فيها احدُنا على الآخر.. وربما لا يريد.

فلنحافظ أيها الاحباء على ما هو جميل ومعبر في الفترة الماضية، ولنتواضع قليلًا، تاركين لآخرين أن يطلقوا علينا ما يرونه من صفات والقاب جديرة بنا.. اذ لا يجوز أن نبتذل مثلًا صفة شاعر.. هذه الصفة التي عاش الكثيرون ورحلوا عن عالمنا وهم يحلمون بأن تطلق عليهم.. دون أن يحظوا بها.. ارحموا صفة شاعر.

 

بقلم: ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم