أقلام ثقافية

لطيف القصاب: فلسفة رفع منسوب الكلام وخفضه

يُروى أن حكيماً هنديًا أبصر جمعاً من الناس يزعق بعضهم بوجوه بعضهم الآخر فتساءل قائلا: لماذا ترتفع أصوات هؤلاء الناس هكذا؟ فأجابه أحدهم معللًا:

إن الضوضاء تشتد وتيرتها كلما انخفضت درجات الهدوء ...

فردّ عليه الحكيم متسائلاً أيضًا:

ولكن لِمَ تصرخ بوجه رفيقك الذي لا يبعد عنك إلا بأشبار قليلة !

ثمّ أردف قائلًا:

عندما يغضب شخصٌ من آخر سيتباعد قلباهما بمسافة شاسعة، ولكي يستطيعا عبور تلك المسافة الشاسعة ليسمع كلٌ  منهما صاحبه لابدّ أن يرفعا من صوتيهما، وكلما اشتدت سَوْرة الغضب ازدادت حدة الصوت، وغاب الهدوء، هذا هو السرّ يا عزيزي ...

يا أخي تأمّل معي في جواب هذا السؤال المختلف:

ما الذي يحدث عندما يقع شخصان في شَرَك الحب؟

هل تتوقع أن يصرخ أحدهما بوجه الآخر؟

أبداً أبداً ...

بل سيتحدثان برقّة وبهدوء هل تعلم السرّ في ذلك؟

السرّ ياعزيزي في الحبّ الذي يستدعي القرب ...

فكلما ازدادت المحبة خفتت الأصوات...

وفي النهاية لن يكون هناك داعٍ للكلام، حتى الهمس سيختفي هو الآخر ليحلّ محله النظر!

أحبابي عندما تختلفون في أمرٍ ما وأنتم تتناقشون أو تتجادلون، لا تسمحوا لقلوبكم بالتباعد والتناشز

  لا تسمحوا للكلمات أن تُفَرِّق شملكم!

عن الأدب الهندي المترجم بتصرف

***

لطيف القصاب

 

في المثقف اليوم