أقلام ثقافية

المعاجم لا تحوى كل ألفاظ اللغة

حقيقة علمية يجب أن نقر بها، وهى أن المعاجم لا تحوى كل ألفاظ اللغة، ليس هذا فى العربية وحدها، بل هو أمر كائن فى كل اللغات . فاللغة أوسع من أن يحيط بها معجم أو مجموعة معاجم، وإنما المعجم هو حركة رصد واستقصاء لما يمكن جمعه من ألفاظ اللغة . ولذلك فإننا نجد تفاوتا بين معجم وآخر فى عدد الجذور اللغوية التى يحويها كل معجم، لابد من وجود هذا التفاوت، فعدد الكلمات فى أى معجم يختلف عن عدده فى معجم آخر .

ونلاحظ أيضا على سبيل المثال عددا من المعاجم التى أصدرها مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وهى المعجم الوجيز والمعجم الوسيط والمعجم الكبير . فإن مسمى المعجم فى حد ذاته إنما هو إشارة وإقرار بهذا التفاوت، فالمعجم الوسيط يحوى أكثر مما يحويه الوجيز، والكبير يحوى أكثر مما يحويه الوسيط. والكبير فى حد ذاته مع أنه محاولة رائدة، إلا أنه ينطبق عليه ما ينطبق على أى معجم .

ونلاحظ أيضا وجود عديد من الكلمات والألفاظ العربية فى مؤلفات غير معجمية عند القدماء، وهى غير مذكورة فى معجم، أو لم يجمعها معجم واحد، لذا فإن الكاتب القديم يذكر مثل هذه الألفاظ ثم يشير هو إلى معناها، ومن ذلك على سبيل المثال " رسالة الغفران للمعرى " بما تحمله من كنوز لغوية . وبعد ذلك يمكن أن يأتى معجم جديد ويأخذ مما ذكر فى هذه المؤلفات، ويضعها فى موضعها المعجمى، وكان مصدره فى ذلك المؤَلـَف الذى أخذ منه، المؤَلـَف الذى لم يوضع فى الأصل لغرض معجمى .

ومن ناحية أخرى فى مسألة الجموع، فالكلمة قد يكون لها أكثر من جمع، ونجد المعجم الواحد لا يحيط بكل هذه الجموع، بل إنما نصل إلى هذه الجموع من كذا معجم . لذا من أحرج المسائل أن تعتمد على معجم واحد فى مسائل الجموع . لأن هناك جموعا أخرى فى معاجم أخرى أنت لم تطالعها .

وآخر ما نتناوله هو وجوب تحديث المعاجم النوعية التى تقوم على المصطلحات العلمية والتخصصية، فكل يوم تظهر مصطلحات جديدة فى كافة التخصصات والعلوم، ومن هنا أيضا فإن الباحث عليه أن يعى جيدا أن المعجم الذى بين يديه إنما هو موضوع حتى ما كانت عليه المصطلحات فى الفترة التى كـُتب فيها . فلا ينظر الباحث إلى المعجم الذى بين يديه نظرة تظلمه وتجحفه حين لا يجد فيه ما يريد . ولا يظلم نفسه بأن يقول إن هذا المصطلح ليس له أساس لأنه غير موجود فى معجم كذا أو كذا . وإنما يجب أن تكون حركة التعامل مع المعاجم حركة واعية تسير على بصيرة مدركة.

***

د. أيمن عيسى - مصر 

في المثقف اليوم