أقلام ثقافية

لالـش.. (ملحمة شِنگال)

تحتَ زرقةِ السماءِ الداكنة، في وضح الفتاوى التي تعفسُ السكانَ مثلَ وردةٍ بين يديّ امرأةٍ قرويّة. نزحوا من شمالِ القلبِ كصخرةٍ، نزحوا صِغارُهم ماضٍ، خلفَ ظهورهم حروفًا تبحث عن معنى، تبحث عن لغةٍ، واللغة حربٌ، لا تحتاجُ سوى التبغ. سيبيلا، يا وقارَ أرضنا الخضراء كم أحرقوكِ، كي يقفوا على رأسِكِ راياتٍ سُوداً ويكبّروا باسم الظلام باسم الظلام قُتلنا، و باسم الفجر نُفيَ الربّ، ونحنُ نحنُ، بيادقُ بيضاءُ على رقعةِ (لالش) نرمقُ النصرَ كما نرمقُ العنب! آه... على رقعةِ الآلهةِ. لا توجدُ بيادق، ثمّة ملوكٌ مُترفّون تتدلّى ذقونُهم السوداءُ أمامهم كالأجراس. سيبيلا، أرضُنا لم تعدْ أرضَنا، وبيدقُك الأبيضُ كذبةُ أبريلَ و الحربُ الخاسرة. لم يكنْ لوجودِنا سوى التكاثر، سوى أنْ نهبَ السلطانَ سلالتَنا ليبقى سلطاناً وأنْ نكونَ مُرغَمينَ على تناولِ الرغيف من يدٍ تلطّختْ بنشوةِ أزواجنا. ونحنُ نحنُ، بيادقُ بيضاءُ على رقعة (لالش)، لا نعرفُ التقهقر، مَنْ زرعَ بذرةَ النهرِ فينا كانَ إلهاً، ضلَّ طريقَ السماءِ مع أولِ تلقيمٍ للرصاص. ياللعجب! يقول قاسم شو: أيُّها الربّانُ الممتلئُ، جثث أتركْ طفلتي، أفلِتْ يدَها! لتنطلقَ مثلَ سهمٍ يحتضر صوبَ دميتها، وتحضنَها مثلَ قبر، أفلِتْ يدَها، ولْنسترحْ قليلاً قيامةً على الأقل. الطريقُ إلى الحقيقةِ طويلٌ، طويل وإيمانُنا لا يكفي، لا يكفي لسدِّ رمقَ طفلٍ يصرخُ: أينَ جنّاتُ عدن! آه، أيتُها الزهرةُ السرمدية، يا (شِنگالُ) الجميلة، ماذا تنتظرين! قد نحرَ (داعش) طعمَ الخمرِ من شفتيكِ، ومزّق ثيابَ الأبديّة. ماذا تنتظرين..! الربُّ لنْ يبكي، و الطاووسُ مشغولٌ بقولِ (لا) في وجهِ من قالوا: (نعم). يا (شِنگالُ) السرمديةُ، انظري مِنْ عليائك، من على التلِّ انظري، أليستْ هذه الحياةُ مجردَ عِنَبَةٍ شاحبةٍ في بُستانِ أوهامِك.

***

ضرغام عباس /العراق

.......................

* سيبيلا: إلهة الخصب، وأصلها من آسيا الصغرى

* لالش: معبد في سنجار 

في المثقف اليوم