أقلام ثقافية

أمل في دَيْجُورِ لَيْلٍ

رمضان بوشاربلا بياض في ديجور ليل دامس بلون الحزن، عبر نجوم متلألئة كفوانيس غائرة بعيدا، وبياض بدر مكسوف ومكشوف، يقتبس من الشمس نورا خافت.

لا بياض النجوم ولا نور القمر يجعلانا نميز بين مخلوقات الليل، فكل ألوان الظلام تشابهت، لا نفرق بين الأخضر الحي ولا الأصفر الميت.

هكذا بات حال مدينتي، لا فرق بين ألوان ربيه زاهي بوروده ولا بين خريف ماتت أوراقه التي سقطت على الثرى، كجثث حرب لم من يقبرها فيواريها ويسترها. 

هذا هو الليل في تستره، سترة يخفي الخبيث والطيب تحت جلبابه، أرواح تقية و أخرى منافقة، كلها تشترك في الأمل في ظلمة هذا الليل.

و لأن الخديعة لا وجود لها تحت نور شمس سطعت في وضح ظهيرة، تحت سماء صفت فكشفت أسرار السرائر الدفينة، فقط إن الخدعة لا تنطوي إلا على المغفلين الذين لا يفرقون وضح النهار وعتمة الليل، إن الخبث ليجعل من الأحمق أعمى يلتمس قبسا من في ظلام دامس .

و إن البائس اليائس من الحياة، لا يهمه لونها، ما دامت الألوان الجذابة الفاتحة، كحمرة الورد وبياض الثلج النقي الطاهر وزرقة الأفق الجميل الحالم مع صفرة عباد الشمس العاشق لنورها.

ما دامت هاته الألوان الزاهية  الباهية، قد اختلطت ذات مساء تلبدت فيه سمائنا بغيوم أتت، تحملها ريح قادمة لا ندرب من أبن جاءت لتحط غيمها وسط أجوائنا، مشحونة بسواد ظلم جاءنا من غرب سقطت فيه شمسنا ساعة غروب تغربنا فيها هناك، حين اختلطت حمرة المغرب في ذاك الأفق المبين بسواد ليل حزين، فتصير كحمرة دم سال من عروقنا فسال وساح بين أحيائنا، ليلة تداخلت فيها الألوان، فصارت كلوحة قاتمة لطفل صورها ليحكي فيها قصة اغتصاب أمه واختطاف أبيه.

 إنه ظلم ليل مدلهم، أتى على الأخضر  واليابس في أرضنا، حتى الأسود الأنيق صار بلون الرماد، رماد تذره الريح كلما هبت هباء منثورا  في الأقطار والأمصار، في كل مصر ومصر رماد دخان بارود وحداد، لكن هيهات، فليل الاضطهاد لا يدوم و تأوهات المظلوم حتما تزول والحلم سيعانق الأمل، ليصول ويجول، فيغني للحب والتآخي، وستعود الضمائر الغائبة و ستستيقظ العقول و تورق الأزهار في الوديان والحقول و الجبال والسهول.

سنعرف رأس الخيط الأبيض من الأسود، لنفرق بين سواد ليل أرادوه لنا وإن طال و بياض نهار نريده وإن قَصُرَ سيعود الأخضر إلى السنابل، ليفرش بخضرته بساطا من الأمل المنشود.

***

بقلم: رمضان بوشارب

 

في المثقف اليوم