أقلام ثقافية

قصيدة الشاعر ياسر سعد "قبلة" استكشاف وسبر أغوار روحه المفعمة بالحب

قاسم ماضيهكذا يقال لدى اغلب النقاد العرب الذين رسموا للقصائد اهميتها في عالمنا اليوم، حيث تجلت هذه النصوص عبرعدة عوالم، ومنها البحث عن الذات، فالشعر ليس في عدد الكلمات، بل بتفاعل المتابع مع النص، واكتشاف روحية القصيدة التي انطلق منها الشاعر .

واليوم وأنا اتصفح عالم الشعر عند الشاعر اللبناني المعروف بين الأوساط الأدبية "ياسر سعد" أجد قصيدة "قبلة" التي نشرها على صفحته، و التي آخذتني إلى عالمه الشعري الخاص به، وهو المطرز بالدلالات الشعرية واللغة المقتضبة التي أراد لها ان تكون بمستوى عالي من الأدراك .

 فجعل نصه الشعري مفتوحا أمام القارئ وهو يلج  بيسر كل عوالمه التي اطلقها  من خلال  هذه " القبلة " حتى يستكشف هذه اللحظات التي وصفها وهو يخوض صراعه المرير مع الذات  . وهنا يقول في قصيدته

قبلة

وعلى مسافة قبلة مني

شفتاك ترتجفان في لهف انتظاري

وأنا كأني في  احتضاري

محاولاً بذلك بهذه القصيدة التي أسس لها وعمل على أيقاظ روحنا ومن خلالها استطاع  ايقاظ الشعور الإنساني الذي يخبئه في داخله، وهو يستصرخ هذا العالم الذي يضج بالحروب والقتلة والصبغة السائدة هي الدم حتى يخلق صورة حية لفكرة ما قد تكون متأصلة في ذواتنا،ان الدلالات المتولدة في هذه القصيدة نتيجة الاحباط الذي يمر به وهو يرسم هذه الكلمات عبر سريالية خاصة به منطلقا من احساسه المرهف وكلامه المصمت .

لم أدر كيف أصوغها

فتصببت ُعرقاً على شغفي وشوقي واحمراري

وبهذا فهو يكشف عن بعد خلاق، يحاكي فيه  ذاته المجبولة على الحكي،انه يغوص في الاعماق حتى يكتشف عالما ظل في مدار تصوراته الادراكية التي سعى من خلالها ودخوله هذا العالم الذي يحتاج الموهبة والتأمل الدائم .

هي قبلة

لو ان جيشت شجاعتي ما خانني

لا جتحت جسمك كاجتياح النار

هي قبلة

بل قبلة

بل لحظة لو جزتها وتفاعلت

هذه الأسئلة ظلت محيرة لدى شاعرنا وكأنه غواص يصتطاد  اللؤلؤ من اعماقه، وكما يقال عند البعض أليس البحث في الشعر وطرق انشائه يوفر شرط امكان النظر في درجة التخييل،  وثقافة المجتمع،  وتصور الوجد .

 فكيف كان الغزل فاعلاً في بنية قصيدته ومصدرها  وكأنه نسيج انساني مرهف تعود ارساله بطريقته الخاصة، والمعروف عن الغزل شكل من  أشكال التعبير عن خلجات النفس البشرية وكذلك عن المشاعر التي تنبعث منها حيث يمتلكها سلطان المحبة ويستبد بها "

هي قبلة

ما زال طعم شهيتي

بفمي لها كالنار في الأنوار

بل أنت يا ابهى النساء نضارة

ما زلت رغم تديني عشتاري

لا زلت في ثمر المشاعر نكهة

فهو يصور أحوال نفسه واشواقها ومعاناتها وما يكابده من حرقة وألم وتشوقا اليها التي آخذته الى عالم آخر رسمه هو الشاعر عبر خريطة منظمة وضعها قبل كتابة قصيدته التي انطلق منها  .

فاذا نظمت قصيدة عسلية

فاحت بطيب أريجك المعطار

وهنا أوكد ان استخدامه الصور واللغة والإيقاع التي يتباها في هذه القصيدة كما في قصائد دواوينه العديدة فيها ثقافة الشاعر ويتمثل بوعيه وادراكه بما نتج لنا في هذه القصيدة أو غيرها من بعد دلالي .فهو ينتمي لجيل أمن بالحداثة الشعرية وتربى عليها في كل ابعادها الأدبية منها الواقعية والرمزية والاجتماعية وحتى الرمزية .

"يا حبذا العيش لو بالحب نأتمر"

يقول الناقد العراقي " يوسف عبود جويعد " ان الشعر لدى كل شاعر مثل بصمة اليد، فليس هناك شاعر يشبه شاعر، ولاقصيدة تشبه قصيدة، ولكل شاعر بصمته التي تخصه وحده "

" والعمر يمضي فماذا بعدُ ننتظر ُ "

لهذا يضع بصمته الشعرية "سعد" بحسب فلسفته ورؤيته التي انطلق منها وهو يمتلك أفقاً خاصا به عبر مسيرته الشعرية . هذا الخوص الجمالي له ابعاده النفسية على القارئ المتابع الذي ظل يبحث عن ما هو جمالي في الشعر .

***

قاسم ماضي – ديترويت

في المثقف اليوم