أقلام ثقافية

مظفر النواب وأثره على نظم الابوذية (2)

وعندما تتشابه الجناسات تنزل مرتبة البيت مهما كان جميلا على عكس العتابة التي لايضعفها تكرار معنى الجناس وانظر الى هذا البيت المسبوك بجمال وحرفنة لكنه لايعتبر بيت (فحل) بسبب تشابه معنى جناساته ..

(جضن ياضلوعي من اصلجن

وخراب الصار بيجن من اصلجن

ترى يابيض اصلنا من اصلجن

يكللي يشاطي امك دعيه)

في حين لايشين العتابة ذلك واليك بيت عبد الله الفاضل وهو يكرر مخاطبة كلبه بثلاثة جناسات بمعنى واحد من دون ان يلحق الضعف بالبيت ..

(هلك شالو على مكحول ياشير

وخلولك عظام الحيد ياشير

لون تبجي بكل الدمع ياشير

هلك شالو على حمص وحما)

اما مدرسة الفرات الاوسط في الابوذية فهي مدرسة لاتلتقي بالمدارس الاخرى الا بطريقة النظم التقليدية وتختلف حتى في اغراضها وقد زاحمتها الاهزوجة (الهوسة) حتى طغت عليها في كثير من الاحيان بسبب اختلاف طبيعة السكان وارثهم من ثورة العشرين واستخدامهم الاهزوجة في اغلب الاغراض وكان المهوال يقدم على الناظم مع التاكيد على روحية الاهزوجة الحماسية ..

(تعبت اعليك ماخليت

نصبتك حكومة وسلميتك بيت

تطي البيت لمطره ومطره تصاوغ بيه)

او ..

(خوش علوم لابن رياح مطريه

بنا قصر لزميمه ورضت حمريه

ولو مات رياح اشتبني عليه)

لكن ما انقذ ابوذية الفرات الاوسط وحافظ على ديمومتها هو توظيفها في الحزن الحسيني واحيانا يتخذ منها (الروزخونية) مدخلا لترقيق القلوب والتهيئة للبكاء ..

(الكلب شاجر على ابن امي وداوي

تضعضع وانهدم حيلي وداوي

لا مجروح حتى اكعد واداوي

ولاغايب واكول تعود اليه)

او

(لبست الحزن طول الدهر، يالباب..

ذهيل ولا بكالي فكر، يالباب..

أنشدك وين محسن وكع يالباب..

يوم لعصروا الزهره الزجية)

في حين حاولت الحلة ان تكون لها مدرسة خاصة بعيدا لكنها لم تفلح لسببين الاول انتمائها الصميمي لمدرسة الفرات رغم انها حضرية في توجهها وثاتيا لكونها بوابة للنجف وكربلاء وتقريبا نصف الداخلين الى كربلاء والنجف عبر بوابتها لذا جاءت مدرستها كنوع من التمرد لكن هذا التمرد شابه التغزل بالمذكر على طريقة العرب القديمة

(زفيري حرك لب احشاي منهاي

وشبه مجنون ليلى صرت من هاي

من اذكرك يوم تنشف هاي من هاي

اتراوه دون فركاك المنيه)

اما بغداد وماجاورها فليس لها مدرسة في الابوذية لكنها توظف الابوذية في المناسبات الحزينة والمناقب وفي مناسباتها الاخرى المفرحة بالمقام والمربعات ..

(اهنا ياسايك المضعون وانه

عزيز وخلفت بالكلب وانه

نمت ياساهي العينين وانه

حرام انجان طبك جفن ليه)

ثم تبدا تنحسر الابوذية شرقا وغربا وشمالا ويستعاض عنها بما يرافق الحدي والدحة والجوبي والعتابة والسويحلي والميمر وغالبا ماتكون على انغام (المطبج) الراقصة وغيرها .

ومع اننا لم نجد لمظفر فيما ترك من اثر شعري بشكل واضح انه مارس كتابة الابوذية او ضمنها بعض قصائده او حتى تغنى بها في محفل او مجلس شعر او سهرة لكن كيف كان اثره على الابوذية .. هذا ماسنتطرق له في الجزء القادم .

***

يتبع

راضي المترفي

في المثقف اليوم