أقلام ثقافية

بين الاطلال.. أذكريني عندما تغيب الشمس

محمد سعد عبداللطيفسافرت اكثر مما سافر الكثير، وشاهدت أعظم المدن والبحار وقابلت حمقى يتصورون أنّهم يوجهون العالم، ودخلت أغنى القصور وافقر الأكواخ واستمعت الى منطق الفلاسفة وهذيان العشاق وجربت النجاح والفشل والحب والكراهية والغنى والفقر، وعشت حياه من ابناء الصمت الرهيب وفترات من الغموض في حياتي عندما اقتربت من اللعب مع الكبار. حياه مليئة بالتجربة، والسفر، والقراءة والتأمل، لكنني أعترف بأنني لم اكتشف حتي الأن لغة البحر، "وقال البحر "رغم في بداية حياتي كان العمل في "مراكب البحر "في قبرص"،، في لحظة صفاء مع النفس أمس علي شاطئ (البحر المتوسط) لحظات من التأمل والذاكرة، أتأمل سطح البحر كان هادئا، كأنة طفل في نوم عميق، وفجأة تغير، رويدا رويدا؛ وبدأ يقذف بأمواجة العاتية وكانت نظراتي الي البر الأخر الي" قبرص" حيث "الزمان والمكان، والذكري" وبداية تسعينيات القرن الماضي، تهبط بنا الطائرة بالقرب من سطح البحر . وتقترب من أمواجه ومن مراكب الصيد في منظر من التراجيديا السينمائية وفجأه يظهر ممر الهبوط؛ ظهر يوم 15من / يوليو عام 1990م/ وتهبط بنا في "مطار لارنكا "،، وما أدراك ما لارنكا، فيها تحطمت وسالت دماء كتيبة من الصاعقة المصرية، بقيادة / العميد نبيل شكري / وعملية إغتيال الأديب والكاتب" يوسف السباعي" فارس القلم، علي يد شاب فلسطيني. وكان الكاتب الصحفي والأديب من ضمن الوفد المرافق للسادات، وموقفة وصطحابة في رحلتة الي" القدس" عام 1978م ومع نظراتي الي البر الأخر كانت ذاكرتي حاضرة وانا طالب في المرحلة الإعدادية امام شاشة التلفزيون المصري اشاهد الوداع الأخير لجنازة الكاتب ومع صيحات واحتجاجات بطرد الأخوة الفلسطنيين من مصر كانت الإشارة الأولي لخروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي وتحجيم وضعها الإقليمي في المنطقة، انها جزيرة "وكر الجواسيس" او كما يطلق عليها "جنة الجواسيس" لكل حكاية علي ارضها الف قصة وقصة اطلق عليها الأغريق" جزيرة الحب والعشق "، وهناك اسطورة اغريقية. تحكي عن هذا، وبعد حرب لبنان اصبحت جزيرة "العشق الممنوع" بالنسبة للبنانيين وبعض العرب، حيث الزواج المدني، بسبب قوانين الأحوال الشخصية، التي تمنع الزواج من طوائف او ديانات اخري، لذلك يطلق عليها جزيرة الحب والعشق الممنوع، وقفت علي سلالم فندق الجريمة ودخلت بهو الفندق وتخيلت صورة مصرعة وتصفية يوسف. السباعي ومشهد مطار لارناكا اثناء الإشتبكات بعد هبوط طائرة عسكرية مصرية من قوات الصاعقة المصرية وكان رئيس الوزراء القبرصي في اتصال مباشر مع الرئاسة المصرية وفي اعتقادة وصول وفد للتفاوض علي تسليم المتهم /بقتل الكاتب المصري .وفجأة اشتبكت قوات قبرصية مع القوة المصرية اعتقادا انها قوة معادية لاقتحام المطار .راح ضحيتها خسائر في الارواح من الجانبين وحرق عدد من الطائرات المرابطة علي المدرجات وحدث خلاف استمر سنوات بين حكومة البلدين؛- وعلي بعد أمتار جلست علي "شاطئ النخيل " في لارنكا. أثناء الغروب اتذكر الفيلم السينمائي "المصري " اذكريني لقصة يوسف السباعي، عن روايتة بين الأطلال، والنهاية المأساوية، لشخصية الكاتب، في الفيلم والكاتب الحقيقي، في نهايتةالمأساوية ليس فقط في اغتيالة ولكن في معركة علي ارض لارناكا من قوات مصرية وقبرصية. في محاولة للقبض علي الجاني، وبعد سنوات تفرج قبرص عن المتهم. ويعيش طليقا ولكن مازالت قصص وروايات يوسف السباعي تعيش معنا كلما ذهبنا الي البحر. اثناء الغروب، رغم ذلك لم تغيب شمس يوسف السباعي عن عالمنا العربي انة فارس القلم، اتفقنا معة او اختلفنا معه، في موقفة من عملية السلام مع إسرائيل أو فكرة. السياسي، !!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث ومتخصص في علم الجغرافيا السياسية

 

 

في المثقف اليوم