أقلام ثقافية

تكريم المبدع استحقاق وليس منّة

ثامر الحاج امينالفعل الابداعي جهد فكري وانساني يتمثل في قدرة الانسان على إنتاج افعال وخلق أفكار جديدة قد يصعب على الاخرين الاتيان بمثلها، عليه من الواجب ان يحظى هذا الجهد بالاهتمام والتشجيع خصوصا من قبل الجهات المعنية بالأبداع، ويفضل ان يأتي، تكريم المبدع في حياته فذلك يمثل اعتراف بعطائه وتثمين لجهده الاستثنائي وحافزٌ ايجابي على البذل والعطاء، ولكن للأسف ما نشهده في حياتنا ان التكريم غالبا ما يأتي متأخرا وبعدما يكون المبدع قد غاب عن مشهد الحياة دون ان يرى ويلمس وهو في الحياة مقدار الوفاء لجهده ومواقفه، فمهما حقق المبدع من شهرة ومكانة يظل بحاجة الى من يشير الى انجازه ويثمّن دوره الثقافي والانساني، فالشاعر (حسين مردان 1927 ــ 197) على الرغم من حضوره الثقافي وتداول اسمه وشهرته كواحد من رموز التمرد في الثقافة العراقية كان بحاجة الى ان يرى نفسه بعيون الآخرين، ففي جلسة خاصة جمعته مع عدد من الأدباء سأله الشاعر (رشدي العامل 1934 ــ 1990):

ــ ابو علي ... ماذا سأكتب عنك عندما تموت؟

تنهد الشاعر حسين مردان طويلا ورد مرتجفا:

ــ اسمعوا ... عندما أموت لا يهمني ماذا سيكتب عني ابصقوا على قبري .. بولوا عليه .. انما اريد ان  تكتبوا الان، ان أقرأ ما تكتبون .

أما القاص والروائي (احسان عبد القدوس 1919 ــ 1990) الذي كتب المئات من الروايات والقصص تحولت اغلبها الى افلام سينمائية والذي نجح في الخروج بها من المحلية الى حيز العالمية وترجمت الى لغات أجنبية متعددة انه برغم هذا العطاء الهائل فانه لم يحظ باهتمام النقاد سوى ان جريدة الاهرام كتبت يوم تشييع جنازته انه من الرجال الذين يحق لمصر ان تزهو بهم، لكن للأسف مثل هذا الكلام لم يسمعه قبل موته وجاء في الوقت الذي لا يحتاج اليه .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم