أقلام ثقافية

في تجربة الفنانة التشكيلية هدى دبيش

الفن هذا الآخذ بالمهج حيث الكائن في حله وترحاله نحتا للظلال وتقصدا للغناء الخافت في تلوينات من القول البليغ بالفكرة تنهض على ايقاعات الدواخل ..و الرحلة هنا سؤال تلو سؤال وحيرة و...أمل دفين مثل حب قديم ..قدم الألوان والوجوه والظلال و...الأصوات...

هكذا يأخذ الحلم كائنه الى مدن بعيدة في القلب أسماؤها وأصواتها..يرتجي لحنا باذخا يعلي من شأن النطر والتأمل والاحساس في حيز من ضجيج الأمكنة ونداء العناصر والأشكال والأشياء والتفاصيل ...هي فكرة الفن التي تمضي الى النبع تنحت مجاريها في صخر الأيام مثل نهر ترقد فيه ريح وأصوات وكائنات هشة...

أيتها الوجوه القلقة..الضاجة بالحيرة الكبرى..تزينك الورود والزخرف والأقنعة..نعم القناع وجه قديم جديد وبلا أصوات..أيتها الوجوه والأشكال قولي للبحر كلاما...علميه كيف يخفي القلب شجنه ...في مدن الخواء..هكذا لونت الطفلة فكرة حالها ..و مضت مثل فراشات من ذهب الازمنه ...

من هنا نمضي مع تجربة هامت صاحبتها بالتلوين ضربا من العبارة وقولا بالنشيد ونشدانا لانثى اللون في الأقاصي تقول كلماتها الملونة في غناء خافت تعرفه الوجوه والأحوال والدواخل وهي تخبر الآفاق بما فعلته الأمنية...

سافرت منذ طفولة مع التلوين والرسم بحثا عن ذاتها في الجهات وخروجا عن الرتيب الكامن في التفاصيل لا تلوي على غير اللون ضوءا للجغرافيا والرسم شجنا يانعا تتجلى منه وبه الفكرة الابداعية في مجالاتها الجمالية الفنية الانسانية...

هدى دبيش الفنانة التشكيلية التي نعني رأت في الفن حياة أخرى لا تضاهى وفي ورشتها الفنية اطارا مغايرا للحلم البليغ للتعبير عن ذاتها وهي تحضن في حنو هائل حلمها المرافق لظلها ..الفن عندها بمثابة ما يتركه عطر في الأرجاء حيث القلب تأسره خطاه المبشرة بالجميل والمبتكر والمختلف...

تنوعت تحربتها الفنية فمن البروتريهات الى الوجوه المتعددة بين الزخرف والقناع والصراخ وما به أحوال الكائن القلق ..و المرأة الحاضرة بتلوينات شؤونها وشجونها ...و غير ذلك من الأعمال الفنية حيث تعد لمعرضها الفني التشكيلي الشخصي لابراز بانوراما التجربة والنشاط حيث كانت لها مشاركات ثقافية وفنية متعددة ...

و عن تجربتها والبدايات تقول الفنانة هدى دبيش "... منذ طفولتي كنت أفضل اللعب واللهو بالأقلام والألوان وفي مرحلة التعليم الثانوي درست عند الأستاذ حسن ضيف الله الذي رغبني أكثر في مادة التربية التشكيلية من خلال مشاركتي في نادي الرسم الذي كان يشرف عليه مساء كل جمعة ..و عند حصولي على البكالوريا زاد اهتمامي اكثر بالفن فتوجهت للمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس اين تلقيت تكوينا اكاديميا طور موهبتي ثم واصلت دراستي وتحصلت على ماجستير البحوث في التراث التقليدي . بدأت مشواري الفني برسم الطبيعة ثم التطرق لبعض القضايا الانسانية من ذلك لوحتي المسماة " الشهيد " كذلك رسم البورتريه بتقنيات مختلفة أما الموضوع الاساسي لأعمالي فهو قضية المرأة باختلاف أجناسها وألوانها وهمومها وحبها للجمال حيث انني أرسمها عبر التاريخ ماضيه، حاضره ومستقبله. فهي تظهر بوضوح في البعض من لوحاتي باللباس التقليدي مزدانة بوشم امازيغي الذي يعد من أقدم الطقوس الأمازيغية وفي البعض الآخر تعبر على غموض النفس البشرية بعمقها التكويني وتركيبتها المعقدة. بالاضافة الى ذلك فأنني اميل الى التعبير من خلال لوحاتي عن مختلف المشاعر البشرية بتناقضها كالخذلان ، الحب، الحرية ، القوة ، الضعف ، البكاء والفرح. ان اللوحة تمثل بالنسبة لي فضاء ابيض لا قيود فيه، فانا املك من خلاله الحرية في التعبير عن مشاعري وأفكاري خاصة أن معظم أعمالي فيها الجانب الحسي الذي يمكنني رسمه بشكل رمزي وحالم مستعملة تقنيات وخامات مختلفة....".

هكذا هي افكرة والحال عند هدى الفنانة المجتهدة وفق حلم قديم متةاصل .. متحصلة على الأستاذية في الفنون التشكيلية اختصاص رسم وماجستير بحوث في التراث التقليدي - تدرس بأكاديمية الفنون بحمام الشط وببعض المعاهد الخاصة شاركت في عدد من المعارض الجماعية و في ندوات ثقافية  وهي  رئيسة الجمعية العالمية فرع تونس " la palette du monde " - نائبة رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة - عضو بالجمعية التركية لوحات بلا حدود -منخرطة باتحاد الفنانين التشكيليين بتونس وحاصلة على شهادة التميز والإبداع من جمعية نجم الدولية بفلسطين 2019 وعلى وسام التميز والإبداع الفني 2020 من أكاديمية مصر للتدريب والتنمية...

فنانة تعانق فكرة التلوين بروح فيها الكثير من الرغبة والاصرار والمغامرة تقول بالفن فسحة جمالية لترميم ما تداعى من الحواس والعناصر في أومنة السقوط المربك والتداعيات الانسانية..تلهو بالرسم لتقول ذاتها في عالم تلم بتحويله الى علبة تلوين مثل أطفال البراءة الأولى...

***

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم