أقلام ثقافية

الطرطوشي وفقه الكراسي!!

صادق السامرائيأبو بكر الطرطوشي، هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف الأندلسي (451 - 520) هجرية.

أديب وفقيه من مدينة طرطوشة شرقي الأندلس.

تفقه في بلاده، ورحل إلى العراق ومصر وفلسطين والشام ولبنان، واستقر في الإسكندرية يدرس فيها حتى وفاته، وتتلمذ على عدد من أعلام زمانه وإلتقى الغزالي في القدس، وتفاعل مع الصوفية في بغداد، وتأثر بعلمائها آنذاك.

من مؤلفاته:

الحوادث والبدع، سراج الملوك، بر الوالدين، الفتن، كتاب يعارض فيه كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، التعليقة، المجالس .

ومن أقواله:

"إعلم إن هذا الملك الذي أصبحت فيه إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عن يدك مثل ما صار إليك، فإتق الله فيما حولك من هذه الأمة، فإن الله سائلك عن النقير والقطمير، واعلم أيها الملك أن الله تعالى قد آتى ملك الدنيا بحذافيرها سليمان بن داود عليهما السلام، فسخّر له الإنس والجن والشياطين والوحوش والبهائم، فوالله ما عدها نعمة كما عددتموها، ولاحسبها كرامة كما حسبتموها"

كتاب سراج الملوك:

السراج: كل شيئ مضيئ

أمضى سنة بتاليفه في الإسكندرية، وأتمه قبل وفاته بأربعة سنوات، ويتألف من (64) فصلا، تتناول سياسة الملك، وفن الحكم، وتدبير أمور الرعية، وأسهب في خصال الملك والسلطان، ليتمكن من ملكه ويرقى به إلى الكمال، وأشار إلى ما يتسبب بذم السلطان، وما على الرعية أن تقوم به إذا جار عليها، وتوسّع في تفاصيل أمور الحكم الأخرى.

وأشار إلى الوزراء وصفاتهم وآدابهم، وأهمية المشاورة والنصيحة، ولم يهمل موضوع الحرب وما تتطلبه من تدبيرات.

هذا الكتاب يُعد من البرامج الواعية الناضحة لتأمين الحكم الرشيد، وتعزيز قدرات البلاد والعباد، ويحوي نظريات للحكم جديرة بفهمها والعمل بموجبها،  وفيه الدليل على أن أعلام الأمة لم يهملوا تقديم المشورات والنصائح للحكام، وهم كثر ومنهم الفارابي وإبن الراوندي وغيرهم.

وقد سبقوا الدنيا بإسداء الآراء الصالحة لمجتمعاتهم، وفي كتبهم آليات حكم صالحة وناضحة من التجارب التي عاشوها في ديارهم، كما حصل للطرطوشي الذي عاصر دول الطوائف في الأندلس، وغيرها من التطورات والأحداث التي ألمّت بالأمة، فحللوها وإستنبطوا منها الأسباب والمعالجات العملية.

وما لدى الأمة من تراث تنويري لمناهج الحكم، يشير إلى أن قادة الأمة المعاصرين لا يقرأون، ولهذا تجد أنظمة الحكم في مسيرات تخبط وإنكسار متلاحقة.

فهل تقرأ الكراسي في بلاد العُرب أوطاني؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم