أقلام ثقافية

لكل مُهجَّن.. مصطلح

محمد عرجونيكلما سمعت او قرأت مصطلح: "قصيدة النثر"، إلا واستحضرت عملية التهجين في عالم الخضراوات والفواكه والحيوانات. وهو ما دفع فضولي إلى البحث في مصطلحاتها التي اصبحت متداولة بيننا ونحن نجهل أنها خضعت لعملية التهجين، عساني أجد ما يفيد موضوعنا.

تقدمت إذن بطلباتي للصديق جوجل، فكان كريما معي فاشبع فضولي حتى التخمة. وهكذا، كل المجلات المتخصصة التي اطلعت عليها، أخبرتني أن انواعا كثيرة من الخضراوات مثل الجزر والبروكولي والملفوف والقرنبيط إلخ...، والتي نعتقد أنها أصيلة في شكلها ومذاقها، ما هي إلا خضر مهجنة. كما هو الشيء نفسه، كذلك بالنسبة للمكسرات كالفول السوداني أو اللوز إلخ.. نفس الشيء نجده عند الفواكه كالبرتقال وكليمنتين والنكتارين والناشي بل وحتى الموز إلخ... اندهشت أمام كم المعارف، ولم اختر إلا هذه الأمثلة حتى لا أتوه في عالم النباتات وربما أتحول، بتهجين ما إلى نبتة أو فاكهة بدوري. تتم هذه العملية سواء بتدخل الإنسان مباشرة، حيث تفنن فيها منذ فجر التاريخ، أو بشكل طبيعي بفضل بعض الحشرات، خاصة النحل الذي يقوم بعملية التلقيح متنقلا بين أنواع الأزهار المثمرة.

عملية التهجين تخص أيضا الحيوانات، كما سبق الذكر. دهشتي فاقت تلك الدهشة التي فاجأتني بها أنواع التهجين عند الخضر والفواكه. فإليكم بعض الأمثلة. نجد مثلا، زيادة على ما هو معروف لدى الجميع، أي "البغل"(تزاوج بين الحصان والأتان أو بين الحمار والفرس)، نجد كذلك، كما تذكر دائما هذه المجلات المتخصصة، "لايجر"(تزاوج بين الأسد وأنثى النمر)، و"التايجون" (تزاوج ذكر النمر واللبوءة)، و"وولفين" (تزاوج أنثى الدلفين وذكر الحوت) و"ليوبون" (تزاوج الأسد مع انثى الفهد) والأمثلة كثيرة...

حتى لا أنسيكم موضوعنا، نعود إلى عملية التهجين بين الشعر والنثر، ومن حقنا أن نتساءل: هل يعجز "علماء" الأدب مقارنة بعلماء العلوم الحقة في إيجاد إسم لهذا المذاق الجديد، اللذيذ، هم الذين يتعاملون مع اللغة "بأدب" وفطنة؟

قد يقول قائل، وهل ما ينطبق على العلوم الحقة، ينطبق على الآداب أو بشكل عام على العلوم الإنسانية؟

فيكون الجواب بأن دور العلوم الإنسانية، رفقة فلسفة اللغة واللسانيات هو إبداع المصطلحات للتدقيق في المفاهيم تماشيا مع التطور الذي يحققه الإنسان في جميع الميادين. فهل يصعب عليها أن "تدبج" عقيقة وتحتفل بمولود ظل يعاني من التدحرج حسب أهواء النقاد، بين أمه "القصيدة" وابيه "النثر" بدون هوية واضحة المعالم، كأنه مولود غير شرعي تنبذه ترسبات التجنيسات الأرسطية؟

***

محمد العرجوني

في المثقف اليوم