أقلام ثقافية

الشللية الثقافية

شدري معمر عليمن المشاكل التي يعيشها المثقف الفاعل والمتابع للشأن الثقافي وتقلباته وانحيازاته وانحرافاته هو هذه الشللية المقيتة سواء في النشر أو الحضور في بلاطوهات الحصص الثقافية، قد تكون أنت الشخص الذي تتوفر فيه كل صفات المثقف الحاضر في اللحظة الراهنة، تنشر مقالات دورية في الصحف والمجلات تصدر كتبا، تنشط الحياة الثقافية والفكرية بمحاضرات ولكن هذا الحضور الفاعل يرافقه تهميش متعمد من أصحاب الرداءة والشللية فتجد بعض أشباه المثقفين يكتفي بديوان يتيم أو مجموعة قصصية كتبها من أزمنة غابرة ومن عقود خلت تجد هذا المثيقف الشويعر الصويحف النويقد له حضور لافت دون حياء في البرامج التلفزيونية وعشرات الحوارات تجرى معه ودعوات للملتقيات وعندما تضع اسمه على محرك البحث قوقل لن تجد لاسمه أثرا.

ولندع الشاعر السعودي غرم الله حمدان الصقاعي يوضح لنا هذه الشللية فيقول: (...فنجد أنه عند العودة إلى الأصل تقوم الشللية على فكرة اجتماع عدد من المهتمين بالثقافة والفعل الثقافي تربطهم الصداقة والمحبة والتوافق الفكري ومن هنا نجد أن مناشط (الشللية) تعتمد على مجموعة من الأسماء المكررة في الحضور والمشاركات ومن ثم التركيز على نتاجهم وتقديم ما يتوافق مع أفكارهم وأطروحاتهم ولقد استمر هذا الحال على الرغم من سنوات الخبرة والممارسة وظلت الشللية وظلت تدور في هذا الفلك ومن هنا أؤكد على أن الشللية داء يفتك بالثقافة لأن محسوبياتها أخذت منحنى آخر عندما لم تعد تسيطر المشاركات الداخلية بل تجاوزت هذا إلى المشاركات الخارجية التي تمثل الوطن والتي من المفترض أنها تمثل الوطن دون محسوبيات ولا تحيز ولا مجاملات).

أقول هذا بمرارة فلتكن مقاييس في إجراء الحوارات مع الكتاب الفاعلين وليس الموهومين، الكتاب الذين يعيشون الثقافة والكتابة كفعل يومي لا يستغنى عنه، إنه خبز العقل وغذاء الروح، فإذا أردنا إقلاعا ثقافيا فنترك الشللية الثقافية و الجهوية والمحسوبية ولنلتفت لأصوات الهامش ومدن الهامش فالثقافة ليست العاصمة وليست حكرا على نخب جامعية معينة فالذين يصنعون الآن أفراح الوطن هم من مدن الملح و أرض السواد والأحياء الشعبية، هم أبناء البساطة وليست ثقافة الصالونات والتمظهر الكاذب من أجل شهرة عابرة أو حضور إعلامي باهت.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

 شدري معمر علي

في المثقف اليوم