أقلام ثقافية

الكتابة في سن متأخرة

شدري معمر عليالإبداع لا عمر له ،قد نجد كتابا أبدعوا ونالوا جوائز عربية وعالمية وهم في أوج شبابهم وخير مثال على ذلك الكاتبان المبدعان :عبد الوهاب عيساوي وسعيد خطيبي المرشحان للبوكر العربية وقد نالا جائزة كاتارا في الأعمال الروائية، فهذا ليس غريبا أن يكتشف الكاتب موهبته منذ الصغر ويفجر طاقته الإبداعية ولكن الغريب أن يبدأ الكاتب الكتابة والسفر الشاق عبر عوالم الاحتراق والاختراق في سن متأخرة ويحقق بأعماله و إنجازاته شهرة ومجدا وينال جوائز قيمة ،فالكاتبة الأمريكية "ديليا أونس "في السبعين من عمرها كتبت روايتها الأولى "حيث تغني اللوبسترز "فباعت منها 4.5 مليون نسخة ورقية و أكثر من مليون نسخة إلكترونية واحتلت روايتها قائمة الكتب الأكثر مبيعا على مدار 36أسبوعا كما تصدرت مبيعات موقع "أمازون " سنة 2019 مما جعلت السينمائيين يتسابقون على تحويل عملها إلى فيلم روائي طويل وقبل أسابيع قليلة صدرت الترجمة الفرنسية عن دار "سوي" العريقة والكاتبة "لورا إنغالز وايلدر" لم تبدأ الكتابة إلا بعد تقاعدها فصدر كتابها الأول "بيت صغير في غابة كبيرة " عام 1932 ولها من العمر 65 سنة مما وضعها النقاد على قائمة الكتاب المهمين وتتالت أعمالها فكتبت سلسلة من الكتب أهمها "بيت صغير في البراري " عام 1935 و توفيت "لورا" عن عمر ناهز 90عاما والكاتب " فرانك ماكورت " ألف روايته الشهيرة " رماد أنجيلا " وله من العمر 66 عاما وبعد تسع سنوات التفت له النقاد و فاز بجائزة "بوليترز " وصار كأحد الكتاب الكبار في العالم.

ويتحدث الروائي السوداني "تاج سر الدين" عن الروائية البريطانية "ماري ويسلي " فيقول: "وسط كل هذا الذي أتحدث عنه تطالعني تجربة الكاتبة البريطانية "ماري ويسلي" التي توفيت عام 2002 عن تسعين عاما وكانت نشرت روايتها الأولى وهي في سن السبعين ثم أتبعتها بأربع عشرة رواية أخرى كتبت بعقل متوهج على الرغم من خطورة السن التي تعاطت فيها الكتابة و أنها سن وهبت للغالب للنسيان وعدم تقدير الأمور بجدية أو في أجل حالاتها هي السن التي يحتضن فيها الأحفاد وتصبح الأيام خضراء ووارفة في وجود الجدة التي ينبغي أن تكون الظل في العائلة وليس كاتبة تتشنج مع الورق والأقلام وتتعارك مع الفكرة وترسم الشخوص الذين ينبغي أن يخرجوا في أفضل حالاتهم من ناحية الخير والشر الذي تقتضيه الكتابة ،حقيقة لا أعرف ما هي الظروف التي تجعل أحدا يكتب بعد السبعين ولا أستطيع أن أحدد إن كانت هناك محاولات سبقت ذلك أم لا ؟."

كل ما نستطيع أن نقوله الكتابة ليس لها عمر ،في لحظة ما تنفجر طاقة الإبداع فيخرج الكاتب آماله و آلامه للعالم مهما كان عمره و كأنه يقول لنا : هذه خبرات الحياة فاحتضنوها واحتضنوني معها.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

 

في المثقف اليوم