أقلام ثقافية

أعلام عبرية وقبطية استعملتها العربية

الأعلام تتحرك بين اللغات فى حركة مفتوحة منذ القدم، فنرى أسماء الشخوص ينتقل استعمالها من لغة إلى أخرى، ومن ذلك ما استعملته العربية من أعلام عبرية وقبطية الأصل، ودأبت المجتمعات العربية على إطلاق هذه الأسماء على أولادها، ولا سيما ما جاء من هذه الأعلام فى القرآن الكريم، وهى أسماء أنبياء كثيرين. وكذلك استعمل العرب المسيحيون الأعلام القبطية التى ورثوها عن سابقيهم. وسواء كانت هذه الأعلام عبرية أو قبطية استعملتها العربية، فإنها باقية على أعجميتها، فلا تنون، ولا تجر إلا بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف لأنها أسماء أعجمية غير عربية.

ومن الأعلام العبرية، نجد:

داوود: ويعنى الحبيب، وينطقه أهل العبرية " ديڤيد ".

سليمان: وهو يعنى فى العبرية الشخص السالم من العيوب والنقائص، ثم اتسعت دلالته فى العبرية ليعنى الشخص الآمن المطمئن، وينطقه أهل العبرية " شلومو ".

إسحاق: ويعنى الضاحك، وسُمى بذلك نسبة إلى ضحك واستبشار السيدة سارة حين بُشرت بالحمل فيه، فصار إسحاق، وينطقه العبرانيون بعد خضوعه للتحويرات الصرفية " إيزاك "، فإيزاك هو إسحاق.

يعقوب: ويعنى الخلف لسابقه، أى الذى يخلف الآخر ويعقبه، وينطقونه " يعقوڤ ".

يوسف: ويعنى منحة الله الزائدة، وينطقه العبرانيون " يوسيف ".

هارون: ويعنى الجبل.

زكريا: ويعنى ذكر الله، وينطقه أهل العبرية " زاك "، فزاك هو زكريا.

مريم: وهو اسم عبرانى الأصل، ومعناه العفيفة.

بنيامين: ويعنى ابن يدى اليمنى، وهو دلالة على القوة والعون.

دانيال: ويعنى قضاء الله.

عازر، عزرا: كلاهما يعنى المساعد، أو مساعدة الله.

ملحوظة فى الأعلام العبرية:

تؤكد الدراسة أن الأعلام: إبراهيم، إسماعيل، سارة. ليست أسماء عبرانية كما يزعم البعض أو كما يتبع البعض الآخر هذا الزعم الخاطىء. وإنما هذه الأسماء هى أسماء سريانية استخدمها السريان قبل العبرانيين بكثير وقبل العرب أيضا. وإبراهيم تعنى أبو الرحمة وهى مكونة من مقطعين فى السريانية، إب وهى أب، راهيم أى الرحمة. ولما انتقلت إلى العبرية نطقوها " إڤراهام " و " إبراهام " و " إڤرام " و" إبرام ". أما إسماعيل فهو يعنى سمع الله وهو مكون من مقطعين أيضا " إسماع / إيل ". أما سارة فهو يعنى فى الأصل السريانى السيدة النبيلة، ولما انتقل إلى العبرية أصبح يعنى الفتاة المبهجة.

من الأعلام القبطية:

اللغة القبطية كانت مستخدمة فى مصر، وهى من أقدم اللغات الموجودة على الأرض قبل الميلاد، وكانت متزامنة مع الهيلوغريفية إلى حد ما، إلا أن الهيلوغريفية كانت هى المستخدمة على الألسن وهى اللغة الرسمية ولغة التدوين. أما القبطية فكانت لغة طقسية فى المعابد المصرية القديمة، وهى قبل ظهور الديانة اليهودية والمسيحية بقرون، وبعد أن عرفت مصر المسيحية أصبحت القبطية لغة طقسية بالكنائس المسيحية، وقد حلت محل اللغة المصرية القديمة، حتى عادت للانحسار مرة أخرى مقتصرة على الطقوس الدينية، ثم أخذت مكانها العربية.

ومن الأعلام القبطية المستخدمة فى المجتمع العربى، نجد:

موسى: وهو فى الأصل اسم قبطى، ومعناه النبات الذى ينمو فى المياه الضحلة أو على جانبى النهر، وهو مكون من مقطعين " مو " وهو الماء، و " سى " وهو النبات الذى ينبت فى المياه الضحلة. وسُمى سيدنا موسى بهذا الاسم لأنه عُثر عليه فى صندوق بين الحشائش والنباتات على جانب النهر، فصار " موسى ". والذى سماه بذلك هم المصريون الذين عرفوا القبطية ومارسوها وأطلقوا أحد معانيها على الطفل الذى عثروا عليه بما يتناسب مع حال الموقف. أما الخطأ فهو الذهاب إلى أن اسم " موسى " أنه اسم عبرى، وزاد من ذلك التوهم الخاطىء هو أن لصق الكثيرون الديانة المرسل بها سيدنا موسى بمسمى الاسم، فظنوا أنه عبرى.

والذين ذهبوا من اللغويين إلى أنه اسم عبرى، فإنهم أغفلوا تماما المنشأ والحلقة الأولى من الاسم، وبدأوا من المرحلة الثانية وهى الأخذ العبرانى من القبطية، فالعبرانيون أخذوه من القبطية بنفس معناه. والذى نلاحظه أن كلمة " مياه " تكاد تكون واحدة فى العربية والقبطية والعبرية. ففى العربية " ماء / مياه " وفى القبطية " مو " وكذلك فى العبرية. أما المقطع الثانى " سى " فأخذه العبرانيون بنفس المعنى وهو النبات فى المياه الضحلة. إلا أنهم أبدلوا السين شينا مكسورة بكسرة ممالة غير مشبعة فصار " موشى "، وفى مرحلة أخرى من استعمال الاسم زادوا عليه هاء، فصار " موشيه "، فـ " موشيه " هو موسى.

شنودة: وهو يعنى فى القبطية خـَلـَفُ الله أى خليفته.

بشاى: وهو يعنى فى القبطية العيد.

جريس: أى النعمة العظيمة.

ديانا: الفتاة المثالية.

ليليان: بهى أو بهية الطلعة.

وختاما نرجو أن تكون الدراسة حققت هدفها فى إلقاء الضوء على بعض الأعلام العبرية والقبطية التى لا تزال مستخدمة عند أهل اللسان العربى، وفى أثناء ذلك العرض حاولت الدراسة تصحيح مسار التاريخ اللغوى لبعض الأعلام وبيان ما هو صائب وتفنيد ما هو خاطىء أو مزعوم.

***

د. أيمن عيسى - مصر

في المثقف اليوم