أقلام ثقافية

الشحاذة الثقافية والشحاذون الجدد

الشحاذة أو التسول هي ظاهرة اجتماعية قديمة يتفنن فيها المتسول بانتقاء الكلمات لاستعطاف الناس حتى يعطوه من مالهم وحتى قديما ظهر ما يسمى:

"أدب الكُدية وهذا الأدب حسب ويكيبيديا ويُطلق عليه أيضًا أدب الحيلة والتسول واستجداء المال، والكُدية لفظة عربية مشتقة من أجدى أي طلبَ. نشأ أدب الكدية بعد تحول التسول إلى حرفة سُميت بالكُدية، وقد كانت إحدى أبرز ظواهر المجتمع العباسي في عصوره الأخيرة وتحولت من مفهوم اجتماعي إلى ظاهرة أدبية لها روادها وشعراءها وجمهورها في ذلك الوقت، وأطلق عليها أيضًا الساسانية حيث كان المكدين يدّعون أنهم أبناء سلالة ملكية وهي ساسان ليكسبوا شيئاً من الشفقة، وما يدفع الناس إلى تصديقهم هو تخبط الأحوال السياسية في ذلك الوقت على العالم الإسلامي بأجمعه. ساهمت الكدية في ازدهار نوع جديد من الأدب العربي وهو المقامات، حيث كان أشهر الكدّاءون هم ممن يؤلفون المقامات وتتضمنها قصصهم، ومن أشهرهم الأحنف العكبري" .

والتأمل في عصرنا الحاضر هناك كتاب وأدباء يمارسون نوعا من التسول والشحاذة قد لا تكون مالا ولكنها متعلقة بأمور أخرى لاحظتها من خلال تتبعي للواقع الثقافي على مدار سنوات طويلة وتتجلى هذه الشحاذة الثقافية فيما يلي:

اولا: استجداء بعض الكتاب دعوات للمشاركة في الملتقيات المقامة هنا وهناك ومنهم من يعلق على مسؤول الملتقى أو منظميه بأنه سيكون سعيدا أن يشاركهم فعاليات هذا الملتقى في المناسبة القادمة..

ثانيا: التذلل لبعض أصحاب البرامج الثقافية على القنوات الإعلامية الظفر بلقاء أو حوار يفتح له آفاق الشهرة والمجد حسب ظنه ..

ثالثا: الحرص على أن يكون من أصحاب التكريم في المناسبات الوطنية والثقافية فتجده يضغط على الجهات المكلفة بتذكيرها بأنه كاتب كبير ومثقف لا يشق له غبار فهو جدير بكل تكريم ...

رابعا: الإلحاح إلى درجة الإحراج على بعض الصحف والمجلات أن يجروا معه حوارات، يزين بها سجله الذهبي ويفتح بها وسائل التواصل الاجتماعي ليعرف الجميع الكاتب الكبير الذي همشه قومه وتذكرته وسائل الإعلام ...

هذه بعض تجليات الشحاذة الثقافية وهؤلاء الشحاذون يفتقدون للقيم، لا يوجد في قاموسهم عزة النفس فالمثقف في النهاية هو الذي يحول الأفكار والمعارف إلى قيم ومبادئ يعيشها ويلتزم بها وإذا فقد هذه القيم فما الجدوى من ثقافته ومن كتاباته؟

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

 

في المثقف اليوم