أقلام ثقافية

آكلو المعنى

بعض الشعراء الحقيقيين، سواء كانوا كتابا أو فقط متلقين، بعد أن أدركوا بوضوح أن الفرق بين القصيدة وأي نص آخر، هو بالطبع على المستوى الجمالي الذي تبدعه اللغة من أجل المتعة، تجنبوا الحديث عن معنى القصيدة. ولكن على الرغم من ذلك، هناك دائما المهووسون بالبحث عن المعنى، ما يمكن نعتهم  ب"آكلي المعنى"، مثل كل آكلي اللحوم، فإنهم لا يشعرون بالراحة والطمأنينة إلا عندما يستشعرون رائحة المعنى، كما يستشعر آكلي اللحوم رائحة الدم. ولا يمكنهم أن يجدوا هدوءهم، مثل هؤلاء "العيساوة"، إلا بعد نشوة  أو حالة التجلي، عندما يمزقون الكلمات التي تتجمع معًا أو تعجن لتجنب أنيابهم "السربيرية". وملهوفون بالمعنى، فإنهم لن يهنأ لهم بال إلا عندما يرضون أنفسهم ولو عن طريق الاغتصاب / الإسقاط.

وما يقال عن الشعر، يمكن تعميمه على كل أنواع الفنون بل وحتى على بعض الظواهر الطبيعية كغروب الشمس مثلا والتي يتفاعل معها المتلقي بكل جوارحه من غير أن يغتصبها ويسقط عليها معناه.

***

محمد العرجوني

في المثقف اليوم