أقلام ثقافية

الجمال لوحة بألوان متعددة

الجمال نعمة، وزينة تضفي على المرء شيئا من التميز، كما انه سبب لجذب الانتباه والابهار لكنه في الوقت نفسه ابتلاء، فالجميل دائما ما يكون عرضة للتحرش وهدفا للطامعين وهناك مثل فرنسي يقول (لا نهاية لعراك من يملك امرأة جميلة أو قصرا على الحدود او كٍرما على درب) ولأن الجمال ينير القلب ويسحر الروح فقد شغل سحره الشعراء والفلاسفة حيث قالوا الكثير في اصحاب الجمال في تواصلهم وصدودهم وغدرهم ودلالهم والشكوى من قسوتهم كما تعددت الصور التي تغنى بها الشعراء بالجمال فهناك من تغزل بالعيون ومنهم من ذاب عشقا بهندسة الجسد وسواد الشعر والطول الفارع وهذا التعدد في الرؤية امر طبيعي فالجمال كما قال فيه فرويد (يولد بأشكال عديدة) وكل عقل يدرك جمالا مختلفا أي كل نفس تراه من زاوية تنسجم مع ذوقها واهتماها وغريزتها مع التسليم على ان (هناك جمال في كل شيء، لكن ليس كل شخص يراه)، وليس الصدود وحده من كان شاغلا بال الشعراء ومثيرا شكواهم انما تجاهل الرسائل الي تبعثها كلمات العاشق ــ  الشاعر ــ وكذلك عدم ادراك مضمونها بسبب الخلل في تركيبة صاحب الجمال كانت هي الأخرى من اسباب المعاناة والشكوى، وأبرز الشعراء الذين شكوا من هذا الخلل وعانى منه هو الشاعر والصحفي المصري " كامل الشناوي " المعروف برقته وصدق مشاعره والذي كتب أجمل قصائد الحب لعمالقة الغناء العربي حتى قيل انه اثناء كتابته لقصيدة (لا تكذبي اني رأيتكما معا) كان يكتبها وهو يبكي ويكاد ان يختنق بصوته، فتخيل ماذا يكون عليه موقف هذا الشاعر المرهف حينما يتعامل مع فتاة لم ترتقي الى مستوى احساسه، حيث يحكى انه اعجب يوما بفتاة لها عينان جميلتان فأراد مشاكستها والتعبير عن جمال عينيها مؤملا النفس بحب جديد فهمس لها بعد طول سلطنه وآهات: (عيناك توجعني)، وحينما لم تفهم الفتاة ما وراء هذه الكلمات ولم ترد عليه قال لها متبرماً: ان الله وضع كل عظمته في عينيك ولم يترك في رأسك عقلا يفهم هذه الحكمة .

يبدو ان كامل الشناوي لم يدرك حقيقة ان (كل حلو بي لوله) ..

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم