أقلام ثقافية

بين إعاقة الجسد وإعاقة الروح

معاقون حققوا النجاح "نيكولاس فيوتتش نموذجا"

أخطر إعاقة تصيب الفرد والمجتمع بالشلل التام هي إعاقة الفكر، حيث يصبح الفرد عاجزا على فعل أي شيء نافع لنفسه ولأسرته ولمجتمعه حيثما توجه يجد الأبواب موصدة في وجهه، وعندما نتأمل حياة فئة من الذين ابتلوا بالإعاقة الجسدية، نكتشف ذلك الإصرار في صنع الفارق وترك الأثر الطيب وتجاوز معيقات الحياة وصعوبتها، نسوا إعاقتهم وتحلوا بالإرادة وحب الإنجاز وتحقيق الأهداف حتى نقشوا أسماءهم في سجل الخالدين .. ونذكر منهم الأسترالي المولد و الأمريكي المنشأ المتحدث التحفيزي:

"نيكولاس جيمس فيوتتش (بالإنجليزية: Nicholas James Vujicic)‏ أو نيك فيوتتش (مواليد 4 ديسمبر، 1982) .4412 نيكولاس فيوتتش

"في سن 17 عام أسسّ منظمته غير الربحية "الحياة بدون أطراف" وقدم من خلالها الخطابات في أماكن مختلفة من العالم دعا فيها إلى التعايش مع الإعاقة وبث الأمل في النفس والعيش بإيجابية بعيداً عن الإحباط واليأس، وكان يضرب نفسه كمثال أثناء خطاباته ليثبت للناس قدرتهم على فعل المستحيل.

هو الابن الأكبر لعائلة صربية الأصل، ولد عام 1982 في بريزبان، أستراليا، ولد وهو مُشوّه خَلقياً وفاقداً كلا الذراعين والرجلين بشكل كامل، باستثناء قدم صغيرة ظاهره في اسفل جذعه. مُنع نيك من الذهاب إلى المدرسة وذلك بسبب القانون الذي يمنع اصحاب الإعاقات من الالتحاق بالمدارس العامّة على الرغم من كونه سليم عقليّاً وليس مُصاباً بأي عيب عقلي. لاحقاً، تمكن نيك من الالتحاق بالمدرسة وأصبح من أوائل الاشخاص الذي طُبّق عليهم القانون الجديد بالسماح للمصابين بتشوهات خلقية بالالتحاق بالمدرسة وذلك حسب قانون ولاية كاليفورنيا. وقد تعرض إلى حالات من الإحباط والاكتئاب والوحدة والخوف خلال فترة صغره حيث كان يطرح على نفسه الاسئلة التالية: لماذا هو مختلف عن بقية الأطفال؟ ولماذا خُلق دون أرجل وبلا أيدي؟ مما أدى به إلى التفكير بالانتحار وهو في سن الثامنة، وفي سن عشر سنوات حاول أن يغرق نفسه لكنه تراجع عن قراره. لكن نقطة تحول جرت في حياته ليتحول من مجرد إنسان مُعرض إلى اعاقة من الدرجة الأولى إلى إنسان مُفعم بالنشاط والإيمان بالقدرة البشرية مهما كانت الصعاب، وكان سبب ذلك الصبر والقوة هو ايمانه بالخالق ومساعدة عائلته واصدقائه وكل من حوله.

في 2012 تزوّج نيك من كانا مياهارا وأنجبا أربعة أطفال.

بدأ نيك بتحدي اعاقته حيث تعلم الكتابة باستخدام اصابع قدمه الصغيرة الظاهرة في اسفل جذعه من الجهة اليسرى وتعلم استخدام الحاسوب والطباعة عليه وتعلم أيضاً رمي كرات التنس والعزف على الطبل "طبل الدوّاسات"، كما بدأ بالعناية بمظهره وكيفية الحلاقة وتصفيف الشعر والردّ على الهاتف وتنظيف الاسنان باستخدام الفرشاة كما تعلّم السباحة أيضاً.

وفي الصف السابع بدأ نيك بالتعاون مع زملائه في المدرسة لتنظيم مخيمات بالتعاون مع الجمعيات الخيرية وحملات العجز والإعاقة، وفي سن السابعة عشرة تمكن من تأسيس منظمته الغير ربحية التي أطلق عليها اسم "الحياة بدون أطراف"

انتقل نيك إلى مرحلة الدراسة الجامعية ليدرس المحاسبة والتخطيط المالي جامعة جريفيث في كوينزلاند، أستراليا، وفي عامه التاسع عشر بدأ نيك بتحقيق احلامه حيث بدأ بتشجيع والتأثير بمن حوله من خلال خطاباته المؤثرة وقناعته بأن الله اعطاه الأمل والحياة من جديد ويقول "لقد عرفت الغرض من وجودي في هذه الحياة، كما عرفت سبب الحالة التي أنا عليها الآن من اعاقة، وهنالك دائما سبب لما أنت عليه الآن من سوء"

في عام 2005 رُشحّ نيك لجائزة "الشاب الأسترالي للعام" التي تحظى بشعبية واسعة في أستراليا، وترعى هذه الجائزة الشباب وتنقل نجاحاتهم إلى المجتمع المحلّي وتخضع هذه الجائزة إلى قوانين صارمة ليتم توجيها إلى أًناس مُلهمين حقّاً، وقد حظي نيك بدعم خاص من شركات ساعدته في تحقيق احلامه ودعمه على الصعيد الشخصي".

فهل بعد هذا يتحجج من له جسم قوي ويتنعم بصحة وعافية عن عدم تحقيق أهدافه ويأتي بأعذار عن ظروفه الصعبة والأسرة التي لم تحفزه، المشكلة ليست في الظروف ولا الواقع المر المشكلة في الإعاقة الفكرية والعجز العقلي وفقدان الرغبة والشغف في الحياة.

***

الكاتب الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

في المثقف اليوم