أقلام ثقافية

حديث عن الصداقة

الصداقة من أنبل العلاقات الانسانية التي تربط بين الناس وتشيع بينهم الالفة والمحبة، وهي مهمة في حياتنا باعتبارها حاجة انسانية لا يمكن الاستغناء عنها فهي ملح الحياة وليس هناك شعور بالطمأنينة والسعادة الحقيقية بدون صديق يبادلك المشاعر والأحاسيس ويشاركك السراء والضراء، فكم من الصداقات التي بنقائها والايثار المتبادل بين اطرافها صارت مضربا للوفاء والهمت الكتاب والادباء لتدوينها في قصص نالت شهرة عالمية، والصداقة كائن حي شأنه شأن النبتة تتأثر بعوامل خارجية تعمل على اضعافها وتقويضها لذا تحتاج الى رعاية وسقي بماء المودة والصبر والتسامح كي تصمد امام المؤثرات، وتراثنا العربي الذي يرى في الصداقة (زينة بالرخاء وملاذ بالشدة) زاخر بالحكايات والرسائل التي تجسد أهمية الصداقة ومعايير اختيارها ويقف الفيلسوف المتصوف ابو حيان التوحيدي المتوفي عام 1023 م على رأس من كتبوا في موضوعها حيث يرى في رسالته (الصداقة والصديق) انها عاطفة اصطفائية وفضيلة انسانية ووجد حديثه عن الصداقة (شفاء للصدر، وتخفيفاً من البرحاء، وانجياباً للحرقة، واطراداً للغيظ، وبرداً للغليل، وتعليلاً للنفس)، كما أورد ابن قتيبة الدينوري المتوفي 889 م في كتابه "عيون الأخبار" حكايات ورسائل غاية في الروعة عن آداب التعامل مع الاصدقاء، وأكثر الصداقات قوة وصمودا امام اختبار الزمن هي التي تقوم على الصدق والثقة ويسودها الاحترام المتبادل والتي تتجرد من الطمع والمنفعة فمثل هكذا صداقة لا تعمّر فحسب انما تقود اطرافها الى مستويات عالية من النجاح وهناك امثلة عديدة عن صداقات قامت بين نجوم عرب وعالميين ثم جربوا الاشتراك بعدها في اعمال فنية قادتهم الى النجاح والوصول الى جوائز عالمية كبيرة، وقد خلّد التاريخ عددا من هذه الصداقات الناجحة، حيث جمعت الصدفة الشاعر " صلاح جاهين "بالملحن" سيد مكاوي " لتنشأ بينهما صداقة قلما تتكرر، فقد كان جاهين يصف علاقته بمكاوي بـ " العسل والطحينة " وقد انتجت لنا هذه الصداقة رائعة فنية ماتزال حاضرة بقوة في الساحة الفنية هي اوبريت " الليلة الكبيرة " الذي عُرض للمرة الأولى عام 1961 . كما ألفا ولحنا عددا أخر من الأغاني الممتعة، وتجسيدا لعمق الصداقة والانسجام بينهما فعندما سألت المذيعة صلاح جاهين : لو هتعيش في جزيرة لوحدك ومسموح لك ان تأخذ شخص واحد معاك .. تأخذ مين؟ قال : سيد مكاوي .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم