أقلام ثقافية

أريج الورق

منذ مدة قصيرة وفي وقفة مع الذات وفي لحظات الصفاء تساءلت في قرارة نفسي: ما الذي يشدني للكتابة للصحف الورقية طوال هذه السنوات؟ ألم أجد ضالتي في النشر الالكتروني  الذي يظهر اسمي عند البحث في محرك قوقل وما الذي يغريني في الصحافة الورقية؟

أسئلة وجيهة تتصارع في أعماق الذات يقف امامها العقل في حيرة من أمره ..لقد نشأت منذ الصغر على عشق الصحف الورقية، منذ ان كنت في سن  الحادية عشرة من عمري، كنت عاشقا للجرائد الوطنية والعربية، انفق يوميا وأسبوعيا بعض المال على شرائها، وهذا الحب مرتبط أيضا بورق الكتب، فللورق اريج وعبير وشذى في حديقة القلب، أنتعش برائحته وأشعر بالطاقة والقوة، وكأن صوتا ساحرا يأمرني أن أوثق علاقتي بالورق ويحذرني من مغبة تركه وهجرانه فأستسلم لهذا الصوت العميق فأزداد عشقا وهياما بمملكة الورق والوراقين وفيا لصديقي الجاحظ، ألم تكن نهايته تحت أنقاض الكتب التي كان يجلس وسطها وهو ينقب في أعماقها عن كنوز المعرفة التي سيخرج بها للعالم يضيء العقول المكفهرة ؟...

إنه تحد أن تبقى وفيا للورق مخلصا له وسط إغراءات العالم الافتراضي فما الفرق بينك وبين أي شخص يكتب ما يريد؟ وقد يكون له قراء ومعجبون أفضل منك وأنت صاحب الموهبة التي صقلتها عبر الأزمنة الصعبة بمائات الكتب التي دفنت فيها عمرك ومالك ووقتك وضحيت بقوت ابنائك، هل سأصمد أيها الورق أم سأتخذ قراري النهائي والأخير؟.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

في المثقف اليوم