أقلام ثقافية

هكذا يفهم الرجل معنى الحب

شهرزاد: كثير من الرجال يشعرون بالضيق حينما تتدفق مشاعر المرأة لا سيما حينما تَعرِض عليه المساعدة للتعبيرعن تضامنها، ماالسر في ذلك؟

شهريار: الرجل لا يبحث عن تضامن عاطفي ولا يريد من المرأة أن تمد له يد المساعدة، تلك أمور تحبها المرأة، وتعبّر بها عن محبتها لبنات جنسها، أمّا الرجل ذلك المخلوق المتحدي للصعاب فهو يفضل أن يجرب ألف مرة قبل أن يطلب المساعدة، وهو لا يرى بعبارات التعاطف شحنة معنوية تزيد من قدرته على التحدي، فهو كما ذكرنا، يستمد الرقة من القوة، بينما تصنع المرأة القوة والعزيمة من رقتها، وهذا سر تصادم دائم بين المُحب والمحبوبة مهما إرتقت المحبة بينهما، ذلك الفارس الهمام يخوض ميدان (المعركة اليومية) ممطيا رغبته بالإنتصار، متسلحا بسيف التحدي، مفعما بروح التنافس، وكل ما يحتاج إليه ثقة المرأة التي تودعه في الصباح بعبارات التشجيع، وتستقبله في المساء بابتسامة الثناء، فكلمات كـ(أثق في قدرتك على النجاح، أنت لها، أنت قادر على تجاوز المحنة وحل مشاكل العمل) كفيلة بتدفق طاقات الإبداع، والتعبير عن المحبة التي يفهمها الرجل، حتى وهو يصلح عطلا في جهاز كهربائي صغير بالمنزل، أو يقطع شجرة يابسة في حديقته، فإن عاد منتصرا، فإنه يرى علامات نصره في ابتسامة مرسومة على وجه محبوبته، وإلا خاب ظنه وأحس بالهزيمة.

تلك الابتسامة التي تصاحبها كلمات ثناء وترحيب هي السجل التاريخي الذي  يوثق نجاحات الرجل، والقاموس الذي يترجم محبة المرأة بأعظم صورها، وبين الثقة والثناء يزول كل تعب، وترتسم ابتسامة عريضة على محيّا الفارس الذي عاد للتو بنصر جديد.

شهرزاد: تكاد تحصر دور المرأة بالتوديع والاستقبال! .. وسأسألك عما تحبه المرأة لاحقا، لكن عبارات الثقة إذا خرج من المنزل، والثناء والإبتسامة إذا عاد لا تلقى تجاوبا في كثير من الأحيان؟  فالرجل قد يزداد تجهّما إذا رأى الترحيب والإبتسامة فلماذا تحرص المرأة على هذا الدور في العلاقة ؟!.

شهريار: مازلت مصرا على أن الثناء والترحيب والإبتسامة تفعل فعل الماء البارد إذا دخل جوفا ملتهبا، فأن رأت المرأة تجهما في وجه الرجل فعليها أنْ تعلم أنه يعاني من أخفاق ما، أو مشكلة في عمله، وتلك الإبتسامة تشعره بمزيد من المسؤولية والرغبة في تجاوز الصعاب، بدليل أنه يدخل (صومعته) ليتدارس شؤونه، ولأنه آخر مخلوق في الكون يقّرُ بعجزه عن النجاح، فهو لا يفشي ذلك السر لزوجته المتطلعة الى الحديث والتواصل، وصومعة الرجل أي مكان إعتاد على الجلوس فيه منفردا، وإن كان فراشه، وبينما هو يفكر في حل المشكلة ويشحذ همته لتحدٍ جديد في غده، تثور ثائرة المرأة التي طال إنتظارها لتواصله، وتعلوها هواجس (الخيانة) وتقول مع نفسها: (لا بد أنه يفكر في إمراة أخرى)،  أو على أقل تقدير تلومه على الجفاء والإنزواء، وفي لحظة إنزعاج تقتحم عليه الصومعة وتلومه بألف كلمة، فيشتاط غيظا لأنه يسمع كلمات (عدم الثقة) في وقت يكون بأمس الحاجة إليها من أهم مخلوقة في حياته تمده بطاقات الإبداع والمحبة (الثقة) على وفق قاموس الرجال، فإن صبرتْ ولم تقتحم عليه صومعته خرج إليها مبتهجا، ولو بعد حين، وقد تعاهد مع نفسه على المحاولة مرة أخرى وأخرى حتى يتمكن من النجاح في المهمة التي أخفق بتحقيقها في ذلك اليوم، وربما يستعين بالمحبوبة الصابرة، ويستشيرها للخروج من المأزق، بعد أن يدرك في قرارة نفسه أنه بحاجة الى مساعدة فكرية ومزيد من الثقة.

وحبذا أمراة فطنة تفقه هذه المشاعر في صدور الرجال، فلا تقتحم صومعة المحبوب إلا في حالة واحدة  لتقول: (أثق في قدرتك على تجاوز المحنة)  قبل أن تخرج مسرعة، وقد ملأت صدر المحبوب بأرق عبارات (الغزل) الذي يحب سماعه في تلك اللحظات.  

كما ترين ياشهرزاد: كل كلمة ثقة بألف كلمة حب عند الرجل لأنها تشعره بالتقدير والإحترام الذي يحتاج إليه ليدخل ميادين التنافس، في كل مرة، ونفسه مفعمة بالقوة والإرادة على تحقيق النجاح، وربما في هذا المقام نستطيع أن نفهم مقولة: (وراء كل رجل عظيم إمراة). 

مقتبسات من مؤلفي: شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

***

بقلم: عمار عبد الكريم البغدادي

 

في المثقف اليوم