أقلام ثقافية

النجف تحتفي بالشعراء الشباب

فوجئت، لكنها مفاجأة احببتها جدا.. 29 شابا وشابة، اظهروا ارادتهم وشجاعتهم الادبية على المسرح امام نخبة من ادباء بغداد والمحافظات، قبل ان يلقوا قصائدهم بثبات وثقة بالنفس، ويحصدوا التصفيق.. هذا المشهد المليء بالإبداع المبكر، كان بمبادرة رائعة قام بها اتحاد ادباء وكتاب النجف الاشرف ضمن مهرجان حمل عنوان (بذار الشعر)  بدورته الرابعة، على قاعة الجواهري  في الاتحاد  للفترة من 15 / 16 الشهر الحالي، شارك فيه شعراء شباب ممن لا تتجاوز اعمارهم الثلاثين سنة، وحضره  الشاعر عمر السراي الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب في العراق.

اكد الشباب، في  طلتهم الابداعية ان الحياة في رؤاهم،  إما أن يكونوا بذارا شعريا منتجاً لعطاء جديد في تربة الوطن الشعرية، او لا شيء، لذلك  اختاروا ان يكونوا متميزين في بناء شعري واعد، وكان شعارهم (عندما تنجز ما تريد، فإنّك ستشعر بالسعادة، ونشوة النجاح) وقد لاحظتُ تمسكهم بهذا الشعار المفعم بالتحدي والاصرار على النجاح.. من خلال قناعتهم  ان الإبداع ليس حكرا على النص وعنوانه، لذلك تجنبوا وضع  عناوين فضفاضة، طويلة التركيب، بل اكتفوا بالرمز القصير الذي يؤدي الى المعنى، والى مضمون شعري اثير في صوره وتنقلاته.

تبين لي، وانا استمع الى القاء الشباب قصائدهم، إنهم سعداء كونهم  يمثلون محافظات العراق، حيث تم ترشيحهم من قبل فروع اتحاد الادباء بالمحافظات،  ولاحظت ُ ان من  اليسير جدا على هؤلاء الشعراء  تفريغ شحناتهم عبر قصائد متنوعة الالوان، ولكني وجدتُ فيهم ايضا  دافعا ملحا يأخذ بيدهم إلى فضاءات شعرية جميلة، وجديدة،  ليقدموا من خلاله براعة تسمو بهم وبما يحلمون. كان الرغبة في الإبداع على قائمة الأولويات في حياتهم.

في جلسة مسائية، بعد انتهاء اليوم الاول من المهرجان، قال لي احد الشباب المشاركين، بزهو وثقة  "ما منعني اليأس وما قيدني الإحباط، كنت مؤمناً بموهبتي وهذا الايمان، المقترن بالاجتهاد المعرفي  أحد أهم أسرار النجاح الذي اوصلني لهذا المهرجان،، وللاجتهاد قرائن لابدّ منها، أعلاها الصبر وأدناها الأمل.. واقول لزملائي واخوتي الشعراء الشباب: أنقذ موهبتك.. لا تستسلم !

معروف، أن تعلم الشعر هو عبارة عن تعلم أساسيات كتابة القصيدة وأدواتها، كعلم العروض مثلاً، فالشعر موهبة فطرية بطبيعة الحال، وصقل هذه الموهبة يتطلب قراءة الأشعار بكثافة للاستفادة منها، على أن تكون للشاعر بصمته الخاصة وهويته الشعرية، كما أن بإمكان المثقف كتابة القصيدة نظماً، ولكنه لن يكون شاعراً في هذه الحالة بل "ناظماً"، أما الشاعر فيجب أن يكون مُطلعاً على أساسيات كتابة القصيدة وعلم العروض لكي يكون للشعر روحاً وهوية وبصمة.. وهذه الحقائق، تلمستُ وجودها عند اكثر المساهمين من الشباب.. واثبوا انهم فعلا بذار الشعر.

ان مبادرة الاديب محمود جاسم عثمان النعيمي رئيس اتحاد الادباء والكتاب في النجف الاشرف، وزملائه في الهيئة الادارية للاتحاد بالسعي لإقامة هذا المهرجان، تستحق التقدير والثناء.. فالنجف الاشرف علامة وضاء في عالم الشعر.. فتهاني لكل من ساهم في انجاح هذا المهرجان الذي ستكون  من نتائجه ولادة شعراء نفتخر بهم.

***

زيد الحلي

في المثقف اليوم