أقلام ثقافية

قصص رائعة في مبادرة ماتعة

اكتسبت القصة القصيرة الأمريكية منذ أيام رائدها ادجار الان بو، انتهاءً بوليم فوكنر مرورا بأو هنري، أهمية خاصة في تاريخ القصة الغربية، وقد تقاسمت هذه الاهمية في القرن التاسع عشر مع أوروبا، لينتقل مركز ثقلها في القرن العشرين إلى الولايات المتحدة الامريكية، وليظهر بالتالي واحد من أهم كتاب القصة القصيرة في العالم وأقصد به ارنست همنجواي، وقد ظهر إلى جانبه العديد من الاسماء التي ستلمع في سماء هذا الفن الجديد نسبيًا، منها إرسكين كالدول، وليم سارويان وغيرهما من ذوي العطاء الكبير في هذا الفن المرهف الحساس.

يبدو أن هذا الوضع الذي نعمت به القصة القصيرة هناك، دفع الامريكيين، لأن يولوا هذا الفن ما هو جدير به من اهتمام، فشرعوا منذ عام 1915، بإصدار كتاب سنوي يضم أفضل ما كتبه ونشره الكتاب الامريكيون في السنة التي يصدر فيها الكتاب تحديدًا، وفق اجماع النقاد، وقد صدر من هذا الكتاب في القرن العشرين 84 مجلدًا، ضمّ حصيلة ضخمة من الابداع القصصي عبارة عن نحو الالف والسبعمائة قصة قصيرة.

الناقدة الامريكية كاترين كينسون، اختارت 200 قصة من تلك المجلّدات، وطلبت من الكاتب جون ابدايك أن يختار منها ما يراه "افضل الافضل"، فوقع اختياره على 55 قصة، لكتّاب مختلفين من فترات زمنية مختلفة.

المترجم العربي أحمد الشيمي قام بدوره بترجمة عشرين قصة من هذه، تمثل تطوّر فن القصة القصيرة في الولايات المتحدة الامريكية ابتداءً من عام 1915 حتى عام 1995، وقد راجعها الكاتب طلعت الشايب، وصدرت في مجلد، وقع في نحو الخمسمائة صفحة، وأصدره المركز القومي للترجمة عام 2009، وقد وقع هذا المجلد بطبعته الثانية تحت يدي فقمت بقراءته باهتمام شديد.

الكتاب ضمّ قصصًا لكتّاب، معظمهم أمريكيون، إلى جانب آخرين مختلفي القوميات والانتماءات، وحمل عنوان" ربّما في حلب ذات يوم وقصص أخرى- مختارات من القصة الامريكية في القرن العشرين"، ومن اللافت للنظر أن عنوان الكتاب الرئيسي حمل عنوان قصة من إبداع الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف، الذي عاش جُلّ عمره في الولايات المتحدة الامريكية، صاحب رواية "لوليتا" المعروفة على نطاق واسع في شتى بقاع العالم.

أما القصص الاخرى التي ضمّها الكتاب، فقد جاءت على النحو التالي: زلج- 1915 بنجامين روزنبلات، نفوس صغيرة 1916 ماري ليرنر، المرأة الاخرى 1920 شروود اندرسن، قمر متقد بلون الدم جان تومر، القتلة 1927 ارنست همنجواي، عيد ميلاد مزدوج 1939 ويلا كاثر، سرقة 1930 كاترين ان بورتر، ذلك الغروب لشمس المساء 1931 وليم فوكنر، أخي الميت يأتي إلى امريكا 1934 الكساندر جودن، ربّما في حلب ذات يوم 1944 فلاديمير نابوكوف، الشجرة على الناصية 1948 ايه. بي هوايت، أبناء الفلاح 1949 اليزابيت بيشوب، الزوج الريفي 1957 جون تشيفر، إلى أين أنت ذاهبة، أين كنت؟ 1967جويس كارول اوتس، المفتاح 1970 إسحق باشفيتس سنجر، مدينة الكنائس 1973 دونالد بارتلمي، إيماءة 1980 جون ابدايك، منستبونغ 1989 اليس مونرو، في الغسق 1994 اليس اليوت دارك، اللدّتان 1995 جش جن. وزيادة في المعرفة الحق المترجم كتابه ببلوجرافيا الكُتّاب.

الملاحظة الاساسية التي يمكن تسجيلها على هذا الكتاب، هي أن القصص المنشورة فيه تتناول موضوعين رئيسيين أحدهما يتحدّث عن الهنود والزنوج، والآخر يتحدّث عن اليهود، إلى جانب تناولها للحياة الامريكية بمتغيراتها الديناميكية المتسارعة.

هذا الكتاب بتاريخه الحافل يقول لي كقارئ عربي مهتم بالكِتاب والقصة القصيرة، إن الاهتمام يولد اهتمامًا، وإن إصدار كتاب سنوي كهذا، يؤدي هدفين رئيسيين، أحدهما القول للكتاب إنكم لا تكتبون في فراغ والآخر إن هناك مَن ينتظر كتاباتكم وإبداعاتكم.. فجودوا أكثر.

***

ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم