أقلام ثقافية

"السريالية".. مصطلح يغري…

السريالية، كما يعرّفها أندري بروتون في البيان الأول لهذه الحركة الفنية، هي التلقائية النفسية البحتة، من خلالها يمكن التعبير عن الأداء الحقيقي للفكرة. وهي حركة مرتبطة بسياقات  وظروف سياسية واجتماعية وثقافية غربية كما هو الشأن بالنسبة لكل الحركات الفنية والأدبية الأخرى بدءا من حركة النهضة، والتي انبهر بها الجيل العربي فيما سمي أيضا بالنهضة العربية...

فجاءت كحركة تمرد على المجتمع بُعيد الحرب العالمية الأولى. حرب تعتبر صدمة للإنسان الغربي الذي آمن بالحداثة التي مهدت لها الحركة الكلاسيكية بتبجيلها للعقل والتطور العلمي. ولا ننسى أن أول حركة تمرد على ما بشرت به الكلاسيكية هي حركة الرومانسية التي سرعان ما اعتُبِرت بأنها حركة انهزامية ورجعية من قبل الحركة الواقعية التي دعت إلى مواجهة الواقع عوض الهروب نحو الماضي والطبيعة والانطواء على الذات المتباكية. جاءت إذن الحركة السريالية، المتأثرة بالحركة الدادائية، لتثور على هذه الواقعية التي اعتبرتها امتثالية لتقاليد موروثة عن حقبة ادعت العقلانية، ما جعل المجتمع يعيش على الكليشيهات والزيف مبتعدا هكذا عن حقيقته كذات لأنه أصبح خاضعا لنمطية إجتماعية مقرفة، و بتأثرها بأبحاث العالم النفسي فرويد، رأت أن الحقيقة مقموعة فيما سماه هذا العالم ب"الهو"، قمع يقوم به "الأنا" خوفا من "الأنا الأعلى"، أي ما رسخته التقاليد والمؤسسات الاجتماعية. لهذا ركزت على ما اسمته بالكتابة الآلية أو الاوتوماتيكية التي لا تخضع لمراقبة "الأنا" الواعية والتي تعتبر بمثابة دركي يمنع ما يعارض "الأنا الأعلى"، بمعنى يمنع كل ما يصبو إلى التحرر من النمطية والزيف.

هذا ما يمكن قوله بإسهاب شديد حول تطور الحركات الفنية بالغرب مع التأكيد على السريالية كحركة فنية وأدبية ورؤية فلسفية. فهل تخضع "الحركات الفنية" العربية، إن وجدت، لنفس المنطق، بدعوى عالمية الفن، علما أن سياقاتها وظروفها مختلفة؟

وهل من المنطقي إلصاق مصطلح " السريالية" مثلا ببعض النصوص العربية التي تسمى "قصائد نثرية"، امتثالا دائما لمنظرين غربيين، بغض النظر عن مفهومية المصطلح الذي يحمل شحنة تاريخية غربية

كما سبق الذكر في مستهل المقالة؟

***

محمد العرجوني

 

في المثقف اليوم