أقلام ثقافية

هوس الموناليزا!!

منذ الصبا ولوحة الموناليزا (الجيوكاندا) للإيطالي ليوناردو دافنشي (1452 - 1519) تتوطن مخيلتي، وكم قرأتُ عنها وأمعنت النظر فيها، وحسبتها أيقونة الفن ورائعة الأزمان، وتنامت حتى أضفيت عليها تصورات من عندياتي، ومضت تتشامخ وتتأكد عبقرية صاحبها فيها، وتكاثرت القصص حولها، وواقعة سرقتها معروفة، وإضفاء القداسة عليها تنامت في الدنيا إلى درجة خارقة، وأصبحت من أكثر الأعمال الفنية شهرة في تأريخ الفن.

وذهبت ذات يوم إلى متحف اللوفر لرؤيتها، وكانت القاعة تزدحم بالناس من أرجاء المعمورة، وكلما إقتربت منها يتعاظم الزحام والتدافع، وتتسابق آلات التصوير، وبعد شق الأنفس وجدتني قبالتها، ويا ليتني ما رأيتها، فقد تهاوت تصوراتي عنها، ووجدتها لوحة عادية صغيرة الحجم، وإنسحبت من الزحام والأسئلة تعصف في رأسي.

هل نراها كما هي؟

هل نرى ما فينا عنها؟

ماذا فيها؟

لماذا هذا الإهتمام بلوحة بدت عادية؟!!

لهذا اليوم لم أجد جوابا يقنعني، البعض يرى أنها مسألة ثقافة وحسب، غير أن الإعلام سوّقها على أنها الأيقونة الخارقة للطبيعة، والذي رسمها قائد الدنيا بعبقريته الفنية، وهي التي تمثل أروع ما قدمه في حياته، على حد تعبيره!!

فهل رسم روحه فيها؟

هل شحنها بلمسات تتسرب إلى دياجير الأعماق البشرية؟!!

فقدتُ الإهتمام باللوحة بعد مشاهدتها، وكأنها كينونة خيالية سامقة تهاوت عند أول نظرة، وما عادت ذات قيمة ومعنى!!

فهل مَن يخبرنا عما في الموناليزا من أسرار أغفلتها؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم