أقلام ثقافية

أثر الحضارات الأجنبية في الدولة العباسية

استطاع العرب بعد قيام الدولة العباسية واستقرار الأوضاع أن يمتصوا ويتمثلوا ثقافات الأقاليم التي فُتحت في عهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، أوتلك الأقاليم التي كانت تجاور الدولة العباسية، وتلك الأقاليم المفتوحة أو المجاورة كانت أهلة بأمم وأعراق وطوائف مختلفة متباينة وبالتالي ثقافات متعددة ...

وقد أثرت الفلسفة اليونانية في تطور الفكر الإسلامي وحتى الفقه إذ قام الكثير من العرب والمسلمين بترجمة تراث اليونان الفلسفي ودراسته ونقده والردّ عليه، وكما تأثر الأدب العربي بالآداب الفارسية القديمة، وفي الحقيقة كان التأثير متبادلاً في الاتجاهين إذ ضخ الأدب العربي دماء جديدة في الآداب الفارسية والتركية فيما بعد ..

أما الطب فقد اعتمد في تطوره على طب اللاتين، والسريان والفرس والهنود.. وكما كان للهند والصين ومصر القديمة تأثير واضح في التأسيس لعلوم الرياضيات والكيمياء والهندسة والري والملاحة والتقنية عن العرب...

خلال فترة الدولة العباسية في بغداد، أو الأموية في قرطبة، وحتى الفاطميين في القاهرة تطورت الثقافة  العربية الإسلامية وأُثريت مظاهرها وقيمها، إذ لم يكن العرب منغلقين أبداً، لا حكاماً، ولا علماء، ولا حتى مواطنين، فتعاملوا مع التراث العالمي المتنوع اللاتيني، الصيني والهندي والشرقي القديم بانفتاح فدرسوا جميع أنماط الحياة الفكرية والمعتقدات والأفكار المختلفة والعادات والتقاليد، وكانت دراستهم تعتمدُ على التجريب والنقد والمقارنة وتقديم البرهان على التخمين والشكّ!

لذلك تطورت الحضارة العربية الإسلامية وزهت وأينعتْ واليوم ولو سألت أي باحث في تاريخ الحضارة فإنه لا يكاد يوجد ميدان من ميادين العلوم والمعرفة والفنون لم يدرسوه أو يُؤلفوا فيه ويُضيفوا فيه، إضافات هامة وخطيرة ساهمت في تطور تلك العلوم والفنون ...

وتلك الإضافات كان لها دور فعال في نهضة أوروبا الحديثة.

***

عبد القادر رالة

في المثقف اليوم