أقلام ثقافية

البصمة الكربونية للمطاعم

للمطاعم أيضا بصمتها الكربونية، شأنها شأن جميع المنشآت والمرافق السياحية، كذلك عمليات تحضير وطهي وتقديم الأطعمة والمشروبات للزبائن، ووجبات الطعام والمشروبات التي يتناولونها (البصمة الكربونية لوجبة الطعام، البصمة الكربونية للوجبة السريعة)، والزبائن أنفسهم. فاستخدام المطاعم للطاقة المولدة من مصادر تقليدية (الفحم الحجري، الغاز الطبيعي، النفط) سيخلف بصمة كربونية معينة. والافران الكهربائية والغازية ومواقد الغاز والفحم والحطب والشوايات والقلايات والخلاطات وخفاقة البيض وغسالة الاطباق التي يرتبط استخدامها بترك بصمة كربونية وفقا لكفاءتها وساعات الاستخدام.

كما يرتبط شراء ودخول الأدوات والتجهيزات إلى المطاعم واستخدامها بترك بصمة كربونية، وتشمل الدواليب والكراسي والطاولات والصحون والملاعق والاشواك والسكاكين وفوط المائدة وملابس الطاقم وغيرها كثيرة. وأيضا للمواد الغذائية التي تستخدمها المطاعم بصمة كربونية، طازجة كانت (الخضروات، الفواكه، اللحوم الحمراء والبيضاء، منتجات الالبان، الخبز، ثمار البحر من سمك وروبيان وكركند وحبار وقريدس وكالاماري واخطبوط وسرطانات.. الخ) أو مجمدة (لحوم، أسماك) أو مجففة (البقوليات، الطحين، السكر، الشاي، المعكرونة، المكسرات، الفواكه، الحليف، القهوة.. الخ) أو سائلة (الزيوت، المياه المعدنية، العصائر والمشروبات الغازية، الحليب.. الخ)، وغيرها من المواد المستخدمة في التنظيف والاعمال المكتبية.

و لقطاع المطاعم في البلد بصمته الكربونية، وتدل على مجمل ما يصدر عنه من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري – تغير المناخ (غازات الاحتباس الحراري). وهناك اتجاهات لتخفيف ومعادلة وتحييد الكربون في المطاعم في اطار (سياحة منخفضة الكربون)، ومن خلال الاخذ بأساليب تحسين كفاءة الطاقة المستخدمة في الطهي وإعداد الطعام والتدفئة والتهوية والتبريد والتجميد، وترشيد استخدامها والحد من هدرها وتوظيف الممارسات الموفرة لها، مثل: ضبط توقيتات الطهي واعداد الأطعمة، واستخدام المعدات واللوازم والتقنيات الموفرة للطاقة، واللجوء إلى أساليب الطهي البديلة، أولا. علما ان استهلاك الطاقة في المساحات التي تشغلها المطابخ التجارية يزيد على غيره في المساحات التجارية في الغالب، كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية حيث يزيد عنه ب (2،5) مرة وفقا لوكالة حماية البيئة الامريكية (اوسيبا). وأيضا باستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية وتقنيات الكتلة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية التي مصدرها الصخور والمياه الجوفية في توليد الكهرباء وتسخين المياه المستخدمة في أنظمة التدفئة كما فعلت مطاعم الماكدونالدز في مدينة (بينساكولا) بولاية فلوريدا الامريكية، ثانيا. وتحضير وتقديم وجبات الطعام والمشروبات بمكونات مستدامة كالخضروات والفاكهة الموسمية المنتجة محليا وبطرق عضوية لم تستخدم فيها البذور المعدلة وراثيا والأسمدة والمبيدات الكيمياوية وغيرها من المدخلات التخليقية التي يرتبط انتاجها واستخدامها بانبعاثات الغازات الدفيئة مع ضرورة الاعتدال في استخدام اللحوم بقدر الإمكان، وبخاصة اللحم البقري، ثالثا، لأن انتاجها يخلف الكثير من الغازات الدفيئة. علما بلغ الإنتاج العالمي من اللحم البقري المعد للطهي في عام 2015 نحو (58،4) مليون طن (أكثر من 10،8 مليون طن في الولايات المتحدة الامريكية و9،4 مليون طن في البرازيل و7،6 مليون طن في الاتحاد الأوروبي). فكان ظهور (المطاعم المستدامة) و(الوجبات المستدامة) و(المشروبات المستدامة) و(المشروبات الخضراء) و(الأطعمة المستدامة). وتشير نتائج بحث أجري على مجموعة من المطاعم في لندن عام 2008 حول الانبعاثات الصادرة عن النقل الغذائي إلى بريطانيا ان إعداد وتقديم طبق طعام متوسط من مكونات مستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي في هذه المطاعم سيخلف أكثر من (5) كيلوغرامات من غاز ثاني أكسيد الكربون (مكافىء ثاني أكسيد الكربون) مقابل (51) غم فقط لو استخدمت في اعداده مكونات محلية.

كما تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى ان (18 %) من انبعاثات الغازات الدفيئة ناتجة عن الثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني على مستوى العالم. وتشير نتائج دراسة حديثة نشرت في صحيفة (ا لغارديان) البريطانية 2014 إلى ان الوجبة الغذائية التي قوامها اللحوم تسبب بضعف الانبعاثات التي تسببها وجبة غذائية نباتية. كما وجد ان (30 – 70) في المائة من البصمة الكربونية لمشروب الكوكا كولا الغازي الواسع الانتشار مرتبط بنوع ووزن العلب المستخدمة في تعليبه، معدنية كانت أو بلاستيكية أو زجاجية. عليه توجب تخفيف وزنها، وتحسين نوعيتها أو إعادة تدويرها، بغية التخفيف من البصمة الكربونية للعلبة الواحدة، والحد من أثرها البيئي، واتضح أيضا ان البصمة الكربونية لوجبة الطعام المحضرة والمطهوة داخل المنزل أخف في الغالب من بصمة مثيلتها المحضرة والمطهوة في المطاعم أو المحضرة أثناء رحلات نهاية الأسبوع.

***

بنيامين يوخنا دانيال

..............

للمزيد من الاطلاع ينظر (السياحة منخفضة الكربون: مقالات وبيبليوغرافيا) للباحث، أربيل – العراق 2017.

 

 

في المثقف اليوم