أقلام فكرية

سُلطة المفهوم الغربي في المجال الفكري العربي

شهرزاد حمدي يأتي الحديث عن علاقة الفكر العربي بالفكر الغربي، ليدلّ في كل مرة على جدلية الهيمنة والتبعية بمختلف صيغها وأنماطها، إذ لطالما شكّلت هذه الوضعية الحرِجة محور سجال ومدار مُطارحات ونقطة نقاش بين عديد الذِهنيات القلِقة على الموقع الذي يتّخذه الفكر العربي بالنسبة للفكر الغربي، والزاوية التي ينظر من خلالها لواقعه، والآليات التي يعتمدها في التعبير عن رؤاه الفكرية. وتتطبّع الهيمنة التي تُمارس أدبياتها العقلية الغربية بطبائع كثيرة، غير أن الرائِج منها هي: الهيمنة السياسية، الهيمنة الاقتصادية والهيمنة العسكرية والهيمنة الثقافية من عادات وسُلوكيات جديدة، هذه أشكال سُلطوية مُتداولة الاعتراف، بيد أنه هناك شكل آخر من نوعٍ خاص، يتسّم بمرونة في الوجود، يُضاف باستحقاق إلى القائمة المذكورة، يتوارى خلف التيارات الفكرية والرؤى الفلسفية الغربية وما تحمله من عُدّة مفاهيمية، تتجلّى في الاستعمال الفكري العربي لها في مختلف منابر الحوار ومقامات الكتابة والتأليف، إنها سُلطة المفهوم وهيمنة المصطلح التي تجعل من العقل العربي في مُرافقة مستمرة للتحرّكات الفكرية للعقل الغربي ومجموع مُخرجاته المفاهيمية، هي مُرافقة خاضعة لمُراقبة، الأولى يمتهنها التابع والثانية يحترفها القائد. ونظرًا للدور المحوري الذي يتمتّع به المفهوم داخل عالم الفكر ومُستتبعات صياغته والعمل بدلالاته في البنى الثقافية، الاقتصادية، السياسية والاجتماعية وغيرها، فإن منطق الهيمنة يعلن موالاته التامة له ومُراهنته القوية عليه، ليتغذّى أكثر ويضمن حضورًا أكبر، ولِيُحّكِم قبضته على الفكر الذي يقع تحت إطار الفكر السُلطوي، وفي نطاق مفاهيمه، فيستجلبها ويستخدمها، ممّا يُفضي إلى تجذير عقلية المركزية، وبالمثل يفعل العقل العربي، بنقله لحُزمة من المفاهيم من مجالها الغربي إلى مجاله، ليكرّس تواجدها على مستوى معتركه الفكري اليومي. ونحن نُساير مجرى هذه الأفكار ومعانيها، يتداعى علينا الحسّ الاستشكالي ليتمظّهر من خلال الاشكالات التالية: فيم تتمثّل قيمة توليد المفاهيم وبشكل خاص في ارتباط العملية بالسياق الفلسفي الغربي؟ ماهي أبرز تجلّيات هيمنة المفهوم الغربي في الحقل الفكري العربي؟ وهل من منفذ للخروج من أزمة المفهوم وانحسار فعالية إبداعه؟

1- أهمية صياغة المفهوم والاشتغال عليه:

يعد سؤال المفهوم من الأسئلة البارزة التي تطرحها الفلسفة بشكل مكثّف، إذ تكتسي عملية الإجابة عنه أهمية كبيرة وقيمة معتبرة، تتحدّد من خلال جدّية صياغته ووضعه وفحص أوجه الدلالة الخاصة به، وهي مهمة شاقة تتطلّب ذاتًا واعية بمهمتها والظروف المُصاحبة لها، فليس من السهل الإتيان بمفهوم في ظرف وجيز والإعلان عنه وجعله اللبنة الأولى في تأسيس الأنساق والتيارات الفكرية، وحتى وإن يكن الأمر متعلّق باللانسقية وغياب الموضع الفلسفي الصريح الثابت والمكتمل، فإن مسألة إجتراح المفهوم تأخذ مسافة زمنية، ببنية عميقة من الوعي الذي يشمل الذات الحامِلة له وكذا بمُعطيات الواقع الموضوعي وقضاياه والامكانات المُتاحة، حتى يكون المفهوم ناجعًا معبّرًا عن روح البيئة الزمانية والمكانية التي تمخّض عنها، وهكذا نتجنّب الوقوع في شِراك الترف الفكري والمِثاليات الحالِمة بغدٍ أفضل وسبل ذلك في قطيعة عن أحداث اليوم. ولقد شهدت الفلسفات المتنوّعة على مدار العصور المتلاحقة زخمًا مفاهيميًا مثّقلاً بالمعاني، يكشف عن طبيعة التساؤلات ومحاور القلق الفلسفي والمسارات الحاسمة التي سلكها، ويكفي أن نطّلع على جملة المفاهيم في فترة زمنية معينة، لنكتشف نمطية الاشكالات المطروحة، فمثلا، ننفتح على مفاهيم: العقل، النقل، اللاهوت، العناية الإلهية، التأويل في زمن العصر الوسيط، لنقف على تجاذبات فكرية بين الفلسفة والدين. وانطلاقا من ضرورة الاشتغال على المفهوم، فإن الفلسفة تدرك جيدا وظيفتها الحيوية والملحّة في أزمنة لا تلبث عند طبيعة واحدة، بحسب تحوّلات ملحوظة في نماذج التفكير وأشكال الفهم ومناهج التحليل، لتأخذ الفلسفة موقعها وتجتهد في إعادة بناء مفاهيم جديدة واستحداثها، تتناسب والوضعية التي تُطرح في خضمّها، لتتعايش معها مَعيش إبداع المفهوم، فالفلسفة هي المُنظّر والمنّتج لأحداث واقعية بحسّ نقدي، وتِبعًا لذلك المفهوم والدلالات التي يبعث بها ترسم المسار العام للوضع الحاضر بالنسبة إليها. وإن كان البحث الفلسفي النظري هو المصدر الأول لمفهوم معيّن، فإنه يتم سحبه ليغطّي بقية المجالات من سياسة، إقتصاد، مجتمع، تاريخ ... مثلما حدث مع مفهوم الحداثةmodernism  الذي شمِل جميع ميادين الحياة الممتدّة من القرن 16 إلى القرن 19م، ليُصبح كل شيء حداثيًا بعد إعلان الثورة على القديم والكلاسيكي في المنهج والمضمون. وتبرز أهمية صياغة المفهوم في كونه دلالة على قوة الوعي بالمرحلة التي تم صياغته فيها، ومدى قدرة الفرد المنتمي إليها على قراءة واقعه، والتكلّم بضميره، فلسفة الضمير المتكلّم كما يصفها الفيلسوف الفرنسي أندريه كونت سبونفيلAndré compte sponville  (1952م)، وهو الذي نادى بالتفلّسف الشخصي؛ بمعنى التعبير بالآنا والتحرّر من أنظمة إعادة ترديد قول الآخر، ليس لقطع صلة التواصل الفكري مع فلسفات غيرية، وإنما هي مُطالبة لانصاف الرؤى الشخصية حتى يغدو التفلّسف أكثر حياتيًا، عمليًا يحقّق رغباتنا التي سطّرناها وفق ما نملك أمره. إذن لابد أن تنتج الذات وتُبدع مفاهيم تتحايث والعالم الموضوعي، لكي تتمتّع ولو بقدر من الاستقلالية الفكرية من جهة، ومن جهة ثانية تُثبت نجوعها في عالم تتصاعد فيه يوميًا موجة التنافس بين الذوات...  لفرض الهيمنة.

وتتعزّز أهمية إبداع المفاهيم، في الموقف المُسجّل من الفيلسوف الفرنسي جيل دولوزGilles deleuze  (1925 - 1995م) بالمشاركة مع فيليكس غواتاري Félix  guattari (1932 - 1990م)، حين أصدرا كتابًا بعنوان: ماهي الفلسفة؟ qu’est-ce que la philosophie?، قدّما فيه تعريفًا مميّزًا للفلسفة في "قولة واحِدة، أن الفلسفة هي إبداع المفاهيم"(1)، فمن بين عديد الوظائف التي يمكن عدّها لتتولّى الفلسفة مسؤولية القيام بها، اختارا لها وظيفة بناء المفاهيم، وهو تصريح بأهمية المفهوم وقيمة وضعه، ولذلك أُسندت للفلسفة مهمة ذلك، كوّنها العلّة الأولى لوجوده.

2- الثورات الفلسفية الغربية وإنتاج المفاهيم:

لقد شكّلت ثورات العقل الغربي المُستلهمة من الروح الفلسفية مثالًا صادقًا لقدرة الفلسفة على التغيير، من خلال إبداع مقولات جديدة  للتفكير وقوالب مستحدثة للفهم، يتم إسقاطها على مجريات الواقع عبر التأمّل النقدي لأحداثه، التي تعد مصادر حيّة يمتح منها، فالعلاقة بينهما جدلية مركّبة، من ثم التنظير له برؤى جريئة تطمح لقيام واقع جديد وخلق عالم أفضل للإنسان بالدرجة الأولى. على هذا النحو تمكّنت الفلسفة الغربية من قلب الأحوال بإعلان الثورة على كل ما من شأنه تشويه الطاقة الإبداعية وخفضها بواسطة طرائق القمع، والتسلّط بمختلف صيغه، فالثورة الفلسفية بمجموع لبِناتِها الجوهرية كالنقد، التحليل، الأشكلة، المُحاجّة والبناء، ترمي بالأساس إلى تحرير الفكر من سجن الوصاية، وإحلال حركة ديناميكية في بنية المعنى، تعمل على انسيابيته وتفتّحه على عديد الأمور، بخاصة تلك التي شهدت تغييبًا متعمّدًا وحجّبًا قسريًا وتهميشًا مخطّطًا له، من أجل ضمان المركزية الكُليانية لكل مجالات الحياة. ويقف القالب التاريخي شاهدًا على نجاعة الفلسفة وحضورها القوي في محافل إعادة تأويل الحياة وقراءة الواقع، قراءة نقدية ثاقبة متطلّعة لتغييره نحو أفق التحسين، وذلك بالكشف عن المستور، وخلخلة الثوابت وإزاحة المركز، وخرق المقدس، وتفجير الدلالة الخامدة، حينها تبدأ الرؤية الصائبة في التشكّل. وبالعودة إلى سجّلات التاريخ الفلسفي، لوقفنا وقفة عرضانية لا طولانية على شاكلة الأركيولوجيا، نلحظ من خلالها الصلة الوطيدة بين الفلسفة والثورة على السائد، والأهم على العناصر التي حدثت الثورة ضدّها، فلقد جاءت الفلسفة اليونانية في عصرها الذهبي مع سقراط، أفلاطون وآرسطو، للاعّتداد بالتفكير العقلاني في مقابل التفكير الأسطوري، والفلسفة الغربية الحديثة لإعلان جرأة إستخدام العقل، وممارسة الشك، وخوض تجارب النقد، على خلفية نواتج العقلية الوسيطية ومناهجها التكبيلية للعقل، والمناهضة لكل محاولات الخروج عن النسق المألوف نحو سبيل معرفي جديد. لتستمر موجة الفلسفة في التعالي بواسطة النقد كدعامة ماهوية لها، حيث سجّلت الفلسفة الغربية المعاصرة نمطًا مغايرًا من التفكير، تجلّى في الموضوعات التي بحثتها، والمناهج المتعدّدة التي أطّرت عملية تقويض صرح العقلانية الغربية، وتدمير أسُسّ ميتافيزيقا الحُضور لصالح الهامش والمتغيّر والنسبي والمختلف، بإيجاز عودة كل ما نفته الذهنية الغربية من فضائِها، كالأسطورة مثلا. والبيّن في خضمّ هذه السلسلة الثورية، أنها طرحت مفاهيم جديدة، امتدت وشملت جميع نواحي الحياة، لتعبّر عن مُراجعة حقيقية للوضع الفكري المَعيش، فلقد تميّزت كل حقبة فلسفية غربية تحالفت مع النقد والبناء، بجملة مفاهيم جعلت منها الإطار المرجعي لكل محاولات التغيير نحو الأفضل، ففي الفترة الفكرية المعاصرة مثلا، تم طرح مفهوم مابعد الحداثةpost modernism ، ليكون فاتحة نقد وتفكيك وتشريح لبنية الحداثة، تكتّلت الرؤى ضمنه حول موقف صريح بإخفاق مشاريع التحديث وأن وعود المحدثين خرجت عن سياق الوفاء إلى سياق الخيانة والنقض، وأن مجموع الآمال التي سطّرتها الحداثة آلت إلى الخيبة في عصر الفراغ، عنوان كتاب الفيلسوف الفرنسي جيل ليبوفتسكي Gilles lipovetsky (1944م)، وأنه يجب إعادة استحضار الغائب، كالمتغيّر، المبدع، الآخر، وانتفاء السرديات الكبرى، والمثاليات، والعقلانيات المجرّدة التي تحوّلت إلى أداة للسيطرة، بدعم هوس تحطيم المقابل المختلف، إلى السرديات الصغرى، كما دعى الفرنسي جون فرنسوا ليوتارJean fronçois lyotard )1924 - 1998م)، واستدخال الصيرورة في كل ثابت سكوني، حينما أحلّها فيلسوف كتاب: الإختلاف والمعاودة Difference and repetition جيل دولوز متأثّرا بفيلسوف إرادة القوة، الألماني فريدريك نيتشه  Friedrich nietzsche  1844)- 1900م)، "في بعدها الجمالي أعطى للإبداع حركية متواصلة، وفي بعدها الأخلاقي حيث أعطى للقيم بعدا تحوّليًا غير سكوني، وفي بعدها السيكولوجي أعطى للرغبة قدرة للعطاء والإنتاج بعدما كانت تعتبر نتيجة نقص وحرمان"(2). بعكس هذا الموقف الاحتجاجي المناهض، هناك من وقف نصيرًا للحداثة، بتبرير أنها مشروع مازال قادرًا على العطاء أكثر، وهو موقف الألماني فيلسوف الجيل الثاني من مدرسة فرانكفورت النقدية يورغن هابرماس  Jurgen    habermas  (1929م). ما يهم من هذه الأفكار أن الثورة تخلق المفهوم، ليحمل رسالتها ويجسّدها من خلال الإمتداد والشمول، كما هو الحال مع مفهوم مابعد الحداثة، وتأتي فعالية أيّ مفهوم من كونه يعبّر تعبيرًا أصيلاً عن العالم الذاتي والموضوعي الذي أبدعه، غير ذلك فلن يكون إلا تقليدًا لن يورث سوى توطيد التبعية. لتتموّضع الثورات الفلسفية الغربية ضمن النماذج الحيّة الدالة على علاقة الوصل التي تجمع روح الثورة بجسد المفهوم، بخيط ناظم وهو الفلسفة.

3- العقل العربي واستنساخ مفاهيم العقل الغربي:

يتّضح لدى المتتبّع لأحوال العقل العربي في علاقته مع العقل الغربي، أن الهيمنة الغربية كملّمح جوهري لهذه العلاقة، هي هيمنة مفهومية، وهذا ما يفسّر الإستخدام المتواصل للعقل العربي للمفاهيم التي يطرحها نظيره الغربي، والأكثر يخوض فيها وبها بحثًا وتحليلاً، ويجتهد في أشكلة الإشكالات التي تفيض عن ذلك المفهوم، ويؤسّس عليها مواقف فكرية، يلخّص همّه فيها. فبدل أن يشتغل على استنبات وإنتاج مفاهيم تتوافق وخصوصية عالمه، يستنسخ أخرى من العالم الغربي، فيتماهى وماهيتها درسًا وتبليغًا وتأليفًا، وقد تأتي المسوّغة بتسويغ مفاده أن مصيرنا الحضاري محكوم بما يقرّره العقل الغربي، وأن محاور القلَق الفلسفي لديه وما ينتج عنها من مفاهيم، تفّرض نفسها علينا، بالتالي لابد من جلبها والكتابة حولها. لكن من جهة مختلفة تمامًا، فإن الواقع يثبت أنه بهذه العقلية، إنما نعمل على توطيد المركزية الغربية، وتمتين هذا الجسر الموصول بين ضفتي الفكر الغربي والفكر العربي، حينما نتتبّع باهتمام وفضول متزايدين لإصدارات الغرب المفاهيمية، ونكثّف جهودنا، ونبرّمج مواعيدنا من مؤتمرات، ملتقيات، كتب ودراسات حولها... ألسنا قادرين على خلق مفاهيم حيوية من بيئتنا، والتفلسف بروحها حتى يغدو سؤال التغيير أقرب إلى الواقع ومجرياته منه إلى الترف الفكري ومثالياته المُفرغة من كل نجوع؟ أم أننا آلفنا التبعية واعتدنا على ملاحقة الغير حتى في خصوصياته بتبرير أننا لسنا في وضعية تخيير بل تسيير؟

إن الحديث هنا، يجب أن لا يُفهم على أنه دعوى صريحة لغلق سبل التواصل مع الآخر والامتناع عن الانفتاح على علومه وفلسفاته، وتدشين قطيعة جارحة معه، لأن التراكم هو سند العلم والمعرفة، فكما تأثّر غيرنا بالآنا الشخصية، كذلك تتأثّر هي بمعطياته، لكن الأصحّ أن ننفتح بوعي، مع المحافظة على مسافة نقدية تفصلنا عنه، تلك هي مسافة الإنتاج الذاتي المُبدع بمقولات وقوالب فهم مُستنبتة، ومفاهيم مجتثّة من عمق الواقع العربي وهوّيته وميراثه مع إضفاء روح العقلانية النقدية الحديثة، حتى لا نقع في متاهة تكرار القديم ومحاولة تصفيحه على الجديد. وفي سياق نقاش التحكّم بالمفهوم، يُمّكن التحدّث عن مجموعة من المفاهيم المتناقلة تحليلًا وتركيبًا في الحقل الفكري العربي، والتي من بينها: مفهوم الديمقراطية، العلمانية، القومية، الليبرالية، الحداثة...وغيرها، والتي حظيت بعناية بحثية كبيرة لعلّها تُخَلِّص الفرد العربي من مأزق الاختناق الحضاري، وأُلّفت حولها العديد من الكتب دون أن نستفيد عمليًا منها، لأنها تعبّر عن تجارب غربية المنشأ وخبرات مرّ بها العقل الغربي، شكّلت حالات من الأزمة، ممّا دفعه للتفكير جدّيًا فيها قصد اجتراح الحلول، والتي توّجت بخلق حُزمة من المفاهيم وسحب دلالاتها على عديد القطاعات، هذا ما يبرّهن قوة المفهوم الذي يولد عن مخاض شخصي. وما يثير الحفيظة أنه من الاستطاعة طرح مفاهيم خاصة بطبيعة ثقافتنا، لكننا لا نستغل ما نملك!  ففي مقابل الديمقراطية مثلا، ألا يمكن الحديث عن الشورى وإن كان هناك فرق بينهما؟ لأن الديمقراطية في عالَمنا العربي لا تُراوح مكان الشعارات التي تتغنّى بها الحكومات المستبدّة! مع مفهوم العلمانية كذلك، والذي طبعتّه مُسحات إيديولوجية مقيتة، ومفهوم القومية والجماعات الكابحة لطاقات العيش المشترك والولاء للوطن، بهذه الطريقة نصل إلى أننا لم ننتفع من المفاهيم التي صاغها غيرنا، لأنها غريبة الدلالة عن دلالة البيئة. وغير ببعيد عن التحرّكات الفكرية الحاضِرة، نلحظ صعود مفهوم إلى طليعة الاهتمام الكبير للمفكّرين والباحثين العرب، وهو مفهوم البيوإيتيقا Bioethics، كحالة بحثية فرضها التقدّم العلمي والتقني الهائل إلى درجة أنه تدخّل بتقنياته في المادة الحيّة ووضع سؤال مستقبل الهوية الإنسانية على المحك، نظرًا لجرأة تطبيقاته ومدى طموحها للتحكّم في الخريطة الجينية للإنسان، هذه أشكلة حقيقية يعيشها العقل الغربي بقلق يومي، ممّا أفضى إلى قيام ما يسمّى بالبيوإيتيقا أو أخلاقيات الطب والبيولوجيا لتفعيل المُلاحقة الفلسفية الأخلاقية النقدية لنتائج التيار العلموتقني. يأتي العقل العربي ويأخذ على عاتقه مهمة تبليغ مفهوم البيوإيتيقا وقضاياها إلى المتلقّي العربي وتحسّيسه بأهمية الانكباب بحثيًا حولها، رغم أن العديد من القضايا التي تشتغل عليها أخلاقيات الطب والحياة لم تقع بعد ضمن مستجدات واقعنا، وإن كنا نشهد البعض منها لكن ليس لدرجة أن يُصطلح عليها بقضية ملحّة، ثم إن السؤال الأخلاقي وحفظ الكرامة الإنسانية، وعِرضها ونسلها وعقلها ودينها ومالِها من المبادئ الأولى لمقاصد الشريعة الإسلامية(3)، فهل نتجاوزها لصالح وصايا رجال الأخلاق الغربيين؟ لما لا نقوم بعملية استيعاب لتراثنا الديني الأخلاقي بأعين معاصرة؟ فلنبحث في قضايا البيوإتيقا لكن لا نغفل عن قضايا أهم نعيشها بتوتر كبير، وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل الإجابة عن السؤال الأخلاقي هو سبيلنا نحو الخروج من أزمة التيه؟ وهل فعلا نحن نعيش أزمة أخلاقية حتى نولّيها شطر جهودنا قصد النظر في حلولها؟ أم أن أزماتنا من طبيعة مختلفة؟

4- آلية الترجمة كدعامة للهيمنة بالمفهوم:

تعد آلية الترجمةTraduction  من أبرز الآليات المُعتمدة في التواصل الفكري، حيث تأتي كأداة أولى لتحقيق غاية معرفة تراث الآخر الأجنبي عن تراث الآنا ومنه أجنبية اللغة المكتوب بها أو المُعبَّر بواسطتها شفهيًا. واعتمادًا على الترجمة لم يتوقّف شغف العقل لاكتساب معارف جديدة والاطلاع على إنتاجات غيره من العقول المفكّرة حتى وهي غريبة عنه من ناحية اللفظ والمعنى، إذ تم اللجوء إلى هذه الآلية من أجل فهم المعاني التي تحملها نصوص الكتب والمخطوطات في لغتها الأصلية، فعن طريق نقل حروفها إلى الحقل اللغوي المُراد الترجمة إليه، يتم كسر حاجز اختلاف اللغة، ويتحقّق مكسب الإنتفاع المعرفي. على هذه الشاكلة تصبح الترجمة الوسيط الحقيقي الفعّال بين المترجم والنص الأصلي وما بينهما من علاقة دلالة، تتعدّد المنظورات إليها، بين من يعتبرها علاقة نقلية حَرفية، وبين من يجعلها فرصة للتأويل والاجتهاد حتى نقبض على المعنى الخام وبلغة مغايرة. وبالرغم من إيجابية آلية الترجمة في مد جسور التعارف والحوار المعرفي، تأتي المؤاخذة دائمًا عليها، بخاصة الحَرّفية منها، بتبرير يُفيد أنها تشكّل دعمًا قويًا لتبعية المعنى، حيث يتوخّى المترجم الدقة التفصيلية في نقل الألفاظ ومعانيها إلى لغة الترجمة، من دون مراعاة السياق المعرفي والمنهجي والعقدي للمجال المنقول إليه، ثم إنه وبهذه الكيفية يسجن نفسه في قفص النقل الحرفي المغلق، ويوطّد علاقة التبعية للنص الأول، وذلك لغياب مفاتيح التحرّر من تأويل، فهم وإعادة صياغة بما يضمن للمعنى الأصلي حق الوجود دون تشويه مع جعل الترجمة أداة للتواصل والانتفاع لا للتبعية والخضوع. وفي هذا السياق، تندرج الهيمنة بالمفهوم بواسطة آلية الترجمة، حيث يحصل أن تترجم المفاهيم الغربية التي صنعت صدًا واسعًا إلى اللغة العربية، ومن بعدها تأتي عملية التفكير بها وحولها، وكأنها مفاهيم قلِقة انبثقت عن حالنا المأزوم، إذ أن ترجمة المفاهيم ونقلها إلى حقل لغوي ودلالي مختلف دون تعديل ولا إعادة صياغة هو تعبيد طريق طويل لفعل التبعية والهيمنة، وقد نصطدم برأي يخالفنا تمامًا ويقطع سبيلنا أفقيًا وعموديًا، بحجة أن للنص وما يحمله من مفاهيم ودلالات حق علينا بأن تُنقل كما هي، إذ يخشى هذا الموقف أن تشوّه التأويلية المعنى، وأن للمؤلّف الحق الكامل في أن تُتداول معانيه دون عملية التعديل والتحوير، ولكن نحن نعتقد أن الإبقاء حَرّفيًا على المستوى اللفظي والدلالي هو الذي يشوّه المعنى بل ويقتله، لأنه بحاجة إلى تجديد وإعادة رسكلة حتى يواصل تدفّقه ولا يتوقّف عند حدود نصه الأصلي، ولهذا فإن الترجمة الحَرّفية دعامة قوية لاستمرارية وضع التبعية بل وتحيينها في كل مرة، وفي هذا الصدد نستحضر موقف الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان) Taha abederrahman 1944م) حول الترجمة وأنواعها، فلقد كان له تصوّر مميّز حول هذه الآلية باعتبارها تواصل فكري لكن بشروط، وأولى أنماط الترجمة التي ينتقدها، هي الترجمة التحصيلية والتي هي "طريق في النقل يجب ترك العمل به ما أمكن، فالنقل التحصيلي يُبقي على تمام  التعارض بين الفلسفة والترجمة ويدخل في ترجمة كل ما تضمنه النص الأصلي، لفظا ومعنى، متمسكا بتمام الصورة التعبيرية، على أساس أنها الدليل على تمام المضمون الفكري، فتكون نتيجة ذلك كله أن هذا النقل يقع في تطويل العبارة بالقدر الذي يُبعد طريق الفهم على المتلقي ..."(4)، هي ترجمة نقلية تحصيلية لا إبداع فيها، تلخّص مجهودها في النقل التام للفظ والمعنى، مما يُفضي بوقوع اللافهم. أما النوع الثاني فهو الترجمة التوصيلية، التي هي "طريق في النقل يجوز أن يُعطى حكم الترجمة التحصيلية، حيث لا يتغلّب النقل التوصيلي على التعارض بين الفلسفة والترجمة، ولا يستقل عن محاكاة مضمون النص الأصلي، وإن لم يُحاك صورته، كما أنه لا يهتدي إلى تبيّن عناصره الخادمة لخصوص التفلسف من العناصر الحاملة لعموم المعرفة، فينتج من ذلك أن هذا النقل يقع في تهويل المعرفة بالقدر الذي يوعّر طريق الإنتاج الفلسفي على المتلقي..."(5)، تسير هذه الترجمة تقريبا في نفس اتجاه سابقتها التحصيلية، حيث لا تتغلّب على عوائق التفلسف المنتج التي تطرحها الترجمة التحصيلية، وإنما تقع في نفس الشراك أين ترسم سبيلًا صعبًا لا يترك للمتلقي فرصة الإنتاج الفلسفي وذلك بالتهويل والتضخيم من المعرفة. ليأتي الدور على النوع الثالث كمتنفّس إبداعي للمترجمين، وهو الترجمة التأصيلية، وهي "طريق في النقل يجب العمل به ما أمكن، فالنقل التأصيلي ينبني على لزوم الفلسفة لما يوافق الترجمة من الصفات، ولا ينقل من النص الأصلي إلا ما يناسب الأصول التداولية التي يأخذ بها المتلقي، موليًا أبلغ عنايته لما جاء فيه من عناصر يتجلّى فيها كمال التفلسف... فيكون هذا النقل بذلك أوفى من غيره بغرض تمكين المتلقي من وسائل التفلسف التي من شأنها أن تفضي به إلى شق طريقه في العطاء والإبداع"(6)، هو نوع ترجمي مُبدع خلاّق يتوافق والمجال التداولي المنقول إليه، لأنه يُراعي شروط التفلسف الحق، يأخذ بأهمية الترجمة الولاّدة، على عكس العقيمة التي تنحصر في دائرة النقل التحصيلي والتوصيلي، وبهذا يكون طه عبد الرحمان قد أبان عن موقفه من الترجمة، جاعلاً منها أداة للتواصل الفكري بشرط إرتباطها بطبيعة الأصل وليس التحصيل والوصل. إضافة إلى أن الترجمة في غالبية استخداماتها ومنه الاستخدام العربي، لا تحيط بالسياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية للنص، فهي تُنهي عملها عند نقطة مغلقة منتهية الحدود يصدق عليها القول: "سجن النص"، وبهذا المنهج فإن المترجم يجعل من نفسه أسيرًا لمفاهيم النص ودلالاته، لأنه ضيّق نظرته واختزل مهمته في إطار نصي من دون الالتفاتة البحثية الحفرية الفضولية للعوامل الخارجة عنه والتي شكّلت دورًا مهمًّا في بناء النص، وتجاهلها يؤدي إلى نتيجتين سلبيتين، وهما، أولاً: خيانة المعنى العميق للنص والذي يتغذّى من روح التاريخ والثقافة والمجتمع، وثانيًا: الانخراط في تيار الهيمنة، هيمنة النص ومفاهيمه التي تُنقل بخضوع في غياب لاجتهادات قِرائية تجديدية. إذن، تحضر الترجمة ضمن دعامات الهيمنة بالمفهوم، وبالتحديد الحَرّفية منها، أين نتّبع النص الحامل للمفاهيم بلا شكّية نقدية، فنترجم وننقل والنتيجة تثبيت أقدام السُلطة الفكرية للعقل الغربي.

5- التعريب والانحباس في أسر المفهوم:

التعريب من اللغة العربية، ومعناه أن ننقل المفهوم بحروفه ونعرّبه؛ أي نبحث عن المقابل الحَرّفي له من الناحية اللفظية، بلا ترجمة أو إعادة صياغة تختلف لفظيًا وتتفق دلاليًا، مثال: sociologie، فنقول: سوسيولوجيا، epistimologie، فنقول: إبستمولوجيا، وهكذا مع بقية المفاهيم، ويتم استخدامه مخافة الإخلال بالمعنى حين ترجمة المفهوم، فيقع الاقتصار على تقديم موازاة لفظية. وقد قيل تهكّمًا: عُرِّبت فَخُرِّبت، وهي دلالة على عَيْبِ التعريب وقُصوره، فهو من جهة لا يجتهد في تقديم صورة لغوية جديدة، ومن جهة ثانية يُهدّم المعنى ويُخَرِّبه، ولنا مثلاً مع مفهومtranscendantal  الذي يُعرَّب دائمًا إلى: ترنسندنتالي، حيث لا يلقى ترحيبًا كبيرًا من جمهور الفلسفة، وذلك لأنه ثقيل الصياغة والنطق، ثم إنه غريب عن حقل اللغة العربية، إذ لا وجود لمصطلحات تقترب منه، على العكس تكون ترجمته أكثر حظًا من خلال القول بالمُتعالي، والأمثلة كثيرة. وضمن موضوع التداعيات السلبية لعملية التعريب، فإنها تمثّل خطوة نحو الانحسار والانحباس في أسر المفهوم، لأنها لا تدعم قوى الإبداع حتى تجتهد في خلق مفاهيم جديدة تتفق والسياق المُستقبِل لها، بل إنها تعيد استحضار مفاهيم العقل الغربي وتطرحها بحروف اللغة العربية لا أكثر، ممّا يجعلها تختنق في سجن المفهوم ومن كل جهة. وبهذا يكون التعريب أحد سُبل الهيمنة الغربية ولو بطريقة غير مباشرة، لأن من يستخدمه هو العقل العربي وليس  العقل الغربي، غير أن المُستفيد هو العقل الثاني. صحيح أن التعريب طريقة فاعِلة للحفاظ على المفهوم كما جاء في صياغته الأصلية، وذلك بتبديل اللغة فقط، إلا أنه في إطار التبعية والتقليد حاضرًا دون تغييب، فنحن لا نسعى لإعادة تكرار إنتاجات الغير ولو بلغة مختلفة، إنما المسعى الجوهري هو الإنتاج بأدوات بحثية تُصقل بروح عقل عالَمنا العربي.

6- على سبيل التحرّر من مضائق تبعية المفهوم: سُبل النحت المفهومي:

لعلّ أبرز داعم للأزمة هو التفكير في منحى تأزّم الوضع سلبيًا؛ بمعنى تشخيص الحالة المَرضية لفِكرنا من دون وصف العلاج الذي نتوسّم فيه أن يكون مناسبًا، إذ تأتي الحلول من عمق الأزمة، لأن القبول بالوضعية والاستسلام لها، بحيث تصبح نمطًا دائِمًا من العيش، يُعمي العقل عن رؤية مكامن العطب، في حين يكون الفكر الاحتجاجي النقدي والمُناهض لرتابة تفكير العقل، منفذًا حقيقيًا نحو الخروج من أزمة الأزمة وتيهان الوعي، ولأن تبعية المفهوم تشكّل أزمة للعقل العربي، فإن التفكير جدّيًا في تحطيم جِدارها يعدّ مطلبًا مُلحًّا في ظلّ استمرارية العلاقة غير متكافئة القوى، وأولى هذه المُفاتحات الحُلولية، تتمثّل في ضرورة العمل على صياغة مفاهيم من جوف خصوصية ثقافتنا، وبالإمكان تطعيمها بأعين ورؤى معاصرة حتى تغدو محايثة للواقع ومجريات العصر وتحوّلاته وتطوّراته، يجب أن نؤشّكل أوضاعنا الفكرية أشكلة قَلِقة، وأن نَنّْظُر بعينٍ ثاقبة لما نعيشه من احتضار واختناق معرفي ومنهجي، كما يتعيّن على تفكيرنا أن ينشغل بتوفير الحلول المُستوحاة من أزماتنا لا من أزمات الغير وحلوله، بمعنى أن نركّز اهتماماتنا على تعثّراتنا وإمكانية النهوض من جديد والوسائل المُتاحة لذلك، بواسطة إبداع مفاهيم حيوية نابضة بثقافة العصر من ناحية المنهج وثقافة الأصل من ناحية المضمون، وبكليهما معًا من أجل تكوين قاعدة مفاهيمية رصينة قادرة على تغطية عدّة ميادين حُلوليًا لمشاكلها. وطريق الإبداع المفاهيمي يمرّ عبر محطة رئيسية تتمثّل في إعادة الاعتبار إلى التفكير الفلسفي والذي يُعاني انسدادًا كبيرًا في ثقافتنا العربية بفعل الجُحود بفاعلية الفلسفة والرؤية المُتعسّفة لدورها والذِهنيات القامعة لها ضمانة غياب الانتفاضة واستمرار عقلية التحريم، في حين يُراهن الغير الغربي على الفكرة الفلسفية لإحداث القفزات النوعية في التغيير التقدّمي، بالتالي لابد من التحسّيس بأهمية العقل الفلسفي والسعي في بعثه وإرساء دعائمه، والانطلاقة من الوسط التربوي كمحضن قاعدي له وتكوين أجيال تؤمن بالفكر الفلسفي ودوره الفاصل في الإرتقاء بالمكانة. أما بالنسبة لآليتي الترجمة والتعريب، فإن الأولى بحاجة لشروط حتى تكون في مقام الإبداع والإنتاج كالآخذ بخصوصية المجال المنقول إليه، والثانية فالأفضل أن ترافقها حملة خلق مفاهيم وليس مجرّد تعريب لها؛ بمعنى طرح المفهوم في صورته المُعرّبة مع البحث عن إمكانية خلق مفهوم يتفق والمعنى مع الاختلاف في الاصطلاح أو يختلف لفظًا ودلالة إن اقتضى الوضع، ولأجل ألا نكون من الجاحدين فإن هناك بعض الاجتهادات الفلسفية العربية في خلق مفاهيم تضمّنتها أطروحاتهم الفكرية، لكنها محاولات يتيمة بحاجة لتكثيف جهود وتجييش طاقات.  بهذه الإقتراحات يرمي عقلنا لرسم مسافة سيادية للعقل العربي تجعل موقعه لا يثبت عند المركز أو الهامش وإنما موقعًا ينفتح وينغلق في الآن ذاته، وحتى نوسّع من دائرة الحلول المُقترحة، فإنه ينبغي وبإصرار أن يعقبها تطبيقًا وعملًا بفلسفة الفعل، لأننا نشهد حضورًا بارزًا للتنظير في عالَمنا العربي مع غياب ملحوظ للإسقاطات العملية، وبالتالي فلنغيّر مسار النهضة إلى آخر يؤمن بإطلاق بتلازمية النظر والعمل.

***

شهرزاد حمدي

طالبة دكتوراه تخصص: فلسفة عامة

.........................

هوامش المقال:

(1) جيل دولوز، فليكس غتّاري، ماهي الفلسفة؟، تر: مطاع صفدي، ط1، مركز الإنماء القومي، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، 1997م، ص 5

(2) فتحي التريكي، فلسفة الحياة اليومية، ط1، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2009م، ص ص47 - 48

(3) يُشار هُنا إلى دِراسة سبقت فِكرتنا، تناولت هذه المسألة بالتحليل والنقد، المُتعيّنة في المقال العِلمي التالي: واعر آسيا، علاقة "- البيو-إيتيك-" بالخطاب الأخلاقي الإسلامي، مجلة الحقيقة، جامعة أدرار، الجزائر، ع 27، 30-12-2013م.

(4) طه عبد الرحمان، فقه الفلسفة -1- الفلسفة والترجمة، ط1، المركز الثقافي العربي، المغرب، 1995م، ص510

(5) المرجع نفسه، الصفحة نفسها

(6) المرجع نفسه، الصفحة نفسها

في المثقف اليوم