أقلام فكرية

اشكاليات لغة العقل

1. لغة العقل: العقل هو تعبير اللغة عن معنى الوجود وليس هناك وجود يدركه العقل صوريا تمثّليا لا تحضره وسيلة اللغة في التعبير عنه. ولا يوجد ادراك تصوّري عقلي لشيء يتم بلا  تعبّير اللغة عنه. تعبير اللغة عن الاشياء هو الوعي بها. .

كي نفهم حقيقة العقل علينا التسليم بخاصيته الجوهرية التي هي ماهية التفكير وعي قصدي ولا يعقل العقل ما لا معنى له كما لا تستطيع اللغة التعبير عن شيء او موضوع لا يدرك العقل معناه لغويا..لا يوجد وعي عقلي بشيء لا يدركه العقل.

هل ندرك الشيء تفكيرا بلغة ابجدية صوتية ام بلغة صامتة؟  الحقيقة هي كلا التفكيرين  ابجدية تعبيرية واحدة لغوية يحكمها الصوت ودلالة المعنى.. اللغة صوت ذو معنى.

كل موجود في الطبيعة والعالم الخارجي ما لم تحتويه(تحتوه) اللغة الصورية لا يدركه العقل ولا يعيه. ادراكات الحواس هي احساسات لغوية ينقلها الذهن للعقل لذا تكون انطباعات حسيّة تعيها اللغة ماديا. كل موجود ادراكه العقلي لغة.

 قلت بدءا العقل تفكير لغوي بينما ذهب سيلارزفيلسوف اللغة والعقل الامريكي قوله (الوجود لغة) اروع إختزال فلسفي تعبيري.

 واضيف انا العقل وجود لغوي ولا معنى لوجود لاتعبّر عنه اللغة. العقل ماهيته التفكير اللغوي المجرد سواء اكان مصدر ادراكاته تكوينه البيولوجي او سواء اكانت مرجعيته انه جوهر ماهيته تجريد مستقل في تعبيره اللغوي عن مدركاته. في نفس الوقت الذي قال به هيجل الوجود هو الله وهي فكرة معناها هوية الله..هنا هيجل يتناول مذهب وحدة الوجود والاقرار به ميتافيزيقا يرغبها اسبينوزا ولا يؤمن بها هيجل رغم تعبيره عنها.

واجد ان هذه التعبيرات الثلاث واحدة في التعبير عن مفهوم واحد متداخل غير منفصل. وثلاثتها تعبيرات صحيحة عن حقيقة فلسفية واحدة هي كل تفكير عقلي هو لغة.

 العقل هو لغة لمعنى الوجود وليس هناك وجود يدركه العقل لا تحضره اللغة تصوّريا ولا يوجد ادراك عقلي لشيء لا تعبّر عنه اللغة. حتى في حالات الصمت والاستذكار والخيالات جميعها تعبيرات تتوّسل اللغة.

2. اللغة بين الذات العملية والدين:

 صحيح جدا ان الذات كخاصية انسانية يحتويها الديني ميتافيزيقيا, عندها تصبح الذات واقعا ماديا هامشيا في العمل المنتج الذي يمثل سلطة النفوذ المالي وملكية وسائل الانتاج. . لكن الاهم ان الذات تكتسب وعيها الطبيعي للاشياء سواء اكانت تحت وصاية الدين او تحت وصاية تسلط راس المال ووسائل الانتاج. وعي الذات هو وعي قصدي ضمن نوع مجتمعي يجانسها الاستيعاب والاحتواء المنتج.

الذات لا يمكنها الانفصال عن الحياة والوجود المجتمعي في اسوأ الظروف والمراحل. وفي هذه الخاصيّة تتجنب الذات السقوط في الاغتراب بمضمونه السلبي في فقدان الانسان جوهر وجوده الاندماجي ضمن مجتمع.

الاغتراب الانعزالي الايجابي هو وعي قصدي محسوب البداية ومحسوب الوصول الى نهاية وهو ميزة غالبية الفلاسفة والعلماء والمتميزين في كتابة الاجناس الادبية. اما الانعزال بمعنى الاغتراب المرضي فيكون غير منتج محبط نفسيا وادراكيا ولا يعيش مجتمعه باغتراب ذاته..

3. الذات بين الطبيعة والدين:

لا تحقق الذات موجوديتها في ارتباطها بالديني الذي يحتويها في علاقة دائمية وحسب. بل تحقق الذات وجودها الانطولوجي السلوكي بالمغايرة الوجودية مع غيرها من غير وحدة تشابه المجانسة النوعية بين الذات وموجودات الطبيعة. والا اصبحت الذات موجودة في كل شيء تكوينيا وليست وعيا تجريديا في فهم موجودات الحياة وتكويناتها وعلاقاتها البينية مع بعضها.

ثنائية الذات مع الروح والزمن هي علاقة يجمعها ميتافيزيقا المطلق ويفصلهما فقدان الانسان لحياتة بالممات. ولا يوجد ماهو روحي خالد ولا ماهو زمني غير ازلي خالد بفناء الانسان. فناء الانسان الارضي مدرك عقليا ميتافيزيقيا بخلاف ازلية الزمان فهي حقيقة غير مدركة عقليا بل تصورا ميتافيزيقيا فقط.

كما هي الذات وجود متحقق بوعي العقل الا انها تفقد انطولوجيتها الحسية والادراكية في نهاية الانسان بالموت. مثلما لا يستطيع الانسان إثبات وجود الروح بالجسم قبل الممات فهو اعجز أكثر عندما يبحث عن مصير الروح التي غادرت الجسد بعد الممات.

***

علي محمد اليوسف /الموصل

في المثقف اليوم