أقلام حرة
فشل عظيم في تأريخ الموساد ونجاح كبير لدبي
رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، وذلك بعد (الفضيحة) التي سببها لإسرائيل وكشف شرطة دبي تورط عملاء جهازه في الجريمة وأشارت الصحيفة في تقرير لها بعنوان (عملية دبي الفشل العظيم) إلى أن عملية اغتيال المبحوح والتي بدت للوهلة الأولي من أسابيع كعملية باهرة وعظيمة وسرية قام بها طاقم محترف ومتخصص تحولت الآن إلى أفشل عملية في تاريخ الموساد الإسرائيلي، لكن الصحيفة اشرت عددا من الاخطاء التي وقع فيها الموساد، فقد شددت على أننا لسنا في فترة السبعينيات حينما كان من السهل اغتيال أي (إرهابي)- وهي التسمية التي تطلقها على كل عربي - فلسطيني في قلب بيروت أو أوروبا والاختفاء بعدها، لم تكن الكاميرات موجودة وقتها، أما الآن فالتكنولوجيا تسيطر علي حياتنا وبعض أجهزة التصوير في فنادق دبي كشفت العملية كلها، أما الخطأ الثاني للموساد ـ حسب يديعوت ـ فهو استهانة رجاله بذكاء وخبرة شرطة دبي، والذين قاموا بمهمة الكشف عن الطاقم بكل جدية، وخلال أسابيع معدودة نجحوا وبتفوق في تجميع كل قطع اللغز الناقصة وحلها، وتمت معرفة أسماء منفذي عملية التصفية بالكامل، وصورهم ودور كل واحد منهم في عملية الاغتيال والمدد الزمنية للعملية من تعقب للمبحوح والتنفيذ، موضحة أن الشيء الوحيد الذي لم تنجح فيه شرطة الإمارة هو الإشارة إلي الموساد.. المنظمة السرية التي اغتالت القيادي الحمساوي (سارعت دبي الى اتهام الموساد بها)، واضاف التقرير أن كشف دبي لتفاصيل جوازات السفر المزيفة ووجوه عملاء الموساد أمام كل وسائل الإعلام (حرق) هؤلاء العملاء، ومن ثم فشلهم في تنفيذ أي مهمة استخبارية بعد ذلك، ناهيك عن عدم تمكنهم من الخروج من إسرائيل خلال السنوات المقبلة خوفاً من الانتقام علي يد حماس، موضحة أن حقيقة وجود 7 من منفذي العملية وإقامتهم في إسرائيل صَّور تل أبيب في مظهر المتهمة رقم 1 بتصفية المبحوح، ويكتب معلق أمني آخر في (هآرتس) هو يوسي ميلمان أن (الأمر مسألة وقت وأموال إلى أن تتمكن بيروت ودمشق وعمان من نصب شارات ممنوع الدخول للنشاط السري على أراضيها. فعندما تتحول هذه إلى (مدن ذكية)، أي عندما تنشر تكنولوجيا متقدمة وتنشر شبكات من كاميرات الأمان، فإن ما هو متوفر اليوم لن يبقى كذلك، فرغم عداء الأنظمة العربية فإن رجال الاستخبارات الإسرائيليين، خصوصا الموساد، لم يتعذر عليهم في الأربعين عاما الأخيرة التغلغل في عواصمهم)، ويرى ميلمان أن عهداً بكامله قد انتهى فعلياً أو على وشك الانتهاء،
وفي (معاريف) أيضا كتب المعلق الأمني عوفر شيلح أن (الأمر المثير للاهتمام في قصة المبحوح ليس الهوية الحقيقية للعميلين «كيفن» أو «غيل» وإنما العالم الجديد للمراقبة وتحليل المعلومات الذي تبدى لنا، فشرطة دبي التي لا تحظى بذرة من الهالة التي تحيط بالموساد، أفلحت بصبر وأناة وحكمة في أن تركب سوياً صور كاميرات مختلفة في المطار وفي الفندق، وشذرات من مكالمات هاتفية على جهاز الهاتف الخلوي ومعطيات نظام مراقبة الجوازات, من أجل أن ترسم مسار القتلة، إن من أرسل هؤلاء أخذ بالحسبان أن هناك كاميرات في الفندق، والدليل هو القبعات والشوارب، لكن لم يخطر بباله أنهم عندما يقولون إن دبي «مدينة آمنة» يقصدون فعلاً الأخ الأكبر الذي لا يرى فقط وإنما يفهم أيضاً ما يرى).
وقد سارعت الاجهزة الامنية في دبي على الفور الى اتهام الموساد بهذه الجريمة التي تقع ضمن سلسلة جرائم اكتشف بعضها ومنها هذه الجريمة التي اشترك في تنفيذها 11 شخصا يحملون جوازات سفر اوروبية، بينهم امرأة، ضالعون في اغتيال المبحوح كما اعلن قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان كاشفا عن تفاصيل دقيقة اظهرت عملية اغتيال محكمة التحضير والتنفيذ، وتضم المجموعة شخصا يحمل جواز سفر فرنسيا وآخر يحمل جواز سفر المانيا وثلاثة يحملون جوازات سفر ايرلندية، بينهم امرأة، فضلا عن ستة اشخاص يحملون جوازات سفر بريطانية، وهي جوازات سفر (صحيحة حتى ثبوت العكس) بحسب خلفان، ووجهت صحيفة "الاندبندنت" اللندنية اتهامات حول احتمال ان تكون بريطانيا متواطئة مع اسرائيل في استخدام جوازات السفر البريطانية في الجريمة ونقل مراسل الصحيفة روبرت فيسك عن مصدر وثيق في دبي(أن الجوازات التي استخدمها افراد الفريق في تصفية المبحوح حقيقية لأنه تم اصدارها في بريطانيا حديثا وأنها بيومترية (Biometric) والصور عليها حقيقية، وبدورها ذكرت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية أن الموساد الإسرائيلي أبلغ بريطانيا مسبقا بنيته استخدام جوازات بريطانية في عملية الاغتيال إلا أنه لم يبلغها بالتفاصيل) .
كما رجحت الصحف الاسرائيلية ان يكون جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) دبر اغتيال احد قادة حماس في دبي وذلك بعد صور بثتها شرطة الامارة الخليجية، وعنونت صحيفة هآرتس (اسلوب الموساد)، الا انها تجنبت تحديد انتماء المجموعة لجهاز محدد، وكتبت الصحيفة ان (دقة الاستعدادات تذكر بعمليات الموساد في الماضي).من جهتها تساءلت صحيفة يديعوت احرونوت (هل ينتمون الى الموساد ؟)، مشيرة الى ان صور جوازات سفر المشتبه بهم التي نشرتها سلطات دبي تظهر الشبه القائم بين منفذي العملية (واي اسرائيلي عادي)، كما تساءلت صحيفة معاريف بشيء من السخرية (هل تعرفتم عليهم)، وكتبت يديعوت احرونوت (ولى الزمن الذي كان فيه بالامكان تصفية شخص ما بعيدا عن مرأى ومسمع اي كان ويبقى معرفة ما اذا كان الذين ارسلوا عناصر الكومندوس الى دبي وحرصوا على تنكرهم، سيجرأون على ارسالهم مجددا الى بلد آخر بعد نشر صورهم في الصحف)، وطالب عمير أورين ـ الخبير السياسي بصحيفة هاآرتس ـ بإقالة داجان ووصفه بأنه «مولع بالقتال واستعمال القوة» متوقعاً نشوب خلاف مع بريطانيا وأيرلندا وفرنسا وألمانيا وهي الدول التي تم استخدام جوازات سفر مزورة منسوبة إليها في اغتيال المبحوح، مضيفاً في تقرير له بالصحيفة «أياًً من كان نفذ الاغتيال وبغض النظر عن توصله لشكل من أشكال الترتيب مع الدول الغربية الغاضبة فإنه لايزال ملتزم أمام شعبه»، في المقابل أعلن مصدر مقرب من داجان عن أن الأخير لا يري سبباً للاستقالة بسبب اغتيال المبحوح، وأنه ومن غير المرجح أن يطلب منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا، موضحاً في تصريحات لصحيفة معاريف العبرية أمس أن الاستقالة ستكون بمثابة إعلان واضح وصريح من إسرائيل بمسئوليتها عن عملية اغتيال المبحوح،
وعلى صعيد متصل زعمت صحيفة (سوددويتشي تسايتونج) الألمانية في تقرير لها أن الموساد الإسرائيلي قام بإدارة عملية تصفية المبحوح من غرفة قيادة تم إنشاؤها بالنمسا، لافتة إلي أن معظم أفراد فريق الاغتيال استخدموا أرقاماً هاتفية نمساوية وأجروا مكالمات هاتفية مشفرة من دبي إلي النمسا، وذكرت تسايتونج أن جميع أفراد خلية الاغتيال كانوا قد طاروا إلي دبي من دول أوروبية بفارق ساعات معدودات بعضهم عن البعض الآخر: 5 توجهوا إلي دبي من ألمانيا (ميونيخ وفرانكفورت)، 4 من زيورخ، 2 من باريس و-4 من روما، ونقلت الصحيفة عن مصادر بالداخلية النمساوية تأكيدهم استخدام طاقم الاغتيال بطاقات نمساوية لهواتف نقالة، موضحين أن طاقم الاغتيال استخدم 7 شرائح هاتفية بأرقام تتبع بأشركة (تي موبايل موستيريا) النمساوية وأنه تم الاتصال عبر النمسا عدة مرات من قبل أفراد المجموعة،
ولم يستبعد قائد شرطة دبي تورط الموساد او اطراف اخرى في عملية الاغتيال في حين تتهم حماس الموساد وتلتزم السلطات الاسرائيلية الصمت بهذا الشأن، والمبحوح هو أحد مؤسسي كتائب القسام- الجناح العسكري للحركة- مع زملاء آخرين معدودين، وصاحب أول عملية نوعية تنفذها، وهي أسر وقتل أول جنديين إسرائيليين، وغير ذلك من عمليات وإنجازات قد لا يزاح عنها النقاب قبل سنوات وسنوات، نشط إثر التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين في عام 1978 حين كان في ربيعه الـ18 في محاربة محلات القمار التي كانت منتشرة آنذاك في مدينة غزة، كما اشتهر بحرصه على الحفاظ على المظهر الصحيح للشاب المسلم القوي، فبرز في رياضة كمال الأجسام، وحصل فيها على المركز الأول على مستوى قطاع غزة في الثمانينيات؛ فاكتمل له بذلك -بحسب وصف مقربين منه- (هيبة الطلة الزكية، حيث كان بهي الطلعة، حسن الهندام، أنيق الملبس، نظيف الثياب، عبق الرائحة، متزن الخطى، يسير مرفوع الرأس، منتصب القامة)، وبعد أن أنهى الثانوية العامة وحصل على دبلوم في الهندسة الميكانيكية وافتتح ورشة لتصليح السيارات بدأت مسيرته الفعلية في صفوف المقاومة المسلحة، اذ كان يتخذها ستارا للتخطيط هو وزملاؤه لعمليات سرية تقض عند تنفيذها مضاجع جنرالات الاحتلال الذين يتلفتون حولهم باحثين عن اليد الخفية التي تدبرها فلا يرون إلا السراب، حتى برز للأعين حين تم اعتقاله في سجن السرايا المركزي الإسرائيلي بغزة بتهمة حيازة الأسلحة.
وفي عام 1987 سطر التاريخ أول أبرز إنجازاته في سجلات المقاومة حين شارك في تأسيس كتائب القسام، وهو نفس العام الذي شهد تفجر الانتفاضة الأولى من داخل مخيم جباليا الذي نشأ وعاش فيه وسط 16 من الإخوة والأخوات، اندفع بكل قواه لمساندة الانتفاضة بعمليات تثلج صدور ذوي الشهداء والجرحى فدبَّر ونفذ أول عملية لأسر جنديين إسرائيليين في تاريخ حركة حماس عام 1989، وهما أيلان سعدون وآفي سبورتس، وقتلهما وإخفائهما دون أن تعرف إسرائيل مصيرهما حتى عام 1997، حيث أرشدتها إلى مكان دفنهما السلطة الفلسطينية بعد حصولها على معلومات انتزعتها من أحد أعضاء القسام في أقبية التحقيق الفلسطينية آنذاك، وبعد اعتقال عدد من عناصر كتائب القسام، من بينهم مؤسس الحركة آنذاك الشيخ أحمد ياسين، وقائد القسام الشهيد صلاح شحاده، علمت إسرائيل بمسؤوليته عن أسر الجنديين الإسرائيليين؛ فسعت لاعتقاله أكثر من مرة وفشلت لقدرته الفائقة على التخفي، وفي عام 1990 هدمت قوات الاحتلال بيته، وبات بذلك أول بيت تصدر محكمة إسرائيلية قرارا بهدمه في غزة فضلا عن مصادرة أرضه بتهمة خطف جنود إسرائيليين، وبعد مطاردة في غزة دامت أكثر من شهرين تمكن وعدد من رفاقه من اجتياز الحدود إلى مصر في عملية فريدة قالت عنها مصادر مقربة من حركة حماس إنها تركت الإسرائيليين في ذهول لمدة طويلة؛ إذ كيف نجح في الإفلات من الحصار الأمني المضروب على غزة تحت عين وسمع أفراد الاستخبارات الإسرائيلية، وعلى الحدود اعتقلته وزملاؤه الأجهزة الأمنية المصرية، وطالب الإسرائيليون مصر بتسليمهم، إلا أنه وزملاؤه تمكنوا من الفرار والتخفي عن أعين الأمن المصري لمدة 6 أشهر، حتى غادروا إلى ليبيا، ومنها إلى سوريا التي قضى فيها معظم سنواته اللاحقة، مستكملا عمله التخطيطي في صمت وخفاء، وفي خارج فلسطين نضجت أكثر مهارات (أبو الحسن) في التخفي، وتعلَّم مهارات الحاسوب وأجاد عدة لغات، ليوسع من قدراته على التخطيط لعمليات المقاومة داخل غزة، والبحث عن مصادر لإمدادها بالمال والسلاح، ومن الاحتياطات التي كان يؤمن بها نفسه أنه كان (لا يستخدم هاتفه النقَّال إلا نادرا، ويشتري تذكرة سفره بنفسه في يوم سفره، ويحرص على عدم الحجز المسبق، وغالبا ما كان يموه في سفره، ويسافر إلى غير الوجهة التي يقصدها، ومن هناك يغير خط سير رحلته، ويختار الفندق الذي سيقيم فيه بنفسه ولا يكرر الإقامة فيه، ولا يأكل شيئا من الفندق، ويشتري طعامه من مطاعم عشوائية، ولا يتحرك بسيارته إلا بعد التأكد من أن علامات الأمان التي وضعها فيها كما هي لم يمسها أحد، ويقودها وعينه على السيارات من حوله)، يذكر أن المبحوح هو من مواليد عام 1960 في مخيم جباليا، وهو أب لأربعة أبناء هم منى (24 عاماً)، وعبد الرؤوف (21 عاماً)، ومجد (11 عاماً)، ورنيم (7 أعوام)، انخرط في صفوف المقاومة في العام 1978، وقد اعتقل عام 1986 بتهمة حيازة سلاح (كلاشنيكوف)، وبعد خروجه من المعتقل واصل نضاله في صفوف حركة حماس، حيث توطدت علاقته بمؤسس الحركة الشهيد أحمد ياسين، وبمؤسس (القسام) الشهيد صلاح شحادة، وكان عضواً في المجموعة العسكرية الأولى لـ«القسام» التي أسسها محمد الشراتحة .
لم يكن المبحوح هو الأول من نوعه في اغتياله في الخارج بسبب نشاطه العسكري وما تناقلته وسائل الإعلام عن دوره في نقل السلاح إلي غزة ودعمه للجناح العسكري، فقد سبق أن اغتال الموساد من قبله في العاصمة السورية دمشق عز الدين الشيخ خليل في 26/9/2004 بزرع قنبلة تحت مقعد السائق في سيارة الشهيد، وما إن ركب سيارته وأدار محركها حتي انفجرت القنبلة،والشيخ خليل وهو أحد المؤسسين لكتائب عز الدين القسام وقد عمل في بعض دول الخليج، وعندما بدأت الانتفاضة الأولي عاد لأداء واجبه في دعم الانتفاضة في فلسطين؛ فما كان من سلطات الاحتلال إلا أن اعتقلته ثم أبعدته مع 416 فلسطينيًا آخرين إلي منطقة مرج الزهور جنوب لبنان عام 1992م، وعندما عاد هؤلاء المبعدون لم يكن عز الدين الشيخ خليل من بينهم اذ فضَّل لأسباب أمنية الانتقال إلي دولة عربية ثم عاد إلي دمشق لممارسة عمله الحركي من خلال توليه لملف الجناح العسكري للحركة في الخارج وإنشاء جهاز استخبارات خاص بالحركة حتى تم اغتياله في دمشق، ولم تتوقف إسرائيل عن محاولاتها لاغتيال قادة الفصائل والمقاومة في العواصم العربية والأجنبية مثل المبحوح في دبي وخليل في دمشق والشقاقي في مالطا بل استمرت في نهجها مع العديد من القاده لكن محاولاتها باءت بالفشل، ففي 25 ايلول 1997 تم استهداف خالد مشعل من قبل الموساد الإسرائيلي، وبتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجهاز الأمني الإسرائيلي التابع لرئيس الوزراء، فقد قام 10 عناصر من جهاز الموساد بالدخول إلي الأردن بجوازات سفر كندية مزورة حيث كان خالد مشعل الحامل للجنسية الأردنية مقيماً آنذاك وتم حقنه بمادة سامة أثناء سيره في شارع وصفي التل في عمّان، واكتشفت السلطات الأردنية محاولة الاغتيال وقامت بإلقاء القبض على اثنين من عناصر الموساد المتورطين في عملية الاغتيال، وطالب العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال رئيس الوزراء الإسرائيلي بالمصل المضاد للمادة السامة التي حقن بها خالد مشعل، ورفض نتنياهو مطلب الملك حسين في باديء الأمر، وأخذت محاولة اغتياله بعداً سياسياً، وقام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالتدخل وإرغام نتنياهو بتقديم المصل المضاد للسم المستعمل، ورضخ نتنياهو لضغوط كلينتون في النهاية وقام بتسليم المصل المضاد، ووصف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي بالكلمات التالية (لا أستطيع التعامل مع هذا الرجل، إنه مستحيل)، كما حاول الموساد الإسرائيلي اغتيال اثنين من قادة حماس في بيروت وهما أسامة حمدان وعلي بركة عبر تفخيخ سياره وتفجيرها، لكن العملية أسفرت عن مقتل الفلسطيني الشهيد باسل أحمد جمعة (26 عاما) والشهيد حسن سعيد الحداد (21 عاما) اللذين استشهدا إثر الانفجار.
وتجدر الإشارة إلي أن القانون الإسرائيلي يبيح اغتيال أو قتل مايصفهم (أعداء إسرائيل) في أي مكان، ففي نهاية عام 1972، وبعد قتل 11 رياضياً إسرائيلياً في أولمبياد ميونخ، طلبت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك (غولدا مائير) من رئيس الموساد آنذاك (تسفي زامير) ضرب كل فلسطيني اتهمته إسرائيل بالاشتراك في عملية احتجاز الفريق الرياضي الإسرائيلي رهائن في ميونخ، ووقفت مائير في تشرين الاول عام 1972 معلنة أن إسرائيل سوف تطارد الفدائيين (في كل مكان وكل بلد)، وصادق الكنيست بأغلبية ساحقة، باستثناء ممثلي الحزب الشيوعي وقتها، علي قانون يسمح بمعاقبة أي أجنبي متهم بالعمل ضد إسرائيل، بغض النظر عن مكان وقوع هذا العمل! هكذا أقرت إسرائيل، رسميا، بشكل علني، خطط الموساد، وكانت الذريعة الإسرائيلية المعلنة هي الرد علي عملية ميونخ، ومصرع عدد 11 رياضيا إسرائيليا، أثناء تحريرهم من الخطف، الا أن الحقيقة هي أن خطط الاغتيال كان قد بدأ تنفيذها قبل حادث أولمبياد ميونخ، في شهر ايلول 1972 حينما اغتال (الموساد) في 8 تموز من العام نفسه الكاتب الفلسطيني، غسان كنفاني في بيروت، لم تمض سوى أسابيع قليلة على القانون الذي أصدره الكنيست حتى بدأ (الموساد) سلسلة من الاغتيالات للفلسطينيين، وكانت البداية في 16 تشرين الثاني باغتيال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في إيطاليا (وائل زعيتر)، فقد اصطاده (الموساد) خلال عودته إلى منزله مساء، وقبل أن يفتح باب شقته، أطلقوا عليه 12 رصاصة انحشرت واحدة منها في كتاب، كان يحمله في جيبه، وهو السلاح الوحيد الذي كان يحمله معه، ونسب الى هذا الجهاز بشكل خاص الاعتداء بسيارة مفخخة الذي اودى بحياة القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في شباط 2008 في دمشق، وقصف موقع نووي سري في سوريا في ايلول 2007 وغارة جوية في كانون الاول 2008 على قافلة شاحنات بالقرب من بور سودان كانت تنقل اسلحة ايرانية الى حركة حماس في قطاع غزة، وفي كانون الثاني الماضي، حام شبح الموساد على حادث الاعتداء بدراجة نارية مفخخة الذي اودى بحياة العالم النووي الايراني مسعود محمدي في طهران.
ونبقى بانتظار ماوعد بتحقيقه قائد شرطة دبي من انه سيصدر مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال تبين أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) مسؤول عن المبحوح في دبي، وكانت سلطات دبي قد اعتقلت في الساعات القليلة التي تلت العثور على جثة الشهيد المبحوح الناشط في الجهاز العسكري للحركة نهرو مسعود الذي كان يرافق المبحوح في دبي حتى ساعة وفاة الأخير، وأشارت المصادر إلى أن اعتقال مسعود الذي يعتبر أحد كبار القادة الأمنيين في حماس يطرح تساؤلات جمة وشبهات قوية حول إمكانية ضلوعه بوفاة المبحوح بصورة أو بأخرى ويرسم علامات استفهام في شأن وجوده في دبي بهذا التوقيت بالذات، وأضافت أن حماس عملت كل ما بوسعها لمنع نشر نبأ اعتقال مسعود حتى لا يؤثر ذلك سلباً في الاتهامات التي تكيلها لإسرائيل بالضلوع في اغتيال المبحوح، مشيرة الى أن هذا الاعتقال أثار تساؤلات عدة في صفوف الحركة بدمشق وغزة بشأن هوية الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال، خاصة أن نهرو مسعود كان معتقلاً في السابق لمدة تقارب العام في السجون المصرية قبل أن يفرج عنه في تشرين أول 2007 وينتقل إلى دمشق ويتحول بسرعة الى أحد الكوادر القيادية الفعالة في حماس في سورية.
صحفي وكاتب وشاعر عراقي
عضو منظمة الدفاع الدولية
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1327 الاربعاء 24/02/2010)