أقلام حرة

الانتخابات العراقية ما قبلها وما بعدها

 بها  التحضير لانتخابات مجالس المحافظات والتي جرت في 31/1/2..9، ففي هذه المرحلة شهدت الساحة العراقية فض الشراكة بين أطراف الائتلاف العراقي الموحد فذهب كل الى سبيله وقائمته الخاصة به، وقد وجد الفرد العراقي العادي قبل المراقب السياسي في هذه الخطوة ان هناك شرخا كبيرا بين هؤلاء الفرقاء الذين هم أساس الحكومة العراقية، فقد لوحظ ان الحملة الانتخابية كانت شرسة وقد تكون أشرس من الحملة لانتخابات مجلس النواب حيث نشر هؤلاء الفرقاء غسيل بعضهم البعض بصورة خرجت عن الأطر المألوفة وشكك كل طرف بقدرة وامكانيات ومؤهلات الطرف الاخر، وقد قاد هذه الحملة قيادات الائتلاف الحاكم بجولات مكوكية على المحافظات بسباق  محموم مع الزمن ايهم يصل قبل الاخر الى هذه المحافظة او تلك لطرح بضاعتهم واستمالة الناس لهم، وهنا اعني بقيادات الائتلاف السابق هم من يتسيدون اعلى المناصب في البلد من رئيس حكومة ونائب رئيس ورئيس وزراء سابق وهكذا جرت العملية، المهم جرت الانتخابات وتبين ان ائتلاف دولة القانون وهي قائمة رئيس الوزراء (نوري المالكي) هي الفائزة وقد صور هذا الفوز بانه اكتساح للساحة العراقية وعلى الاخص الساحة الجنوبية والوسطى، وسيتبين عكس ذلك  لاحقا في هذا المقال وبحسبة بسيطة جدا.

بعد الانتهاء من مرحلة الانتخابات المحلية هيأت الذهنية العراقية لمرحلة الانتخابات التشريعية العامة بشكل مبكر جدا وبصورة وضحت للمراقبين ان القادم لم يكن احسن مما مضى بل هو اكثر قتامة وخطورة على المجتمع العراقي فقد بدأت التحذيرات من حضور المال السياسي القادم من وراء الحدود، وكان هذا الاتهام صادر من جهات لها حضور وشراكة في العملية السياسية الى جهات اخرى تعتبر من بناة هذه العملية وشريكة في السلطة التشريعية، بعد ذلك صدر اتهام من نائب ينتمي الى الجهة التي وجه اليها الاتهام بان قيادة الجبهة او الجهة التي ينتمي اليها قد تسلمت مبالغا من احدى الدول العربية في تدخل مكشوف في الشأن الداخلي العراقي، وكان حريا بالحكومة والقائمين عليها  ان تفتح تحقيقا في هذه الاتهامات والاقرارات من النائب المشار اليه بصفتها السلطة التنفيذية، والساهرة على تنفيذ القانون، لكن اي شيء من هذا القبيل لم يحدث وهذا في حقيقته يثير اكثر من تساؤل واكثر من علامة استفهام، لكن اول  مايخطر في ذهن المتتبع للاحداث هو خوف الحكومة من فتح هكذا ملفات خوفا وخشية من ان تفتح عليها اكثر من قضية مشابهة او مختلفة ولذلك مر هذا الامر دون حساب، بعد ذلك بدأ الشارع العراقي يسمع تحذيرات من اعمال عنف ستقع في العراق عموما وعلى وجه الخصوص في العاصمة بغداد، وبالفعل حدثت ثلاث انفجارات ضخمة في صيف 2..9راح ضحيتها المئات من القتلى ومثلهم من الجرحى ودمرت الكثير من المنازل الامر الذي ادى الى تحول  ساكنيها الى العراء، وكذلك دمرت في هذه التفجيرات اكثر من وزارة في دلالة واضحة على ضعف اجهزة الحكومة وقدرة الجماعات المنفذة لهذه الاعمال  الاجرامية  على الوصول لاهدافها بسهولة ويسر، والغريب في الامر ان التحذيرات التي صدرت حول اعمال العنف قبل الانتخابات كان مصدرها اجهزة الحكومة  السياسية والعسكرية ومن قوات الاحتلال الامريكية، ولم تحرك السلطة ساكنا باستثناء تبديل قائد عمليات بغداد باخر بعد التفجير الاجرامي الثالث، وكأن الامر وعلته يكمن في الاشخاص لا بالمنهج.بموزاة هذه المجريات على الساحة العراقية كشف صراع كان تحت الرماد بين اطراف الائتلاف العراقي الموحد وذلك تحت قبة مجلس النواب العراقي، وقد صور ان كل اقتراح يقدمه الائتلاف أو كل تصويت ضد أي قرار أو مشروع قانون على انه عقبة وعرقلة في طريق الحكومة لاحراجها والاساءة  الى صورتها امام الشارع العراقي، وبالمقابل فان اي خطوة تتخذها الحكومة تصور على انها دعاية انتخابية من جانبها  ومن بين الاتهامات المتبادلة هو اتهام الائتلاف من قبل رئيس الوزراء وبصريح العبارة بتعطيل استيراد مولدات ضخمة لتحسين الطاقة الكهربائية الامر الذي ادى ان يرد قادة الائتلاف باقسى من ذلك متهمين وزارة الكهرباء بهدر اكثر المليارات من الدولارات بحجة استيراد اجهزة متطورة لتحسين الطاقة الكهربائية دون طائل، ايضا طرح مشروع الموزانة العامة للتصويت فوقف الائتلاف حائلا دونها الا بعد تنفيذ عدة مطالب كان من بينها ان تتوقف التعيينات حتى تشكيل مجلس الخدمة كيلا  تستغل الحكومة هذه الجزئية في ظروف انتخابية، استغل فريق رئيس الوزراء الذي بات يعرف بائتلاف دولة القانون ليصور للناس ان الائتلاف العراقي حرم العاطلين عن العمل من 115...ألف فرصة عمل بتصرفه هذا الغير مبرر على حد تصوير جماعة رئيس الوزراء وقد عاش البرلمان شهوره الاخيرة عبارة عن ساحة صراع شديدتين بين شركاء الامس القريب، لم تكن هذه الصورة هي الوحيدة في المشهد السياسي العراقي الرسمي لو صح التعبير فقد كان هناك صراع اخطر واشرس كانت نتائجه على الساحة العراقية امر(بتشديد الميم) من الصورة الاولى عليها لتعلقها بالشأن الامني، يتمثل هذا الصراع والتنافس والذي كان ميدانه مجلس الوزراء في العلاقة المتوترة بين رئيس مجلس الوزراء ووزير داخليته جواد البولاني، ظهر هذا الصراع بصورته الشديدة وعلى الاخص بعد حادثة بنك الزوية فقد كانت لكل طرف روايته التي تختلف عن الاخرى في الصورة والمضمون ثم جاءت عملية اقالة الناطق الرسمي في الداخلية لتزيد الهوة في العلاقة بين الطرفين، الا ان الحدث الذي كشف القطيعة الكاملة بين الرجلين هو بداية التفجيرات الدامية في بغداد وكان اول هذه التفجيرات في الشهر الثامن من 2..9، حيث بدا على السطح ان الداخلية تعمل دون تنسيق مع قيادة عمليات بغداد لابل بدا ان كل طرف يتربص ويتسقط  اخطاء وهفوات الاخر  ليبرأ نفسه امام الاعلام وليقنع نفسه ان فريقه قد ادى واجبه والتقصير على الطرف الاخر، واخذت الداخلية تنفي وتكذب اي خبر من قيادة عمليات بغداد حول القاء القبض على منفذي التفجيرات الدامية والكبيرة في العاصمة فتروي روايتها هي، وتظهر المتهمين التي تعتقد انهم هم العقول المدبرة والمنفذة لهذه العمليات، ان الصراع او الاختلاف بين رئيس الوزراء وبين البولاني بطبيعة الحال هو صراع وتنافس سياسي وليس مهني وهذا الامر يتعارض مع المنطق السياسي لان الوزير، اي وزير ناهيك عن وزير يختص بامن البلاد فانه مسؤول امام رئيسه في تنفيذ ورسم خططه  واخذ الموافقة عليها حتى لو كان هناك اختلافا او خلافا في وجهات النظر فالمهنية تقتضي ذلك، وكذلك ان المسؤولية هي تضامنية لايستطيع اي ركن من اركانها الاستغناء عن الاخر.

في هذه الاجواء طرح وزير الداخلية نفسه كرئيس وزراء قادم من خلال تشكيله لكيان او ماتسمى بقائمة وحدة العراق انضم اليها بعض من شيوخ المنطقة الغربية، ورئيس البرلمان السابق محمود المشهداني، ورئيس الوقف السني، وقد سئل الوزير في احدى القنوات العراقية عن ايهما اكثر حظوظا في رئاسة الوزراء، المالكي ام البولاني، اجاب ان التنافس سيكون محصورا بينهما لكن حظوظ البولاني اكبر، ولم تكن هذه المرة الاولى التي يدخل فيها الوزير الانتخابات، فقد دخلها الحزب الدستوري في انتخابات مجالس المحافظات، علما ان الوزير البولاني عندما تم استيزاره كان على اساس انه مستقل وبهذا وافقت عليه الاطراف الداخلة في الحكومة مع وزير الدفاع، لكن مرت هذه المسألة دون ان يعترضها احد او يشير اليها كخرق للاتفاق المبرم بين شركاء الحكومة، وقد يكون السبب كامنا هو ان جميع هؤلاء الشركاء لم يلتزموا بما اتفقوا عليه، ولايرغبون في كشف عيوب بعضهم البعض، اقول خاض الوزير انتخابات 2.1.مع هذه الامال والطموحات ليحصل على نتائج متواضعة جدا دللت على فهم القائمين على قائمة السيد البولاني للواقع العراقي، وعدم اجراء قراءة متأنية لهذا الواقع الذي له خصائصه المميزة والمعروفة، وله رموزه ايضا، ولو كان الوزير انضم الى احدى قائمتي الائتلاف (دولة القانون والائتلاف الوطني) لكانت حظوظه اكبر.

ومن صور المشهد العراقي في اواخر 2..9 هو اصدار قانون انتخابات مجلس النواب الذي شهد جدلا كثيرا بين الكتل السياسية حول شكل القائمة هل هي مفتوحة ام مغلقة، وكذلك حول حصص المحافظات بعدد النواب، واخيرا صدر هذا القانون بعد مساومات كثيرة ليكون نائب رئيس مجلس الرئاسة السيد طارق الهاشمي لهذا القانون بالمرصاد لينقضه بسرعة فائقة، على اثر هذا النقض عاد الاصطفاف الطائفي الى الظهور من جديد بعد ان اختفى بشكله العلني فترة من الوقت، وهنا لابد لي ان اعرج على مشهد طالما ظهر على مسرح الاحداث في العراق وهو مشهد ممارسة السيد الهاشمي السياسية والدبلوماسية، فمن المعروف ان الحكومات في كثير من بلدان العالم عندما تتشكل فانها تكون على صيغة الحكومة الائتلافية اي من حزبين او اكثر لكن القرار السياسي والمنهج التي تنتهجه الحكومة تجاه اي موقف هو واحد وبطبيعة الحال بعد التمحيص والتصويت عليه داخل مجلس الوزراء ليخرج على شكل موقف رسمي يمثل الدولة المعنية، فعلى سبيل المثال ان المانيا قبل اعادة توحيدها وبعد هذا التاريخ وعلى مدى عقود خلت يكون المستشار من حزب ووزير خارجيته من حزب اخر لكن الموقف واحد وهذا طبيعي بل هو اساس العمل السياسي والخلافات دائما تكون على المسائل الداخلية من اقتصاد وتكافل اجتماعي ونظام صحي وغير ذلك من امور تهم المجتمع، الا ان السياسة الخارجية تتفق عليها الاطراف جميعا، دخلت في الحكومة ام لا، وان وجد الاختلاف فهو في وجهات النظر حول اسلوب التطبيق ليس الا، هذا من ناحية تشكيل الحكومة وهناك الرئيس في البلدان التي تعتمد النظام البرلماني حيث يكون الرئيس لاغراض البروتوكول وفي اغلب الاحيان يكون من غير الحزب الحاكم الا انه وفي المناسبات المعدودة التي يمارس فيها عملا دبلوماسيا سواء في خارج بلده او في الداخل فانه لايخرج عن موقف حكومة بلده قط، وقبل ان يقوم بنشاطه هذا فانه يستشير حكومته في القضايا التي يمكن ان تناقش ليظهر الموقف موحدا، الا اننا في العراق نجد مثلا السيد طارق الهاشمي يتصرف وكأن لاحكومة في هذا البلد ولا رئيس مجلس وزراء او مجلس وزراء يرسم سياسة البلد الخارجية والداخلية ايضا، ولو ان مجلس الرئاسة بالكامل وخصوصا النائبين يتصرف وكأنه هو واضع السياسة  في البلد، الا ان السيد الهاشمي يتفوق عليهم في هذا المجال،  فتجده يزور البلدان ويلتقي الرؤساء والملوك دون تنسيق مع الحكومة فالقطيعة قد حصلت بينه وبين السيد المالكي من وقت طويل، يجد المتتبع ان الدكتور الهاشمي كثيرا ما يزور تركيا مثلا وفي احدى المرات اعلن ان تركيا قد وافقت على زيادة حصة العراق من المياه في دجلة والفرات التي حبستها لانها تبني السدود على منابع هذين النهرين، بطبيعة الحال لم يحصل شيء من هذا القبيل وان حصل فلمدة قصيرة جدا وذلك لان تركيا دولة مؤسسات لاتصدر مواقفها على المزاجات ولا بموجب العلاقات الفردية، ولا جبرا للخواطر، وتركيا لها ستراتيجيتها في هذه المنطقة وتعتبر المياه ورقة ضغط بيدها تدير بها علاقاتها مع العراق وكذلك مع سوريا لانتزاع ماتريده من مواقف، لابل ان تركيا وفي بعض المناسبات عبرت عن رأيها بوضوح اكثر بانها تعتبر المياه سلاحا بيدها كما يعتبر العرب النفط سلاحا بيدهم، ولايختلف في هذا المجال اردوغان عن توركت اوزال الا بالعبارات، وهنا سؤال يطرح وبالحاح هو من قال ان الحكومة العراقية تعتبر ان الوقت مناسب لمثل هذا العمل، ذلك ان الامر متعلق بالستراتيجيات وبتوازن القوى ومتعلق بالظرف الداخلي من حيث القوة والضعف لان البلدان الضعيفة والتي هي في طور البناء يصبح موقفها التفاوضي مع الاطراف الخارجية ضعيفا، وهناك امر اخر ان العراق ليس الوحيد في هذه القضية فهناك سوريا وتوجد لجان مشتركة بينهما وبين تركيا، ثم وان صح القول ان تركيا قد أطلقت بعض الكميات فماذا تعتبرها عندما تطالبها الجهات المختصة بالحصص الفعلية للعراق، الم تضعف موقف الجانب العراقي مثل هذه الخطوات غير المنسقة، لكن يجد المراقب ان مع كل هذا والحكومة لا تحرك ساكنا وكأن الامر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد.بعد كل هذا جاء الوقت الذي يحتم على الاطراف السياسية ان تعلن كياناتها وقوائمها الانتخابية فقانون الانتخابات قد صودق عليه وحدد الموعد في 7/3/2.1.وشمر السياسيون عن سواعدهم واخذوا يبحثون عن التحالفات سواء بشخصيات او احزاب وحركات، واتجهت الانظار مرة اخرى الى اركان الائتلاف العراقي الموحد فهم قد شكلوا في الماضي القريب اكبر كتلتين، في الجمعية الوطنية التي صاغت الدستور وفي مجلس النواب بدورته الاولى، وفعلا كلف السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله باعتباره رئيس الائتلاف الشيخ همام حمودي في اعادة تشكيل هذا الكيان بعد ان تخلخلت موازينه في الاونة  الاخيرة ولم يبق يمثله في البرلمان الا المجلس الاعلى بفروعه كافة، منظمة بدر، وحركة سيد الشهداء وغيرهما من الحركات وبعض المستقلين، فقد سبق خروج المالكي وبفترة مبكرة خروج حزب الفضيلة وتبعهم فيما بعد ممثلوا مكتب السيد الشهيد الصدر (التيار الصدري ).منذ البداية شعر المراقبون ان مهمة الشيخ همام حمودي ليس باليسيرة في اقناع رئيس الوزراء بالعودة الى الائتلاف الذي  غير اسمه من العراقي الموحد الى الوطني، فرئيس الوزراء انطلق من مبدأين، الاول ان ماانكسر بين الطرفين صعب اصلاحه فقد وصلت الامور في بعض الاحيان الى توجيه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، ولو ان هذا الامر في عرف السياسة ليس عامل عرقلة في طريق الائتلاف، لكن في العراق على وجه التحديد لم يصل (الساسة)فيه بعد الى مستوى التسامي فوق الخلافات من اجل المصالح ايا تكون هذه المصالح، اما المبدأ الاخر هو شعور السيد المالكي انه قد سيطر على الساحة السياسية في البلد ولا يضيره ان خاض الانتخابات بقائمة لاتضم سوى اتباعه والمتحالفين الجدد معه وقد يكون فكر انه لو عاد الى تحالفاته القديمة قد تكون النتائج غير سارة له، اما من اين انطلق رئيس الوزراء ليتخذ هذا الموقف ؟ والجواب على ذلك يكون من مستويين، الاول انه تعكز على منجز طالما تغنى به واعني به الشأن الامني الذي تحسن عما هو عليه في السنتين الاولى من ولاية السيد المالكي، مع العلم ولاجل تحقيق هذا المنجز ان تظافرت عدة عوامل حتى يكون بهذا المستوى واحدة منها ادارة رئيس الوزراء،  ففي الجنوب مثلا وكذلك في الوسط كان لتجميد جيش المهدي من قبل السيد مقتدى الصدر الاثر الفعال في تحسن الوضع المضطرب في هذه المناطق، حتى ان اوامره كانت تحرم على افراد هذا الجيش ان يكون لهم اي مواجهة مع القوات العراقية، فالتجميد رفع الغطاء الشرعي عن كثير من الجماعات المسلحة التي كانت متسترة وراء اعمال جيش المهدي فجاء هذا القرار ليجعلها مكشوفة.اما في المناطق الغربية فقد شكلت قوات الصحوات من الذين انظموا سابقا الى الجماعات المسلحة المعارضة للتغيير الذي حصل في العراق،  علما ان الصحوات هو اختراع امريكي صممه (بتريوس )القائد الامريكي السابق في العراق، ولاننسى دور العشائر هناك بطبيعة الحال، كذلك لاننسى الاستراتيجية الجديدة التي اعلنها (جورج بوش )والمتمثلة بارسال 21...الف جندي اضافي الى العراق للمساعدة في ضبط الامن في 2..7، كل هذه العوامل ادت الى التحسن النسبي في الشأن الامني وبطبيعة الحال يكون الانجاز مرتبطا باسم السيد نوري المالكي لانه رئيسا للوزراء على أن لا ينكر دوره كما مر سابقا.، اما المستوى الثاني هو مااعتبره حلفاء السيد المالكي انه اكتساح للساحة في انتخابات مجالس المحافظات والتي سيطرت فيه قائمة ائتلاف دولة القانون على اغلب المناصب التنفيذية في المحافظات الجنوبية والوسطى بناءا على نتائج هذه الانتخابات، لكن هنا سؤال يطرح نفسه بقوة وهو هل حقا ان ائتلاف دولة القانون قد اكتسحت الساحة في هذا الاستحقاق ؟، الجواب على ذلك يجب ان تتم قراءة الساحة وقوائمها اثناء الانتخابات المحلية وبذلك سيجد معي القاريء الكريم ان جميع الكيانات والاحزاب والحركات السياسية قد خاضت هذه العملية بقوائم منفردة فالمجلس الاعلى الاسلامي في العراق شارك بقائمته الخاصة به وهي شهيد المحراب وهكذا الحزب الشيوعي العراقي  شارك بقائمه الخاصة به،  والحزب الدستوري ايضا خاضها بمفرده، والعراقية التي تمثل حركة الوفاق بقيادة اياد علاوي ايضا خاضتها بمفردها، وكذلك شارك لاول مرة تيار الاصلاح بقيادة الدكتور ابراهيم الجعفري بعد خروجه من حزب الدعوة ، اما التيار الصدري فان امره يختلف عن هذه الكيانات فهو لم يخض الانتخابات بشكل رسمي فقد اعلن انه يؤيد قائمتين من قوائم الشخصيات المستقلة لانه وجد فيهم الكفاءة والوطنية والنزاهة، وهما كيان تيار الاحرار المستقل وكيان النزاهة والبناء، مع ملاحظة اني اتكلم عن جزء من ارض العراق وليس كل العراق وللاسباب المعروفة، اما قائمة رئيس الوزراء فقد ضمت بالاضافة الى حزب الدعوة جناح المالكي،  ضمت حزب الدعوة تنظيم العراق  قبل خروج عبد الكريم العنزي من هذا الحزب وتشكيله لحزب الدعوة تنظيم الداخل.

ان قراءة متأنية لنتائج الانتخابات المحلية نجد ان دولة القانون لم تكتسح الساحة كما افهم الناس اذا قيست القوائم بقياس تبعيتها، فعلى سبيل المثال ان النزاهة والبناء والاحرار المستقل بجمع الاصوات التي حصلتا عليها نخرج بنتيجة انها فاقت اصوات دولة القانون في اغلب المحافظات ان لم تكن في جميعها وان لم تحصل النزاهة والبناء على اي مقعد في كل العراق لكني اقول لو خاضت القائمتين الاستحقاق الانتخابي بقائمة واحدة الم تظهر النتيجة لصالحها وبتفوق كبير؟ بالطبع سيكون الامر كذلك لكن هكذا جرت الامور ولاداعي لذكر الاسباب هنا مع العلم ان قائمة دولة القانون خاضت الانتخابات برمزية رئيس الوزراء فقط  وفي كل المحافظات .ان رفض السيد المالكي الانضمام الى الائتلاف الوطني رغم الالحاح والانتظار حتى جاء وقت تسجيل الكيانات في المفوضية، اقول  ان هذا الرفض جاء نتيجة قراءة خاطئة لواقع النتائج،  ولشكل القوائم والكيانات المشاركة في الانتخابات المحلية، كما انها جاءت نتيجة ضيق افق في تفكير الفريق المحيط برئيس الوزراء وذلك بما اظهروه من عدم دراية بما يدور من حراك سياسي حول التحالفات بقوائم موحدة، ومن تدخل خارجي تحدث الجميع حوله، وقد وجد المراقبون ان المنجز الامني الذي استند عليه المالكي قد هزته عدة تفجيرات دامية في صيف 2..9علما انه لم يملك اي رصيد اخر ، فالخدمات معدومة، والفساد الاداري نخر جسم المؤسسات الرسمية، والصناعة قد اهملت، والزراعة في الرمق الاخير، والتعليم يعاني من عدة مشاكل، والقضاء يعاني من عدم استقلاليته والمشكلة الاكبر  فتتمثل بنسبة البطالة العالية بين الشباب، نعم ان هذه المفاصل قد تراكمت عليها عقود من الاهمال وبديهي ان الامن عندما ينعدم تتوقف مظاهر الحياة لكن عندما شهدت مدن العراق وبالاخص بغداد تحسنا امنيا لم تبادر السلطة الى معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية سوى النزر اليسير من بعض المشاريع.

بدأت الحملة الانتخابية ببداية استغربها الناس فقد حذر الفرقاء من تزوير نتائج الانتخابات، والاغرب من ذلك ان من بين المحذرين  فريق رئيس الوزراء، و الغرابة في ذلك ان السلطة التنفيذية ليس في العراق وحده هي الساهر على حقوق الناس ومن هذه الحقوق الحفاظ على حقوقهم بعدم ضياع اصواتهم، والغرابة الاشد انها لم تطمئن الجمهور بخطوات تنبئهم باجراءات تضمن نزاهة الانتخابات، ان التحذير الذي يصدر من جهة هي خارج السلطة التنفيذية وبوضع كوضع العراق امر مفهوم ومبرر، كما ان التحذير الذي تصدره الكيانات الصغيرة او الطارئة على الساحة السياسية في ايام الانتخابات وهي كثيرة بالطبع ايضا خطوة مفهومة من اجل لفت انظار الناس اليها وكذلك هي تبرير مسبق للخسارة والخروج من السباق الانتخابي وايضا من الساحة السياسية عموما.

تصرف السيد رئيس الوزراء وفريقه في الحملة الانتخابية وكأنهم تيقنوا ان الفوز الساحق في هذا الاستحقاق قد ضمن وبذلك هم مطمئنون على انهم هم الحزب الحاكم في الفترة القادمة وعليه لم يبق هذا الفريق ورئيسهم على احد الا وعدد مثالبهم خصوصا شركاء الامس القريب، الائتلاف العراقي الموحد، وقد بادله هذا الشريك الاتهامات ايضا لكن كان الصوت العالي والمسموع هو لرئيس الوزراء، افقد هذا التصرف الفرقاء السياسيين الثقة بقيادة الحزب الحاكم كما انه لم يتوان قبل خروجه من الائتلاف الموحد وشن الحملة الاعلامية الشرسة عليه لم يتوان بضرب الشريك القوي والذي ساهم بوصول حزبه الى الحكم بيد من حديد وشرد اتباعه، وملأت المعتقلات بهم، ودوهمت مكاتبهم، واصدار الدعاوى الكيدية بحقهم واعني بهم التيار الصدري، لابل ان رئيس الوزراء  افتخر بضربهم حتى يقال انه لم يضرب الجماعات المتشددة في المنطقة الغربية باديء ذي بدأ وقد صرح بهذا الرأي بلقاء مديري بعض القنوات الفضائية ورئيس تحرير جريدة الصباح اثناء الحملة الانتخابية، وقد قال ان العمليات لم تبدأ من البصرة بل بدأت من كربلاء.

ومن صور هذا اليقين بالفوز الساحق هو دعوة السيد المالكي الى اعتماد مبدأ الاغلبية السياسية ونبذ سياسة المحاصصة التي تكبل رئيس الوزراء، بطبيعة الحال ان هذه الدعوة صحيحة وتنبع من تجربة حتى انه يقول عند تشكيله لحكومته اضطر لتغيير ثلاثة اسماء وهو في طريقه الى منصة البرلمان لاعلان  أعضاء الوزارة، مما يعني ان الرئيس مكبل ومقيد سواء في محاسبة الوزراء او اقالتهم وبذلك تصدر القرارات في اغلب الاحيان ان لم تكن مرتبكة، فهي انفرادية، ومن صور الارباك في القرارات على سبيل المثال ان مجلس الوزراء في بعض الاحيان يصدر مشروع قانون وتحيله الى البرلمان، ومن المفهوم ان مجلس الوزراء مكون من ممثلي الكتل كما الحال في البرلمان ومن المفروض ان المشروع المطروح قد اشبع نقاشا من نواب الكتلة مع وزرائهم حتى يوافقوا على التصويت بالموافقة داخل مجلس الوزراء، لكننا نجد ان المشروع عندما يطرح على التصويت في مجلس النواب يواجه بالرفض والانتقاد، وان حصل مشروع القانون على الموافقة من مجلس النواب يواجه بالنقض من احد اعضاء مجلس الرئاسة وهو ايضا يمثل احدى الكتل وهذا ماحصل مع قانون مجالس المحافظات وقانون انتخابات مجلس النواب، اقول لو كانت الدعوة الصادرة من المالكي هي بناء على رغبة فهي رغبة حقيقية ومنطقية، لكن ان كانت من قراءة  لظروف البلد فهي غير مكتملة لان الواقع السياسي العراقي ليس ملك اهله وذلك ان اللاعب الامريكي وهو مؤسس العملية السياسية مابرح يراقب ويتدخل ويفرض رؤاه وارائه، ولازالت قواته البرية والجوية ورجال استخباراته وشركاته الامنية هي صاحبة الحول والطول في المسار العسكري، كما ان السفير الامريكي يدخل الى أي مكان سيادي لاباعتباره سفير دولة بل راعي لهذه الدولة يشاركه بشيء اقل من هذا السفير البريطاني ؛حتى ان احدى  الشخصيات النيابية عندما وجه اليها سؤالا حول زيارة بايدن نائب الرئيس الامريكي ومدى تدخله في العملية السياسية اجابت بان المسؤلين الامريكان يشبعوننا شتما بدءا من من تهيؤهم للسفر حتى العودة  الى واشنطن؛وكذلك يجب ان لاينسى  السيد المالكي اللاعب الاقليمي المؤثر في العراق كتركيا حيث يزداد تاثيرها يوما اثر يوم على اغلب الكتل السياسية حتى على الكتل الكردية وقد وجدنا كيف التقى اعضاء من قائمة الحدباء وقائمة نينوى المتاخية المتصارعتان على النفوذ في نينوى التقوا في اسطنبول التركية طبعا برعاية امريكية، ايضا اللاعب السعودي والذي رفض ملكها ان يستقبل السيد المالكي في السعودية بحجة انه طائفي وكذلك كل دول الجوار ابرزهم ايران بطبيعة الحال، كل هذه العوامل الظاهرة على السطح تفرض على المالكي ان لايكثر من تصريحاته حول الاغلبية النيابية او الاغلبية السياسية على وجه اصح وقد افصحت النتائج عن الواقع لا طبقا ما اراده المالكي الامر الذي جعله محل انتقاد من السياسيين والمراقبين لانه تصرف فيما بعد على عكس ما كان يدعو اليه.

 

ومن صور اليقين الذي تولد عند السيد المالكي بالفوز المطلق هو قطعه لكل خطوط الرجعة في علاقته مع خصومه السياسيين فضلا عن شركاء الامس القريب، وكان حري به ان يمد جسور الثقة مع خصومه البارزين فهي ليست حرب بين طرفين او دولتين، انما خلافات او اختلافات في وجهات النظر وفي المناهج ولاضرورة للقطيعة، وان جاء انتقاد من خصومه الذين هم خارج السلطة فهذا طبيعي لان السلطة تكون دائما تحت المجهر ودائما هي بحاجة لكل الفرقاء مادام شكل الحكم ديمقراطيا وخصوصا انه دعا في بدأ ولايته للمصالحة الوطنية، فكيف يثق من هو خارج العملية السياسية بهذه الدعوة وفي نفس الوقت يجد رئيس الوزراء صاحب هذه الدعوة يخاصم شركائه لابل يقاتلهم.

جاء يوم السابع من اذار  وخرج الناس الى الاقتراع وكان يوما مغمسا بالدم رغم ما اعلن عن احترازات امنية مشددة وتحذيرات سابقة عن وجود خطط لافساد يوم الانتخابات لكن دون جدوى، اقول اقترع العراقيون وبنسبة عالية وبانتهاء الاقتراع، والفرز لازال جاريا ظهر الدكتور اياد علاوي رئيس القائمة العراقية  من على شاشة احدى القنوات  ليعلن فوز قائمته وليشكر العراقيين الذين منحوا قائمته الثقة، وبنفس الوقت اعلن ان هناك حالات تزوير في العديد من مراكز الاقتراع واعلن انه سيطلب من مجلس النواب القادم  ان يشكل لجنة تحقيقية لتحقق مع المفوضية حول هذه الخروقات، وقد فسرت  هذه الخطوة في باديء  الامر بانها تبرير مسبق للهزيمة، لكن وبمرور الوقت وفي العشرة الاخيرة من العد تبين انها خطوة استباقية ايضا لكن من نوع اخر، ففي هذه العشرة واقصد بها وصول العد والفرز الى نسبة ال 9.% بدأت النتائج تعلن تقدم العراقية بعد ان كانت لحد ال89% لصالح دولة القانون وتكمن هذه الخطوة بذكر (العراقية )بانها متيقنة من الفوز ومن خلال مراقبيها ومع ذلك فانها تشعر بانها قد اصابها الحيف والظلم وقد سجلت هذا في يوم 7/3، اما دولة القانون فان اعلان المفوضية وفي النتائج الجزئية بتقدمها على القوائم الاخرى جعلها لاتنظر الى الاخبار والشكاوى من وجود خروقات كبيرة شابت العملية الانتخابية حتى ظهر رئيس الوزراء ليقول وان وجدت حالات تزوير فانها لا ترقى الى الحد التي تغير النتائج، بطبيعة الحال ان هذا الكلام في العمل السياسي الرسمي يثير علامة استفهام كبيرة، فكيف يسكت رئيس اعلى سلطة تنفيذية عن التلاعب في النتائج حتى لو لم ترتق الى تغييرها، فالخرق خرق مهما صغر او كبر ويجب عليه ان يمارس عمله ويحمي العملية الانتخابية حتى لو كانت هذه التلاعبات قد صبت في صالح قائمته،  قد يقول قائل لا وجود لانتخابات مثالية في كل العالم، وهذا صحيح لكن بما انه قد قدمت اكثر من شكوى وان السيد المالكي لم ينفها بالمطلق كان عليه ان يكون اكثر حزما وحسما لا ان يقول ان الخروقات حتى لو وجدت فانها لاتغير النتائج فهذا الكلام ليس من المفروض ان يصرح به، وكان الاولى لو اريد ان يصرح به فبالامكان ان يصدر من احد النواب من دولة القانون وذلك لكي يكون  منصب رئيس الوزراء اسمى من هذه المناكفات والمماحكات او  ان يكون حجة عليه فهو السلطة العليا في البلد ومايصدر عنه الزام له .

بعد ان سلم المراقبون بان دولة القانون قد حققت الفوز، وفي ساعات دراماتيكية بدأت الامور تنقلب وتعلن المفوضية تقدم العراقية وسط دهشة الناس طبعا، وانا هنا لااريد ان اقلل من حجم هذه القائمة، لكن ان يعلن التقدم في الشوط الاخير هذا هو المحير، هنا تغيرت الوقائع فاذا بالذي قلل من شأن الخروقات اخذ يطالب بايقاف العد الالكتروني واعادة العد اليدوي لوجود خروقات كبيرة توصل اليها فريق دولة القانون حتى ان احد اعضاء هذه القائمة وصف سير الوقائع بانها انقلاب ابيض تنفذه المفوضية، وكذلك ارسل رئيس الوزراء رسالة يطلب من المفوضية وبوصفه هذا وكذلك القائد العام للقوات المسلحة ان يعاد العد اليدوي محذرا من مغبة ان يقع البلد في منزلق العنف، ولاادري لماذا استخدم وصف القائد العام مع العلم ان الوصف الاول اعلى منه، ثم ماهو دور السلطة التنفيذية عندما تجد خللا ما في احد المفاصل الرسمية المهمة، نعم ان المفوضية مستقلة بعملها وكل المفاصل الرسمية يجب ان تكون مستقلة، لكن الاستقلال يكون منتفيا عند وضع اليد والتأكد من  وجود الخلل الذي يصل الى الحد بتزوير الانتخابات، فلا احد فوق القانون ولااحد فوق الرقابة والعقاب، كان على السيد رئيس الوزراء ان يجمع كل الفرقاء بما فيهم الخصوم المتهمين بالتزوير وبرعاية رئيس مجلس الرئاسة جلال الطالباني الذي يصف نفسه الساهر على حماية الدستور ويضع كل الحيثيات امامهم ويتفقوا على صيغة تحفظ العملية الانتخابية من التلاعب والتزوير  بدلا من ان يكون التناحر من على شاشات التلفاز، ومع كل هذا وذاك رفضت المفوضية هذه الطلبات معلنة بان لا ادلة على هذه الاتهامات ؛مع ملاحظة ان قياديين من دولة القانون زارا في اليوم الثاني لوصول الصناديق الى المركز الوطني للعد زارا شعبة ادخال النتائج النهائية الى الحاسبات الامر الذي اثار استنكارا من القوى الاخرى ولم يبد هذان القياديان اي تذمر من عمل هذه الشعبة واثنيا على عمل المفوضية ؛استمرت المفوضية في رفضها القاطع اعادة العد اليدوي رغم طلب الرئيس طالباني باعادة العد لبعض من المراكز او المحطات وايضا رغم الالة  الاعلامية  التي وجهتها دولة القانون ومع محاولة تأليب الناس في الجنوب والوسط باخراج بضعة عشرات من انصار حزب الدعوة الى الشارع وقد ترافقت مع لقاء صدر منه تحذير من تسع محافظين للمفوضية بان الامور لن تستمر على حالها ان اصرت على موقفها الرافض هذا، كان هذا اللقاء في النجف الاشرف، اعقبه اجتماع رؤساء مجالس هذه المحافظات كان ماصدر عنه اشد من لهجة المحافظين فقد هددوا باعلان اقليم الوسط والجنوب، ولااجد تفسيرا سواء من الناحية السياسية او من الناحية القانونية يبيح لهم التصرف وبهذه الصورة علما ان اغلب المجتمعين ان لم يكونوا جميعهم من دولة القانون، واين هم الساهرون على الدستور، واين هم حماة الدستور من هذا التصرف، وانا هنا اريد ان اسأل السيد المالكي لو كان هؤلاء المسؤلين من انصار (العراقية)والدعوة صدرت لصالح هذه القائمة، اقول ماذا يكون رده حينها حيث اكاد اجزم بانه لايستطيع كائنا من يكون ان يصده من مجابهة هؤلاء بكل مايملك من قوة وادوات قمع بحق من يهدد ويخرق الدستور فلا يحق للحكومة المحلية ان تتدخل في الشان المركزي وهو بطبيعة الحال مبدأ صحيح  لكن هي الازدواجية في الاحكام والمواقف، استمرت المفوضية على موقفها متكئة على موقف ممثلية الامم المتحدة بتأكيدها على نزاهة عمل المفوضية وشفافيتها في رفض مكشوف لطروحات دولة القانون ورئيسها منكرة عليه ادعاءات التلاعب في النتائج وهكذا لم تلق هذه المؤسسة الرسمية بالا لادعاءات اعلى سلطة في العراق، ادخل اصرار  المفوضية  بالمضي في منهجها المرسوم لها بطريقة العد، ادخل السلطة في مأزق وجعلها محط تساؤل حول قدرتها ومقدرتها بتحمل مسؤليتها في حماية مصالح الناس.حان موعد اعلان النتائج وتبين تقدم العراقية ب91مقعدا بفارق مقعدين عن دولة القانون التي حصلت على 89مقعد، على اثر ذلك ظهر السيد المالكي ليعلن عدم اعترافه بالنتائج واعتبرها غير نهائية مكررا الاقوال السابقة حول التلاعب في النتائج، وهذه مفارقة لم تحدث حتى في اكثر البلدان تخلفا فبدلا من ان يدافع عن سير العملية الانتخابية اتهم القائمين عليها بتزوير النتائج، والمفارقة تأتي لانه رأس السلطة ومن واجبه كشف المتلاعبين فورا وتقديمهم للعدالة كما ان  من واجبه تهيئة الاجواء الملائمة لسير العملية بوضوح، وكما مر سابقا بعد ان يحيط جميع الفعاليات السياسية بما جرى.

تصرف القياديون في دولة القانون بعد اعلان النتائج بسلوك المصدوم والمأزوم ان لم اقل المنهار في حراكهم السياسي وتصريحاتهم، فبعد يومين او اكثر بقليل ظهر رئيس الوزراء من على شاشة العراقية ليعلن ان الامر قد انتهى وان ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني اتفقا على تكوين كتلة نيابية واحدة وان رئيس الوزراء سيكون منها وهو يعلم ان الائتلاف الوطني الذي يضم التيار الصدري وقد حصل مرشحوه على 6.% من حصة الائتلاف الذي شن عليهم اشرس العمليات العسكرية في البصرة ومدينة الصدر والشعلة وواسط وميسان وقد وصفهم في مرة من المرات بانهم اشبه بالقاعدة بل هم اسوأ من القاعدة، وكذلك المجلس الاعلى الذي اتهمهم باقذع الاتهامات بتعطيل مشاريع الحكومة الخدمية بحجة ان لاتستخدم الحكومة هذه المشاريع لاغراض انتخابية، وبموازاة ذلك سارع عدد من قيادات دولة القانون او بالاحرى قيادات الدعوة ذلك ان الفصائل الاخرى اشبه بضيوف شرف على القائمة، اقول سارع هؤلاء بالسفر الى ايران  للقاء السيد مقتدى الصدر والذي اضطر لترك البلاد بسبب مضايقات حكومة حزب الدعوة له والتضييق عليه، لابل وصل الامر بهم الى اصدار مذكرة اعتقال بحقه قبل ايام قلائل من الانتخابات للتأثير على الحالة العامة في العراق فهم يعرفون ان السيد مقتدى الصدر تقف خلفه اكبر القواعد الشعبية في البلد ولذلك سوف لن تمر قضية الاعتقال في حال تنفيذها بحق السيد مقتدى الصدر حين عودته من منفاه الذي  اضطرته حكومة السيد المالكي اليه، وقد تنبهت قيادات مكتب السيد الشهيد الصدر لهذا الامر واعلنوا ان في الامر غاية للبقاء في السلطة من خلال اثارة القلاقل بسبب هذا القرار لان الحجة التي ستثار هي عدم امكان اجراء انتخابات في ظل اضطراب الوضع الامني المتردي، وكما اعلن السيد المالكي عن الكتلة الاكبر من الائتلافين اعلن اعضاء دولة القانون من ايران عن حسم الموضوع وان لاخط احمر على السيد المالكي، الامر الذي نفته قيادات الائتلاف الوطني واعتبرت هذه التصريحات سابقة لاوانها، لا بل اكدت هذه القيادات ضرورة جلوس الكتل حول دائرة مستديرة للخروح من المأزق الذي وصل اليه العراق وهذا المأزق ليس بسبب دعاوى التزوير بل بسب النتائج المتقاربة والتي كرست الاصطفافات القديمة، حيث نجد القائمة  العراقية وباستثناء حركة الوفاق ان اكثر اعضائها هم من يمثلون التوافق في الدورة السابقة حتى ان احد قيادات هذه الجبهة اكد بانهم ماعادوا يمثلون سنة العراق  وذلك لانضمام اكثر قيادات التوافق الى العراقية بالاضافة الى عرب الموصل وكركوك، وكذلك حصل الائتلافان على 16. مقعد مما يعني اصطفافا بصورة من الصور وهناك الاكراد الذين لهم خصوصيتهم، والسبب الاخر هو محاولة الاستئثار بالسلطة لان المشروع هو للاستيلاء عليها وان ضاعت لابقاء لهم على الساحة لافتقارهم لبرنامج اصلاحي او قل لتخليهم عن البرامج الاصلاحية، اما كيف تكرست الاصطفافات والتخندقات، يعود السبب الى قانون الانتخابات نفسه، وللاسف سمعت السيد وائل عبد اللطيف يقول ان الشعب طالب بالقائمة المفتوحة وان الشعب ورطهم بهذه النتائج وهذا افتراء على الشعب لان السبب هو اصرار الكتل والنواب على هذا القانون المعقد ليضمنوا فوزهم فقط.والان ماذا بعد ؟ بسبب دعاوى التزوير حدث شرخ من الصعب مداواته وتجذرت عوامل فقدان الثقة بين العراقية ودولة القانون وكلاهما يمثلان طيفا ومكونا واسعا من الشعب العراقي، فان كلف اياد علاوي بتشكيل الحكومة سيشعر جمهور دولة القانون وهو واسع بالحيف والظلم، وان كلف المالكي او غيره من القائمة سيشعر جمهور العراقية بعملية سرقة للنتائج، وان شكلت حكومة شراكة كما يطالب الائتلاف الوطني ستكون هذه التشكيلة مشلولة بطبيعة الحال لانها كلمة مهذبة لحكومة المحاصصة التي اخترعها المحتل، وفي هذا الصدد اجزم ان ماتقدم بالاضافة الى الاسباب الي ذكرت حول وقوعها فان المحتل واملاءاته على الكتل سواء في صياغة الدستور او في تشريع قانون الانتخابات او في التفاصيل الصغيرة والكبيرة هي السبب الاول والرئيسي في هذه الحالة.

نستخلص مما تقدم ان الحكومة في العراق ضعيفة من اكثر الجوانب، وقوية من جانب واحد، فاما الضعف فان رئيس الوزراء لايستطيع ان يقيل وزير او يقوم عمل وزير، ولا يستطيع ايضا ان يتحمل مسؤليته ويوقف الممارسات الخاطئة التي تصدر من بعض (الساسة ) المشاركين في الحكومة ويتصرفون وكأنهم من حكومة اخرى تابعة لبلد اخر، وايضا يوقف القفز على الصلاحيات وخصوصا في مايتعلق برسم وتنفيذ السياسة الخارجية، واقامة علاقات وزيارة دول الجوار دون تنسيق مع السلطة التنفيذية المسؤلة عن رسم وتنفيذ هذا الملف وقد مر ذكر نموذج من هذه التصرفات،  وكذلك من صور الضعف ذكر المالكي ان الامم المتحدة بتواجدها في المركز الوطني للعد التابع للمفوضية هو بطلب من الحكومة العراقية للمساعدة في اخراج العملية الانتخابية الاانه والقول للمالكي اصبحت هذه الجهة او من يمثلها صاحبة قرار في هذا الشأن حتى انه قال قد اخبرت السيد ميلكرت عن كل ماحصل لكنه لم يقتنع، اقول الم يستطع السيد المالكي ان يخطو خطوة مثلا باتجاه الامين العام للامم المتحدة ويطلب منه ايقاف ممثله عن هذه التصرفات وهذا اضعف الايمان، مع العلم ان دور ميلكرت هو استشاري حسب قول المالكي نفسه وبطلب من حكومته، اما قوة الحكومة ورئيسها فهي في ضرب ابناء الشعب واعتقالهم وتنفيذ رغبات المحتل، اما لماذا الضعف وحتى لا اكون متجنيا اقول ليس الضعف في حكومة المالكي فقط بل ان راعي العملية السياسية واعني المحتل اراد ان تبقى الحالة السياسية عموما في العراق بحالة من الضعف ولاسباب اكثر من سياسية وعسكرية لامجال لذكرها الان ، واولى صور الضعف هذه هي مبدأ المحاصصة، هذا في الداخل، اما في العامل الخارجي فابقاء العراق تحت مظلة البند السابع من قرارات مجلس الامن يجعل الحكومة العراقية تحت رحمة المحتل،  ولو ارادت امريكا فعلا ان تجعل من العراق بلدا قويا وكما زعمت انها جاءت لتحرره لفرضت على مجلس الامن قرارا يلغي هذا القيد عن العراق .

اما الحل في الغاء الاصطفافات وان كان بعيد المنال فانه ليس بمستحيل على ان يكون بعيدا عن المحتل وارادته، وهو بتوافق كل فعاليات الشعب العراقي على النظام السياسي وشكل الحكم، وان يكون النظام رئاسي ينتخب الرئيس مباشرة من الشعب، وبهذا يكون ممثلا له باجمعه لا لمكون محدد، يطرح افكاره للجماهير مباشرة دون حواجز او عقد وهذا يتطلب جهدا وتكاتفا ونضالا طويل الامد.

 

رائد عبد الحسين السوداني

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1371 الاحد 11/04/2010)

 

في المثقف اليوم