أقلام حرة

هل زفّوا اليك "جرح غزة؟".. لشيخ الشعراء ابن مصر محمد الشهاوي

وما عاد يشفيني، ولا عادت النوارس الفاردة أجنحتها فوق رمل حيفا ترطّب شفة الورد، كيف زفّوا لك قتل غزة؟ كيف نامت بين أصابعك كطفلة ذات مساء، والآن يا سيّد الحلم بالعدالة، وبالحرية، يا سيّد الوقت الذي فقد نبض الدقائق،، أدري أنّ حلمك يتصدّع وتقف في غربتك على أطلال الاحتراق ترقب " طائر الفينيق" أن يخرج من بين الرماد، هل ستهون المسافات لتعبث بشعر طفلة الندى على شاطىء غزة؟ من أين سيأتينا الصداح والبلابل غادرت مآقينا، والوتر يعزف نشازا، والضمير الغائب لعروبتنا " الباهرة الذكية" ينام على أسرّة من حرير وعلى وسادات من ريش النعام؟ من أين سيأتينا " ضوء الفنار" وشاطىء عكا قد تناثرت رماله، لولبية، كسحابة تتشكّل على أقواس نصر من دخان،، من أين سترى ضوء الفنار وبين عكا وحيفا وغزة يقف قراصنة الليل يرصدون (حورية البحر) التي كانت ذات عشق تعرف الحب، ولون اللازورد، وشهقة العشاق، ورائحة الفجر، من أين سيأتينا النواح، وقد بحّ الصوت في حنجرة الحرية والتحف المساء بردائه الحزين . من أين سيأتينا الحزن وقد فارقنا وملّ صوت الرعد، ملّ الرقص على عتبات القهر، يبحث عن ملاذ ليعرّي نفسه من وهم الحلم الغافي على موائد الزعماء .

يا قلب الاغتراب والرفض، أيّها الآتي من هرم تسحّر في أروقة المعابد، اعتلى الحزن وسافر في حوارية الليل والنهار، لقد تكسّرت الأبواب فاتبع ظلّك، اتبع حلمك، اتبع نزفك، اتبع انتمائك للماء والصحراء، للسهل والجبل، للطير وللبشر، ألم تكن تردّد يوما :

 

                         اتبعيني ....

                        اتبعيني لبلاد لا يموت المرء فيها مثل نملة

                        اتبعيني ...

                        اتبعيني انّني أحمل في قلبي ( من صمتك يوما بعد يوم)

                           ....     ألف علّة .....!

هذا هو الوطن اذن سنبحث عنه بين ذرات التراب، بين تجاعيد العمر، بين قطرات المطر، وبين سلاسل العشق بوجهه الجميل،، كم من الوقت نحتاج لنلملم عراء البطولات الواهية، كم من الوقت ليصير الوقت رهينة العناوين الصباحية في صفحة الأخبار؟ كم وأنت من غنّى وصدح للغريب في وطنه، وللبحر في منفاه، لبرتقال يافا، ومدينة العرب الفاضلة، لمحمد الدرة، لبراعم الجمر، لفيروز وزهرة المدائن، وللقصيدة النابتة داخل جرح من أرجوان : " والى القصيدة وردة جرح / وغزالة حلم / واشراقات توحّد" . من أين سنعبر والبحر محاصر،، وغزة تفرد شالها الفضيّ على خاصرة من نار، وملمس الطحلب لزج في مساءاته العابثة؟ هل هناك ستبني مدينتك الفاضلة؟؟ وبينك وبين الحرية " سيف المسافة " و" سبعة أبحر" و" صحراء من أعين الرقباء" وتقول : تفيض مجلات زيف ورجس صحافة / ولكنّها دون ماء / وها أنذا أصنع الفلك منتظرا / أن تفتح أبواب نافورة الحلم في الأرض". سافر يا صديقي، سافر فعيون غزة تنتظر " زهرة اللوتس ترفض أن تهاجر" ..!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1422 الاربعاء 09/06/2010)

 

في المثقف اليوم