أقلام حرة
خفايا لم تعلن بعد / ابراهيم زيدان
اذ انهم سيبقون من بعده يتامى لااحد ينظر في حالهم الذي سرعان ماسينكشف عنهم الغطاء وتضربهم شمس الصيف اللاهبة بحرها فتبدو وجوههم كالحة تستوجب الوقوف عندها لتبيان ماخفي ومااعلن .
يومان فقط هي المسافة الزمنية مابين اعفائي الذي اثار استغراب وسائل الاعلام التي كانت تتصل بي للتصريح عن وضع الكهرباء بصفتي مديرا لاعلام الوزارة وناطقها الاعلامي بلا امر وزاري، وكلما طالبت الوزير باصداره اجابني: (وهل اندك بك واحد) اي هل تعرض لك احد؟ (بربكم هل هذا كلام يصدر عن مسؤول بمقام وزير في الحكومة)؟
وخلال مدة مسؤوليتي المؤجل اصدار امرها الوزاري الذي بقي مع وقف التنفيذ، كانت هناك مجموعة تطبخ للعودة الى كرسي الرئاسة اقصد رئاسة قسم الاعلام، وقد شممت رائحتها في حينها وابلغت الوزير تحريريا بما يجري ويعد من بعض المقريبن له مستغلين ثقته بهم لاقتسام الكنز الذي لم اصل اليه مع الرجل الذي كان قد وضع يده عليه طيلة سنوات مسؤوليته عنه ولكنه بوغت باعفائه من منصبه بعد ان شعر الوزير بوطاة مايفعله هذا المسؤول ومايرتكبه بفضل دعمه له، ولان اعفائه كان مفاجئا له هذه المرة، فقد اعتاد وهو المسؤول المدلل عند سيده ان يدعوه مثل كل مرة ويربت على كتفيه ويمنحه مكافأة لقاء سكوته، والمكافاة سخية وبدرجة خمسة نجوم يستجم فيها في احدى الدول تحت ستار الايفاد الرسمي مع احد وفود الوزارة، وقد نال من الايفادات مالم ينله غيره من العاملين في الوزارة طيلة السنوات الماضية، حتى اصابه الدلال هذا بفقدان التوازن يوم وصل الى ترقيته الى درجة وظيفية وعنوان اعلى فراح يتخبط في سلوكه مع الجميع وصار لديه كل مدعبل (مدور) جوزا على قول العراقيين، وبلغ من الطغيان عتيا حتى اضطر العاملين معه الى التضرع لله تعالى بالخلاص منه عدا نفر ضال كان يبخر له منافقا داعيا له ببقاء مصالحهم .
ويوم كهرب بعض افراد حمايته الجو مع بعض الاعلاميين الذين حضروا لتغطية مؤتمره في بابل، افترى احدهم علي مدعيا انني حرضت معاليه عليهم فراحوا يرددون نشيد الضلالة لعلهم يؤلبون معاليه علي فيبعدوني عن دائرة نفوذهم التي دارت عليهم فيما بعد، اذ ان المكر السيىء لايحيق الا بأهله، ثم استمرت الطبخة حتى ارتفع دخانها هذه المرة وشمها القاصي والداني وراح القريبون مني يطالبونني بالتدخل لدى معاليه لقطع الطريق على اللصوص، فاجيبهم لاشان لي بما يدبرون، فمعاليه على علم لو كنتم تدركون، دعوهم يصلون الى الكنز والله تعالى بالمرصاد لكل عمل حرام، وهم يردون علي غاضبين ولكن هؤلاء ان عادوا سيؤذوننا جميعا لانهم فاسدون ونحن اخترناك اخا كبيرا لنا، ولكن ماذا افعل ؟ معاليه يعلم بذلك جيدا وقد نبهته الى مايحدث ولااظن وان بعض الظن اثم بان الوزير سيسمح بتمرير هذه الصفقة الا اذا انطلت عليه اللعبة من اقرب الناس اليه بكلمة حق يراد بها باطل، او تركها تمر ليراقب بنفسه ماسيحدث ليضبط الجميع متلبسين بالكنز المسروق .
وجيء بالبديل الذي ابلغنا عنه ليكون واجهة لمن سولت له نفسه امرا باطلا، ليتخلى البديل هذا عن راتبه الذي هو ضعف ماسيتقاضاه هنا تاركا بقية امتيازاته للفقراء من ذوي البطاقة التموينية ليثير اكثر من علامة استفهام عنه ، وحدث ماكنت قد نبهت اليه واعفيت في يوم عطلة دعيت فيها الى مقر الوزارة، ليباشر البديل في يوم العطلة الرسمية ، خشية ان يحدث مايقلب الموازنة، كان يعود معاليه عن قراره هذا فيفشل مخططهم كما فشل من قبل، ولكن هذه المرة تحقق لهم ماارادوه في وضح النهار، فاستقبلت ذلك برحابة صدر فاجأتهم، وكانوا يتصورون انني سادعو الى تظاهرة غاضبة كتلك التي احرجت رئيس الوزراء واضطرته الى دعوة وزير الكهرباء الدكتور كريم وحيد الى تقديم استقالته على مضض، ولو كنت من ذوي الاحزاب لما دبروا امرهم بليل للعودة الى كنزهم قبل ان اصل اليه، ولكن قابل الايام سيحمل الكثير من المفاجآت غير السارة للكثيرين فما بني على باطل باطل لو كانوا يعلمون ولايفلح الباطل حيث اتى، وسيندحر الباطل لوكره الفاسدون، ولكنهم لم يكتفوا بهذا بل عمدوا الى اختلاق اكاذيب نسبوها لي لتازيم العلاقة بيني وبين الوزير المستقيل الذي كنت طيلة عملي معه اره اخا كبيرا على الرغم من تحذير الآخرين لي بعدم الوثوق به، فهو يقرب اليه من يستفيد منهم وحين تنتهي مدة صلاحيتهم يتخلى عنهم في منتصف الطريق، فهل حدث معي ماكنت لم اتوقعه، ام انني مازلت اراهن على ان الدنيا بخير رغم القيل والقال والنفاق والفساد السياسي الذي يزكم الانوف؟
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1438 الجمعة 25/06/2010)