أقلام حرة

العيــــد / حميد طولست

وفي مثل هذه المواسم يعلن التفاوت الطبقي عن ضراوته، ويكشرالتميزالفئوي عن أنيابه، فترى الغني الميسور غير آبه بتكاليف العيد ونفقاته التي تضيع معها مجاديف الفقراء ويئن تحت سياطها المغبونون؛ و في هذا الخضم  يعيش الميسورون فرحة العيد بكل تجلياتها، مطمئنين سعداء بأكباشهم السمينة القرناء، ولذائذ حلوياتهم الشهية المتعددة، وتقافز أبنائهم من الحبور والغبطة. في حين يرزح خاوي الجيوب في غم التفكير في كيفية جلب خروف يُسكت تصايح أطفال محرومين، إستبد بهم الشوق إلى لحم طري لذيذ غاب عنهم طوال العام.

يحتار الفقير في أمره؟ كيف يدخل الفرحة على عياله؟؟؟ يقلب النظر في أرجاء مسكنه  الذي لم يؤدي بعد كراءه، ثم يرجع البصر كرتين فيرتد إليه المظر خاسئا وهو حسير من خواء بيته من أي متاع  يباع، تلفزة مهترئة كثيابه، دولاب معطوب كأيامه، حصير مثقوب كجيوبه، لاشيء يمكن أن يباع أو يقايض، ولاشيء في هذا الجحر يمكن أن يرهن على الإطلاق اللهم الأولاد؟ فمن يشتري الأولاد؟؟وهم كثر في هذه البلد السعيد. بعد تفكير عميق، وتمحيص دقيق قرر الإنتحار تفاديا للعار، واتقاءا لصياح الصغار. إرتدى ثيابه الحائلة، ومسح حذاءه المنخور بطرف سرواله المبهدل، وخرج مهرولا جهة مكاتب السلف، فألقى بنفسه في التهلكة، ورهنها للشنق شهورا طويلة مقابل رضا الزوجة وسعادة الأولاد، يالها من تعاسة مفرحة.          

                                                              حميدطولست[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1568 السبت 06 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم