أقلام حرة

مجلس النواب العراقي مطالب بالتصويت على السفراء الأكفاء

أمره أخيرا لمناقشة هذه القضية الأسبوع المقبل  للموافقة على أربعين سفيرا عراقيا ، ولذا نقول له بأن : علم الدبلوماسية يعتمد على علوم عديدة، منها علم السياسة. والسياسيون معنيون كثيراً بعلاقة دولتهم بمحيطها الخارجي، وهناك حالات عديدة تقتضي ممارسة السياسي لعمل الدبلوماسي، ويحدث عندها تداخل بين السياسي والدبلوماسي، فمن الضروري مثلاً حضور رئيس الوزراء ووزير الخارجية أو غيرهم من رجال الحكم في اجتماعات ومؤتمرات ومفاوضات معينة لها أهمية أو ظروف خاصة.

ولكن في الظروف العادية يقتضي ترك ممارسة هذا العمل لرجال مختصين بهذه المهنة، لهم من الدراية ما يؤهلهم للحصول على كثير من المصالح لدولهم، خصوصاً إذا كانوا متخصّصين في مجال القانون الدولي العام، ومؤهلين لممارسة الدبلوماسية وفن التفاوض، وعلى إطلاع كامل بثغرات وعيوب القواعد الدولية.

فعندما تتعقّد الأمور بعد نشوء الخلاف حول تفسير المعاهدات مثلاً، يقتضي وجود دبلوماسيين لهم من الخبرة والدراية والذكاء لحلّ الأزمات.

ومن المعروف أنّ القانون الدولي العام يأخذ مثلاً بـ(مبدأ حسن النية) في تفسير الاتفاقيات الدولية، للبحث عما توخته الدول في اتفاقياتها، ولذا فإنّ الدول تحاول في كثير من الأحيان أن تثبت (حسن نواياها) حتى لو كانت نواياها عكس ذلك، مما يجعل التعامل الدولي يضيع في متاهات مصلحية بحتة، يقتضي لحلها الاستعانة بدبلوماسيين محنّكين لهم دراية واسعة بالقواعد الدولية، وإطلاع بثغرات القانون الدولي، وفهم وذكاء لتطويق الأزمات حفظاً لمصالح دولهم .

وينصبّ عمل المفاوضات على تجنّب إثارة المنازعات، وتسوية المشاكل والأزمات، والتنسيق لعلاقات مستقبلية جديدة، كما أنها تمهّد لعقد المعاهدات سواء كانت ثنائية أم شارعة، وإبرام الاتفاقيات.

وقد تنوّعت التعاريف لتوضيح معنى الدبلوماسية، لكنها اتفقت من حيث المضمون، فالكاتب الإنكليزي (هارولد نيكولسون) يعرّف الدبلوماسية في كتابه (الدبلوماسية) بأنها: (إدارة العلاقات الدولية عن طريق التفاوض، والأسلوب الذي تنظم وتوجّه به هذه العلاقات بواسطة السفراء والمبعوثين، وعمل الدبلوماسي وفنه).

أمّا الأستاذ الفرنسي (ريفييه) فعرّفها بأنها: (علم وفن تمثيل الدول والمفاوضة).

والتعريف الأخير جمع بين (العلم والفن)، كعلم لأنّ من يمارس الدبلوماسية يقتضي فيه الدراية والمعرفة بالقانون الدولي العام، والعلاقات القانونية والسياسية الدولية، والإحاطة بالمصالح الخاصة للدول وعاداتها وتقاليدها، والإلمام بالقواعد القانونية للمعاهدات التي ترتبط دولته بها.

والدبلوماسية في النهاية فن لإدارة مختلف القضايا والنشاط الدولي، والمقدرة على التوجيه والإقناع، ومتابعة التفاوض بذكاء وحكمة وحذر.

ومع الأسف الشديد هذه الأمور لا وجود لها في عقلية السياسيين الذين يرشحون أسماء مقربة من أحزابهم كسفراء وقناصل ومستشارين، ولذا نجد أن أكثر سفاراتنا بالخارج يقودها ويسيرها أناس افرز تهم المحاصصة السياسية، وكثير منهم من البعثيين، أو لا دراية لهم بعلم الدبلوماسية وفن التفاوض، وهذه هي الكارثة التي إذا لم يتلافاها مجلس النواب سريعا سيفقد العراق مصالح دولية عديدة، ناهيك عن معاناة العراقيين بالمهجر من سفارات وسفراء ودبلوماسيين لا يجعلون كرامة العراقي بالمرتبة الأولى .

 

الدكتور قاسم خضير عباس

متخصص بالقانون الجنائي والعلاقات الدولية

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1108  الثلاثاء  14/07/2009)

 

في المثقف اليوم